كشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن عودة الميليشيات الشيعية للعراق وبقوة. وتقوم الميليشيات هذه بلعب دور من خلال الأجهزة الأمنية في عمليات "قتل مستهدف"، وعندما تشارك الجيش في عمليات بالأنبار يرتدي أفرادها زي الجيش مع أن الحكومة
العراقية تنفي وجود صلة.
وتحدثت كاتبة التقرير لوفدي موريس عن حوادث في الأشهر الأخيرة الماضية، اكتشفت فيها الجثث التي رميت في قنوات المياه وبساتين التمر بشكل يبعث على القلق من أن المسرح بات مهيأ لعودة العنف الطائفي الذي طبع العراق في أعوام: 2004-2007 حيث كانت ترمى الجثث في الشوارع ومكبات النفايات في المجاري الصحية.
وتقول إنه عثر على رؤوس ثلاثة أشخاص من
السنة ملقاة في سوق عام بمحافظة صلاح الدين، فيما أطلق النار على ستة من الشيعة بعد سؤالهم عن طائفتهم.
ويرتبط العنف بنشاط ميليشيا يطلق عليها "عصائب الحق"، ونقلت عن مسؤولين في الميليشيات قولهم إنهم زادوا من عمليات القتل المستهدف كرد فعل على سلسلة من التفجيرات التي أصابت أحياءهم.
ويقول قيادي في المجموعة المسلحة قدم نفسه بـ"أبو سجاد": "يجب أن نكون ناشطين"، وأضاف: "أولئك الذين يحاولون التحريض على الطائفية يجب أن نتعامل معهم" بالذبح، مشيرا بيده إلى رقبته، وكأنه يحمل السكين.
وقتل في العراق أكثر من 1000 شخص في شهر كانون الثاني/ يناير حسب وكالة فرانسش بريس، وهو أعلى شهر يسجل فيه قتلى منذ عام 2008.
وتواجه الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة تحديا عسكريا في محافظة الأنبار، بعد سيطرة مقاتلين من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على كل من مدينة الرمادي والفلوجة الشهر الماضي.
ويقول محللون إن غياب الميليشيات الشيعية الكبيرة، كما في العقد الماضي، منع من اندلاع حرب طائفية شاملة حتى الآن.
وبحسب توبي دودج، الباحث في مدرسة لندن للاقتصاد، فإن "الدينامية التي نرقص حولها الآن هي التحرك نحو
الحرب الأهلية التي اشعلت شرارتها الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ويضيف: "لوقت طويل لم تكن هناك يد ثانية حتى تصفق، والآن لدينا عصائب الحق".
وظهرت هذه الميليشيا في عام 2006 وهي مسؤولة عن العديد من التفجيرات، ويقول أفرداها إن أولويتهم الآن هي "داعش".
ويقول أبو سجاد: "إذا كان لديك جهاز كمبيوتر مصاب بفيروس، فلا بد من استيراد شيء ما من أجل التعامل معه، وهذا ما نقوم به".
واستدرك أبو سجاد بأن جماعته لا تحاول إشعال شرارة الحرب الأهلية في العراق، "اكتشفنا أن هذه هي مصيدة لنا، وداعش تريدنا إشعال حرب طائفية"، وعندما "نستهدف فإننا نستهدف أشخاصا محددين" كما يقول.
ويقول عناصر الميليشيا إنهم يخفون دورهم في عمليات القتل بالعمل من خلال الأجهزة الأمنية. ومن هنا يقول أبو سجاد: "لأن الجيش لا يعرف الكثير عن حرب الشوارع؛ ولهذا فإننا نساعده في التنظيف"، مشيرا إلى أن عناصره يرتدون الزي العسكري للجيش وهم يقومون بعمليات خارج بغداد بما في ذلك محافظة الأنبار.
وينفي المتحدث باسم حكومة نوري المالكي، علي الموسوي، أية صلة بين القوات الأمنية والميليشيات، "وكل حديث عن صلة من هذا النوع كذب" كما قال.
ومع ذلك يقول مايكل نايتس من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إن هناك صلة ومن الواضح أن الميليشيات الشيعية لعبت دورا في القوى الأمنية، "قد يكون هناك مدخل طائفي للأمن، ولكن تحت غطاء الأجهزة الأمنية، وهو ما يثير القلق أكثر من الميليشيات التي تعمل علنيا".
ويشير نايتس إلى أن قوات بدر التي أنشئت في إيران، وشاركت في الحرب العراقية-الإيرانية لعبت دورا في الحرب الطائفية، وكذا تنظيم آخر اسمه كتائب حزب الله الناشط هو الآخر.
ورغم أن "عصائب الحق" حاولت إعادة تشكيل نفسها، والبحث عن دور سياسي بعد الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011 وقامت بفتح مكاتب لها في بغداد والجنوب، إلا أنها لم تتخل عن السلاح، ويقدر عددها أفرادها ما بين 1000- 5000 مسلح.
يذكر أن الميليشيا هي واحدة من التنظيمات العراقية التي أرسلت متطوعين لسورية كي تدافع عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد.