روى أحد الناجين في
جنوب السودان تفاصيل مجزرة ارتكبتها القوات الحكومية التابعة لسلفاكير راح ضحيتها أكثر من 250 شخصا رميا بالرصاص واغتصابات بالجملة للنساء.
ويقول سايمون وهو ممدد على فراش في إحدى قواعد الامم المتحدة في جوبا عاصمة جنوب السودان كيف نجا من مجزرة ارتكبتها القوات الحكومية لكنه اصيب بجروح بالرصاص يسعى للتعافي منها.
لا يزال سايمون الذي لم يفصح عن اسمه الأول يرتعد خوفا. يقول إنه تم توقيفه مع رجال آخرين عديدين عندما بدأت المعارك قبل أسبوع بين أنصار الرئيس سلفا كير والمتمردين التابعين لنائب الرئيس السابق رياك مشار الذي اقيل في تموز/ يوليو.
واقتيد الموقوفون مجردين من السلاح إلى مركز للشرطة قبل أن تطلق عليهم قوات الرئيس كير النار من خلال الزجاج على ما روى. فتقوقع في زاوية ثم اختبأ تحت الجثث.
وقال ان نحو 250 رجلا اقتيدوا الى المكان ولم ينج منهم مثله سوى 12 بعد 48 ساعة عندما اخلي المبنى الواقع في احدى الجادات الاكثر ازدحاما في جوبا.
و"للبقاء على قيد الحياة اضطر للاختباء تحت جثث الاخرين وخلال يومين بدأت تفوح رائحة نتنة فعلا منها لا اود كثيرا التحدث عنها"، على ما ذكر بتأثر.
واستطرد غاتويش وهو ناج اخر قائلا "لم نكن سوى 12 فكل الآخرين قتلوا".
ويؤكد الرجلان انهما استهدفا لانهما من قبيلة النوير التي ينتمي اليها رياك مشار، وان الجنود المسؤولين عن المجزرة هم من قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها الرئيس كير.
ولم يكن من الممكن التأكد من شهاداتيهما بشكل مستقل لاسيما وانه تفرض قيود صارمة على تنقل الصحافيين والعاملين في المجال الانساني المتواجدين بندرة في هذا البلد.
وأشارت فرانس برس الى انها حاولت التوجه الى مركز الشرطة المذكور الواقع في حي غوديلي لكن رجالا بالزي العسكري وباللباس المدني ابقوها على مسافة. لكن الرائحة الكريهة كانت تحبس الانفاس فيما كان الذباب يملأ المكان. كما شوهد ستار احدى النوافذ مغطى بالثقوب.
نفي رسمي للمجازر
وتنفي الحكومة ان تكون مسؤولة عن أي عمل عنف ذا طابع قبلي.
وقال الناطق باسم الجيش فيليب اغير "انها ليست مشكلة قبلية" نافيا ان يكون جنود بالزي العسكري ارتكبوا فظاعات، مؤكدا "ليس امرا صحيحا. ان مجرمين في جوبا قاموا بقتل اناس ، كانوا هنا قبل" المعارك الاخيرة.
لكن شهادات عديدة اخرى تبعث على الاعتقاد بوجود مخطط لأعمال عنف ذات طابع قبلي تشمل عمليات قتل واغتصاب منذ ان بدأت المواجهات في 15 كانون الاول/ ديسمبر الجاري.
ووردت معلومات مماثلة من مناطق اخرى في البلاد خاضعة للمتمردين المعارضين للرئيس، يشير بعضها الى هجوم على قاعدة للامم المتحدة من قبل شبان من قبيلة النوير في اكوبو بولاية جونقلي.
وقد قتل هناك جنديان هنديان من قوة حفظ السلام وتخشى الامم المتحدة ان يكون مدنيون من الدينكا لجأوا الى القاعدة قد سقطوا قتلى.
واشارت معلومات اخرى الى ان حوالى 45 الف شخص من سائر مناطق جنوب السودان لجأوا في خلال أسبوع الى قواعد الامم المتحدة طلبا لحماية القوة الاممية الصغيرة المتمركزة في البلاد، وان مئات آلاف اخرين هربوا الى الادغال او اماكن اخرى اكثر أمانا.
وروى آخر من النوير ذكر اسمه الاول فقط وهو رياك، انه لجأ الى قاعدة للامم المتحدة في جوبا بعد ان ترك عمله في الحرس الرئاسي الاحد، وشاهد عمليات قتل واغتصاب بالجملة.
وقال "هناك جنود يفعلون ذلك. وانه يتم توزيع أسلحة على ميليشيات من شبان الدينكا"، متهما مكتب الرئيس بأنه يقف وراء عمليات توزيع الأسلحة.
قتل على الهوية
واكد رياك انه يتم تفتيش كل المنازل في احياء الدينكا وان اي شخص لا يجيب على السؤال "اين شولي" -- "ما اسمك؟" بالدينكا -- يسحب من منزله ويتم توثيقه ويقتل. وبين الضحايا اطفال.
وقد ساد هدوء هش في جوبا لكن منازل عديدة هجرت وفي الشوارع يسير رجال بالزي العسكري او اللباس المدني وهم يحملون اسلحة نارية او سكاكين وسواطير.
وقال عامل انساني طلب عدم كشف هويته انه يبدو ان الجنود يخفون ايضا الادلة عن غارات تستهدف احياء النوير.
واوضح هذا المصدر "انهم يطلبون من جنودهم ان يجمعوا الرصاصات قبل وصول (ممثلي) المجتمع الدولي"، مضيفا انه شاهد جثثا مع ايد موثوقة وآثار الرصاص في الرأس. ثم تنقل الجثث وترمى خارج المدينة".
وروى آخر ينتمي إلى قبيلة النوير وقد لجأ الى قاعدة للامم المتحدة ان الجنود قتلوا زوجة اخيه وطفلتيها اللواتي تتراوح أعمارهن بين سنة وست سنوات بسحق منزلهن بدبابة.
كما روى بانغ تيني وهو جنوب سوداني آخر هرب من أعمال العنف انه شاهد عشرة من النوير يغتالون الاسبوع الماضي.
وقد سبق وهرب من بلاده الى كندا اثناء حرب استقلال الجنوب ضد السلطة السودانية في الخرطوم لكنه عاد قبل تسعة اشهر. وهو يسعى مجددا للهرب لينجو من الموت.
وقال "عندما يمسكون بك لا نراك ابدا بعد ذلك".