الاقتصاد أبرز ضحايا
العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة، هذا ما قالته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وأبرز الخاسرين حسب الصحيفة قطاع
السياحة.
الصحيفة كشفت أن تكلفة كل يوم قتال بالنسبة لجيش الاحتلال تبلغ حوالي 35 مليون شيكل (نحو 10 ملايين دولار)؛ وتنبع التكاليف الأساسية لجيش الاحتلال من الغارات التي يشنها سلاح الجو على قطاع غزة، والأسلحة المتطورة التي يستخدمها، بحيث أن كل هجوم تشنه أربع طائرات قتالية يكلف عدة مئات الآلاف من الدولارات.
إ
سرائيل تعاني من آثار عدوان 2008
ويوضح مدير مركز الدراسات المعاصرة في أم الفحم صالح لطفي لـ"عربي21"، أنه يمكن تقدير الآثار الاقتصادية على الاحتلال بسبب الحرب من خلال عدة معايير تخص المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة الإسرائيلية، منها المعيار السكاني ومستوى المعيشة، والمعيار الثاني هو المعيار الأمني ويخص الحالة العسكرية العامة، والمعيار الثالث هو معيار حركة الاقتصاد في الدولة.
فبالنسبة للمعيار الأول برأي لطفي، هناك تصريحات رسمية تتحدث عن خسائر فادحة في كثير من القطاعات الاقتصادية، وأبرزها السياحة، وفي القطاع الزراعي هناك خسائر فادحة في الجنوب خاصة في المناطق التي تكثر فيها الزراعة، وفي القطاع الصناعي الحديث يدور عن خسائر تقدر مبدئيا عند البحث الدقيق بنصف مليار دولار والخسائر الفعلية إذا تم حسابها تبلغ أضعاف ما يتم الإعلان عنه رسميا وهذا يشكل عبئا كبيرا على المؤسسة الاقتصادية الإسرائيلية.
أما فيما يخص خسائر الجانب العسكري فإن كل قذيفة تطلق على قطاع غزة تكلف 50 ألف دولار، وبالتالي تقدر الخسائر العسكرية بأكثر من مئتي مليون دولار حتى الآن من القذائف التي أطلقت على القطاع فضلا عن بقية الأنشطة العسكرية واستدعاء جنود الاحتياط وتحريك الدبابات التي تكلف الدولة أموالا طائلة.
أما الأمر الثالث، فبرأي الباحث هو المهم، وهو أن "الحرب ستنقشع عاجلا أم آجلا، فالمعروف أن إسرائيل نفسها قصير وعلى الأكثر ستستمر شهرا، وستتكبد خسائر فادحة للمؤسسة الإسرائيلية، وأنا أؤكد ان المجتمع الاسرائيلي في الجنوب والوسط ما زال يعاني من اثار حرب 2008 من الناحية الاقتصادية هناك مديونيات هائلة للبنوك على سكان الجنوب، وطالبوا عبر سلطاتهم المحلية الدولة بإلغاء ديونهم وبالتالي خلال هذه الحرب سيكون هناك مديونيات عالية جدا وتتراكم على المديونيات السابقة للسكان، وفي المجمل العام سيؤثر في ميزانية الدولة، وستقوم وزارة المالية برفع الضريبة على السكان العاديين، وبالتالي سيترجم الى نوع من البطالة والكساد الاقتصادي في المرحلة القادة، خاصة اننا بدأنا نقرأ ونسمع عن خروج استثمارات اجنبية كبيرة من الجنوب والوسط وبالتالي هذا يؤثر على الاقتصاد الاسرائيلي بشكل كبير سواء على حركة الاقتصاد العامة او على المستوى المعيشي للسكان، حيث اجرت القناة الثانية مقابلات مع متضررين من الحربين السابقتين ولم يتم تعويضهم حتى الان، ومعنى ذلك ان الازمة ستضاعف ولا استبعد في ظل الوضع الاقتصادي الصعب ان يكون هناك حالات اجرام".
أكثر من 100 مليون خسائر يومية
بدوره قال محاضر الاقتصاد في جامعة النجاح نافذ ابو بكر، إن هذه الحرب كغيرها من الحروب عام 2008 وعام 2012 على غزة وعام 2006 على لبنان، تكبدت خلالها اسرائيل نوعين من الخسائر، النوع الاول تكلفة شن العدوان والنفقات العسكرية والجنود وتكلفة النفقات اللوجستية والطلعات الجوية والبرية، والنوع الثاني هو خسائر تعاني منها اسرائيل نتيجة ضربات المقاومة.
وأوضح في حديث لـ"عربي21"، أن الخسائر انواع، منها خسائر تدمير مباشر في البنية التحتية والمنشآت بسبب صواريخ المقاومة وثانيا خسائر القبة الحديدية، وخسائر ناتجة عن التعويضات التي طالب بها القطاع الخاص نتيجة توقف اعماله سواء كان زراعيا او صناعيا او تجاريا.
اضافة الى الكثير من مطالب التعويض خاصة لمستوطنات غلاف غزة، وهناك تكاليف القطاع السياحي الذي تأثر بشكل كبير وخسائره بملايين الدولارات.
ونوه ابو بكر بقوله: "كلما طالت ايام الحرب زادت الخسائر والتكاليف من النوعين، وكل ما زادت قوة المقاومة وضربها للعمق الاسرائيلي زادت الخسائر. وحسب تقديراتي تتراوح خسائرهم خاصة ان صواريخ المقاومة وصلت كل مناطق الداخل بحرب غزة بين 100 و125 مليون دولار يوميا، عدا عن الايام التي تسجل فيها الخسائر ضربة كبيرة مثل اغلاق مطار ليوم كامل او اغلاق فنادق بسبب الضَربات".
خسارة 40-50 بالمئة من الناتج المحلي
ويتوقع الخبير والمحلل الاقتصادي يوسف عبد الحق في حديث لـ"عربي21"، أن تكون خسارة الاقتصاد الاسرائيلي في حدود 40-50 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، في حال استمر العدوان على نفس الوتيرة وبنفس القوة.
وأوضح، أن هناك خسائر نتيجة عن تكاليف الحرب. ونوه الى أن التقديرات الاسرائيلية لا تعطي ارقاما دقيقة للخسائر الاقتصادية.
ووفق تعبيره، فان الاحتلال يعوض خسائره المالية من خلال التحالف الامبريالي، ومن خلال دعم امريكي اوروبي وبشكل خاص ألماني، وبالتالي الاحتلال لا يشعر بضيق شديد، رغم أن الاقتصاد الاسرائيلي ودعمه يشكل ثقلا على القوة الإمبريالية، التي تبحث عن حلول لحروبه ومشاكله حتى تتخلص من هذا الحمل.
3 مليارات خسائر الاقتصاد الفلسطيني
فلسطينيا، قدر وزير الاقتصاد الوطني محمد مصطفى، حجم الخسائر الناجمة عن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بصورتها الأولية بـ3 مليار دولار سواء المباشرة أو غير المباشرة مع الأخذ بعين الاعتبار أن حجم الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة( 1.8) مليار دولار بالأسعار الثابتة وهو معطل بالكامل منذ بداية العدوان على القطاع، ومازال العمل جاريا على حصر تلك الأضرار بالتعاون مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص في قطاع غزة.
وبين مصطفى خلال بيان صحفي وصل لـ"عربي21" نسخة عنه، أن وزارة الاقتصاد الوطني وبالتعاون مع شركائها تعكف على وضع برنامج متوسط المدى لإعادة اعمار قطاع غزة والذي سوف يشمل إعادة تأهيل المنشات الصناعية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي في المنطقة الصناعية الوحيدة في قطاع غزة، واستكمال المشاورات التي تجريها وزارة الاقتصاد الوطني وهيئة المدن الصناعية مع مجموعة الدول المانحة والمطورين من اجل إنشاء منطقة صناعية جديدة تتمكن من توفير فرص عمل ومعالجة مشاكل التنمية في مقدمتها البطالة والفقر.
دراسة لإعادة اعمار المطار والميناء
وأضاف، أنه سيتم العمل على تجهيز معبر رفح بمنطقة لوجستية لتسهيل حركة التجارة بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية، وهناك مشاورات لدراسة إعادة إعمار مطار غزة الدولي وميناء غزة البحري اللذان يشكلان الرافعة الاقتصادية الحقيقية لكافة روافد التنمية في قطاع غزة.
كما سيتم إعادة تأهيل وترميم وتدعيم ميناء الصيادين الذي تعرض لعدة ضربات خلال مراحل العدوان على قطاع غزة حيث يحتاج هذا لرفع كفاءة حوض الميناء وأرصفتها لتستوعب 1000 مركب صيد سمك توفر حاجات قطاع غزة (1.7) مليون نسمة من الأسماك و ثروات البحر الطبيعية الأخرى.
وفي السياق ذاته بين وزير الاقتصاد الفلسطيني، انه سيتم بموجب البرنامج النهوض بالقطاعات ذات الأولوية للعمل على تنميتها وتطويرها بأسرع وقت ممكن، خاصة القطاعات ذات الكثافة العمالية كقطاع الخياطة والملابس وقطاع الأثاث، وإنشاء صندوق لدعم وإنشاء الصناعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتي تعتبر عاملاً مهما لتوفير فرص العمل خاصة للشباب والنساء.
وأكد أنه سيتم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتنافسية الصناعية والتي تتكامل مع الإستراتجية الوطنية للتصدير، وإستراتيجية النهوض بالمنتج الوطني حيث كان قطاع غزة جزء من هذه الاستراتيجيات خصوصاً في الاستراتيجيات القطاعية الخاصة بالفواكه والخضار والأثاث و الملابس، وتحسين جودة المنتج الوطني وزيادة نسبته في السوق المحلي وبما يشمل زيادة حصته في العطاءات المركزية.
ودعا إلى ضرورة تنفيذ خطة إعادة تفعيل جميع الخدمات المصرفية، وطاقات البنوك التجارية خاصة في دعم مشاريع التنمية في القطاع كأحد أهم أعمدة البناء ولما يمثله القطاع المصرفي من أهمية كبرى في توفير أحد أهم مقومات التنمية المستدامة المتوازنة في مجالات الاقتصاد الوطني، خصوصاً أن القطاع المصرفي يعاني من عدم انتظام في عمله جراء الحصار والعدوان.