في تقرير له من القاهرة، تطرق مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية للمرشح الثاني في الانتخابات الرئاسية
المصري، حمدين
صباحي، وقال إنه المرشح الأضعف في الانتخابات، رغم أنه يعول على مفاجأة.
وتساءل توم ديل، مراسل الصحيفة عما إذا كان صباحي منافس قوي لعبد الفتاح
السيسي أم أنه مجرد أضحوكة؟
وفي التقرير الذي تحدث فيه توم ديل مراسل الصحيفة مع صباحي أكد الأخير على أهمية ما جرى من فض لاعتصامي رابعة والنهضة في آب/ اغسطس، وأنها كانت عملية ضرورية، وأن الدول العربية تقدم الدعم "كي نواصل حربنا على
الإخوان"، ويرى صباحي مثل المرشح الأقوى عبد الفتاح السيسي أن الإخوان لن يعودوا مرة أخرى للسلطة.
ودافع صباحي عن رؤيته، وهو وإن لم يوافق على تدخل الجيش في السلطة لكنه دعم التظاهرات التي أطاحت بالإخوان وتلك التي فوضت السيسي لمحاربة "الإرهاب" أي الإخوان.
وفي بداية التقرير قال ديل "يضع حمدين صباحي على مكتبه صورتين؛ والده بوجهه المجعد والفلاح الذي حرقته الشمس،
وجمال عبد الناصر، الرجل الذي ينظر إليه كأول زعيم عربي تحدى الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط".
ويضيف أن "طموحات الجماهير حملته ولخمسة عقود كناشط ومعارض، والآن وضعته وجها لوجه في سباق للرئاسة عندما يذهب المصريون لصناديق الاقتراع نهاية أيار/ مايو الحالي والتي يتوقع فيها فوزا ساحقا لوزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي والذي يبدو صارما في عاداته ومظهره وبرنامجه الذي يدعو – اجتهاد في العمل، تضحيات، وبالتأكيد التوقف عن التظاهرات".
وبالمقابل فالشخص الذي يقف منافسا للسيسي يتسم بالدفء والشعبية والمعارض ذو الخبرة الطويلة بأصوله الفلاحية من قرية فقيرة على دلتا النيل والذي يقدم وعودا بتحقيق وعود الثورة التي اندلعت في مصر قبل 3 أعوام: خبز، حرية وعدالة اجتماعية.
ويواصل ديل تقريره "في منطقة يتسيدها الملوك والإسلاميوون والعسكر الأقوياء، يزعم صباحي أنه يقدم شيئا مختلفا " لو استطعنا الوصول للسلطة فسنقدم نموذجا لن يكون مثالا لمصر بل لكل العالم العربي"، تحدث صباحي لمراسل الصحيفة البريطانية.
وتعلق "اندبندنت أون صاندي" قائلة " يقدم المرشحان رؤيتين مختلفتين: ففي العام الماضي دعم السيسي قانونا يمنع التظاهر بدون إذن من الشرطة، ويعد صباحي بإلغائه والإفراج عن "المعتقلين بدون جريرة" بمن فيهم قادة الثورة الشباب".
وفي ضوء المقابلات التلتفزيونية التي أجريت مع كلا المرشحين الأسبوع الماضي، يبدو أن رؤية صباحي التي تقوم على رؤية اشتراكية ديمقراطية تريد مساعدة الفقراء تحصل على دفعة ودعم. ومع أن الشباب لا يرون في صباحي المرشح المثالي، لكن في الحوارات على وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقاهي القاهرة الشعبية يبدو أن المزاج يتحول من المقاطعة لدعم صباحي.
ويبدو صباحي كما تقول الصحيفة في اللقاءات التلفزيونية وفي الشوارع مرتاحا وهادئا مقارنة مع السيسي الذي بدا متعجرفا ومحرجا في لقاءاته التلفزيونية الأخيرة.
ويقول صباحي إن مشاكل مصر نابعة من كون الذين يحكمونها هم أنفسهم "الموالون لمبارك" والذين يدعمون حملة السيسي، رغم التغييرات السطحية التي حدثت في مصر.
وتشير الصحيفة إلى تأثير رؤية عبد الناصر الثورية والاجتماعية على صباحي الشاب الذي كان يصيد السمك على ضفاف النيل، حيث وصلت رسالة ناصر الذي أنهى حكم البريطانيين على مصر، وقد ألهمته رؤية ناصر هذه "أنا ابن تلك المرحلة"، حيث كان يلقي خطابات في المدرسة ويقود تظاهرات، وفي الجامعة تحدى أنور السادات في نقاش معه بثه التلفزيون. وبعد تخرجه من الجامعة أنشأ سلسلة من الأحزاب السياسية. ويزعم صباحي أن جيله من الناشطين هم من أنشأوا ما يسميها "ناصر الشارع" والتي تعترف بأخطاء الدولة الناصرية وتدخل الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فيها، وهي المبادئ التي لم يلتفت إليها خلفاء ناصر.
ويقول صباحي إنه تعرض للاعتقال 17 مرة، سجن 8 مرات وعذب مرة واحدة. وفي واحدة من المرات اعتقل في قلعة القاهرة التي حولت فيما بعد إلى معلم سياحي. وفي عام 1995 رشح نفسه لانتخابات مجلس الشعب عن منطقته ولكنه دخل البرلمان عام 2000. وفي الانتخابات التي تبعت ثورة يناير 2011 أدهش المراقبين حيث حصل على المركز الثاني.
ويرى صباحي إن الإخوان المسلمين هم داعمون من الذين دعموا انقلاب تموز/ يوليو الذي ازاحهم عن السلطة. ومع أنه رفض
وتدخل الجيش إلا انه دعم التظاهرات ضد الإخوان المسلمين والتظاهرات بعد أربعة أسابيع من الانقلاب والتي "فوضت" السيسي لمواجهة "الإرهاب" أي الإخوان المسلمين.
ويؤكد صباحي أن فض اعتصامي الإخوان المسلمين في القاهرة كان ضروريا رغم أنه ترك أكثر من 800 قتيل. وكل ما يقوله صباحي إن العملية "انتهكت حقوق الإنسان" لكن هذا ليس كاف بالنسبة لشباب الإخوان الذين فقدوا أصدقاء في عملية الجيش والشرطة.
ومن الأسئلة التي طرحتها الصحيفة عليه تلك المتعلقة بسياساته الشعبوية والغامضة أحيانا وإن كانت مناسبة لحل ازمة الاقتصاد. ولكنه يرد أن محاربة الفساد ومصالح النخبة كافية لإنعاش الاقتصاد ويمكن أن تحل مشاكل العمال والقطاع الخاص.
وفي الوقت الحالي ما يدير عجلة الاقتصاد المصري هو الدعم المالي من السعودية والكويت والبحرين والإمارات " في الحقيقة دفعوا المال حتى نواصل الحرب ضد الإخوان"، ولكن صباحي يناقش أن دعمهم لن يؤدي لوقف برنامجه اليساري لأنه يعتقد أن الإخوان المسلمين لن يعودوا للسلطة مرة أخرى.
وفي الوقت الذي ينظر البعض لقرار صباحي النزول في الانتخابات رغم الدعم القوي الذي يلقاه السيسي من مؤسسات الدولة وإعلامها بالشجاع إلا أن آخرين يرون في نزوله تشريعا ومصادقة لعملية غير شرعية.