اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالجدل فور إعلان نبأ وفاة الممثل
المصري خالد صالح، حول مواقفه السياسية، حيث تباينت الآراء بين مؤيدين له حزنوا على موته من جانب، وبين رافضين لمواقفه غير مكترثين بوفاته أو حتى شامتين من جانب آخر.
وكان صالح قد فارق الحياة عن عمر يناهز الخمسين عاما، الخميس الماضي، بعد إجرائه عملية قلب مفتوح، بعد مشوار فني استمر نحو 14 عاما، قدم خلاله العديد من الأدوار في السينما والتليفزيون والمسرح.
وأعاد نشطاء مناهضون للانقلاب التذكير بمواقف صالح المعادية لهم، ومن بينها تأييده للانقلاب، ومشاركته في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 التي مهدت للإطاحة بحكم محمد مرسي، أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، وتصريحه الشهير بتأييد فض اعتصام رابعة بالقوة، وأنه كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر.
راض عن قتل المتظاهرين
وكان صالح من بين الموقعين على استمارة "تمرد"، وظهر في فيديوهات وهو يهتف ضد الرئيس مرسي وجماعة الإخوان، ويطالب برحيلهم عن الحكم، كما شارك في اعتصام الفنانيين والمثقفين داخل مقر وزارة الثقافة، والذي منعوا خلاله وزير الثقافة وقتها من دخول مكتبه بدعوى انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين.
وبالرغم من تراجعه قليلا عن هذا الموقف بعد عدة شهور، حيث أبدى حزنه -في أحد لقاءاته التلفزيونية- على الضحايا الذين سقطوا خلال فض الاعتصام، لكنه لم يوجه أي لوم لقوات الأمن التي قتلت المئات في هذا اليوم، وانتقد فقط قادة الإخوان.
وحتى الأسابيع الأخيرة من حياته، ظل صالح على تأييده للسيسي، وشارك في حفل تنصيبه رئيسا للجمهورية، ولم يعرف عنه حتى وفاته تراجعه عن دعم النظام الحاكم.
وتناولت صفحات في "فيسبوك" والمواقع الإخبارية المتعاطفة مع الإسلاميين عموما، خبر وفاة صالح بشكل تفاوت بين التقليل من شأنه، ووصلت إلى درجة من الشماتة.
ونقلت صحف مؤيدة للانقلاب بعض التعليقات على خبر الوفاة لناشطين، أظهروا فيها كرههم لصالح بسبب مواقفه، وذكروا الناس بتفويضه للسيسي لقتل المسلمين السلميين، وأنه الآن "بين يدي ربه ليحاسبه على تأييده للظالمين".
متدين وثائر ضد مبارك
وفي مقابل هذه الانتقادات، وفي محاولة للدفاع عنه، وتحسين صورته، عبر إظهاره بمظهر المتدين، أعاد عدد من النشطاء نشر فيديو لمشاركة قديمة لصالح في برنامج ديني للداعية مصطفى حسني، يبعث من خلاله رسالة حب للنبى محمد عليه الصلاة والسلام.
وخلال الفيديو، أكد صالح أنه تربى منذ صغره على حب النبي عليه الصلاة والسلام لأنه تعلم في مدارس دينية أزهرية، درس خلالها سيرة النبي وأحاديته الشريفة، وكان يحاول تطبيقها.
كما نشروا صورا وفيديوهات تظهر مشاركة صالح في ثورة كانون الثني/ يناير 2011، وتواجده في ميدان التحرير.
وكتب المرشح الرئاسي السابق، خالد علي، عبر "فيسبوك"، قائلا: "تدفقت موهبتك لتبهرنا بأمتع فنون
التمثيل، واحترمت فنك وجمهورك، ففرضت احترام الجميع لك، وداعا أيها الفنان القدير، وداعا صالح".
وقال الناشط القبطي رامي جان: "خالد صالح افتكرتك بكل خير، أفتكر هتافك في التحرير، أفتكرك بالرحمة لفنان، ومصري بجد".
وعلق البرلماني السابق والإعلامي مصطفى بكري على رحيل صالح، قائلا: "رحم الله الفنان خالد صالح الذي وافته المنية بعد صراع مع المرض -كان فنانا مبدعا، وكان إنسانا بكل ما للكلمة من معنى- العزاء للأسرة، ولكل محبيه"، مضيفا: "كان إنسانا جميلا ومتفاعلا مع قضايا وطنه وأمته".
متخصص في الأدوار المعقدة
ولد خالد صالح في القاهرة، وبدأ التمثيل من خلال مسرح الجامعة، ومثل في مسارح الهواة لفترة طويلة قبل أن يدخل عالم السينما في عام 2000، وهو في سن 36، ليعرف طريقه إلى عالم الشهرة سريعا بسبب براعته في أداء الأدوار المعقدة.
ومن الأشياء التي أثارت لغطا كبيرا حول شخصيته، وجود حساب على "تويتر" يحمل اسمه، يعلق على الأحداث السياسية، وفي كثير من الأوقات كانت مواقفه مؤيدة للشرعية وللإخوان، لكنه أكد في أكثر من تصريح صحفي عدم امتلاكه أي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه لا يجد وقتا للتعليق على الأحداث السياسية.
وبالإضافة للأعمال الدرامية العادية، اشتهر صالح بتقديم الأفلام السينمائية السياسية التي ناقشت الأوضاع في مصر قبل وبعد "
ثورة يناير"، من بينها "هي فوضى" و"فبراير الأسود" و"عمارة يعقوبيان" و"تيتو".
وتنوعت أدوار صالح السياسية بين رجل الشرطة الفاسد الذي يستغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية، أو المسؤول الحكومي الكبير بالحزب الحاكم الذي يتلاعب بالانتخابات، أو دكتور الجامعة الذي يكافح من أجل نشر الوعي السياسي بين المواطنين.
وقدم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية، منها "أحلى الأوقات" و"حرب أطاليا" و"عمارة يعقوبيان" و"الريس عمر حرب" و"أحلام حقيقية"، و"ابن القنصل"، وآخرها فيلم "الجزيزة 2" الذي سيعرض الأسبوع المقبل.