نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مكرم ملاعب، مسؤول ملف اللاجئين السوريين في وزارة الشؤون الإجتماعية
اللبنانية قوله "الخوف من وجود دائم للسوريين متجذر في النفسية اللبنانية".
وكان المسؤول اللبناني يعلق على وضعية اللاجئين السوريين الذين لم تعترف الدولة اللبنانية بهم، ولم تسمح لهم ببناء مخيمات، ولا حتى "الصندوق المأوى" الذي يصنعه مجلس اللاجئين الدانماركي، والذي منع وأمثاله كوسيلة للسكن، لأنه يعتبر "تهديدا لهذه الدولة الهشة، إذ تعني هذه الصناديق الملاجئ في عيون اللبنانيين إقامة دائمة وقد تشجعهم على البقاء" في لبنان.
ويضيف ملاعب "عندنا
اللاجئون الفلسطينيون الذي كان من المقرر بقاؤهم لأشهر في عام 1948، وأصبح عددهم الآن 500 ألف، ومررنا بحرب أهلية استمرت 15عاما لعب الفلسطينيون فيها دورا بارزا". وتقول الصحيفة إن "الخوف من بقاء دائم للسوريين هو أكثر ما يعقّد الرد على كارثة اللاجئين السوريين، أكثر من أية أسباب أخرى، فقد رفض لبنان حتى الآن إقامة مخيمات للاجئين، متذرعا بتاريخ اللجوء الفلسطيني المعقد ومخيماتهم على التراب اللبناني". وتضيف أن اللبنانيين "واعون لتاريخ إقامة اللاجئين التي تطورت من خيام مهلهلة إلى مساكن متعددة الطبقات، ولهذا ينظرون لأي مأوى سوري بنظرة شك".
ورفض اللبنانيون أية تصميمات تمنح اللاجئين نوعا من الحماية من البرد والشتاء مثل بعض التصميمات التي قامت بها منظمات إغاثة دولية، عبر تقديم مساكن يمكن تجميعها بسهولة وفكها، مثل ذلك الذي تنتجه الشركة السويدية "آيكيا"، لأن معنى إقامتها تعطي "حسا بالإقامة الدائمة".
ولاحظت الصحيفة أن الحكومة اللبنانية "تبنت موقفا متناقضا من تدفق اللاجئين، فمن ناحية رحبت وقبلت مئات الألوف من اللاجئين الذين يشكلون مع السوريين الذين يعيشون في لبنان ربع سكان البلد، ومن ناحية أخرى حاولت التقليل من وجودهم، وعبرت عن مخاوفها من بقائهم وتشويش التوازن السكاني الحساس بين السنّة والشيعة والمسيحيين".
وتضيف أن تلك المخاوف أجبرت "اللاجئين على حشر أنفسهم في البنايات الموجودة، والذوبان في المحيط العام، فمن لديهم القدرات المالية قاموا باستئجار الشقق، فيما يعيش مئات الألوف في أماكن وقوف السيارات، ويعيشون في الأركان والزوايا المظلمة للبنايات التي لم تكتمل بعد، وفي البيوت المهجورة، وحتى في الجامعات ومراكز التسوق التي ينتشر فيها اللاجئون".
ومع وصول الشتاء والعاصفة التي ضربت شمال لبنان، فقد حاولت منظمات الإغاثة توفير أغطية ومواد وقود للاجئين حتى لا يتأثروا بالبرد. وكان مجلس اللاجئين الدنماركي قد بدأ قبل عام ببناء البيوت الصناديق، "وكان واعيا للحساسيات اللبنانية، ولذلك عقد اتفاقا مع أصحاب البيوت الذين قبلوا بناء هذه البيوت المؤقتة ضمن مساحة بيوتهم بأن تظل جزءا من بيوتهم الدائمة حال مغادرة اللاجيء لبنان".
وتضيف "لكن تضخم أعداد اللاجئين هذا العام، أدى لزيادة أعداد البيوت المؤقتة، هذه حيث وصل عددها 160 الفا، وكان هذا كافٍ لاثارة قلق الحكومة". ويقول عماد عون، المتحدث باسم المجلس إن الحكومة "قلقة من أننا نقوم ببناء بيوت كثيرة"، ولهذا توقفنا عن البناء قبل عدة أشهر.
وقامت الحكومة اللبنانية بإصدار أمر بوقف بناء هذه البيوت. وتقول صاحبة بيت بنت بيتين مؤقتين في حديقة بيتها أن القرار كان يجب تركه لأصحاب البيوت. "أين سيذهب السوريون؟"؛ قالت معبرة عن حالة من التشاؤم العام من عدم قرب حل الأزمة السورية.
ويعبر ملاعب من وزارة الشؤون الإجتماعية عن موقف آخر، حيث يقول إن الحكومة قلقة من إمكانية بقاء السوريين، ومن الأثر السلبي الذي ستتركه على المناطق الفقيرة، إذ ستؤدي إلى إثارة "حنق فقراء لبنان الذين سيرون السوريين يحصلون على بيوت، كل منها يتكون من شبه طابق كامل بني خصيصا".
ولم يحصل الخيار الآخر الذي قدمه المجلس النرويجي للاجئين على موافقة، وهو مأوى يمكن نصبه حول إطار حديدي على قاعدة إسمنتية. ونقل عن مسؤول في المجلس قوله "لقد فهمنا أنهم لا يريدون أي فكرة توحي بالإقامة الدائمة". وتقدمت مفوضية الأمم المتحدة بحل آخر، وهي بيوت "أيكيا" التي يمكن جمعها وفكها في أقل من ساعات، لكن "حتى هذا لم يكن مقبولا، لأنها تعطي إحساسا بالديمومة". وللخروج من الأزمة تركز بعض منظمات الإغاثة على البيوت التي لم تكتمل أثناء الحرب اللبنانية، وتركت مهجورة، حيث أضافت لها نوافذ وأبواب ومطابخ وحمامات. وعمرت بهذه الطريقة 7 آلاف بيت واستثمرت في كل عائلة 1500 دولار. ومقابل ذلك يُسمح صاحب البيت للعائلة بالإقامة مجانا لمدة عام.