قضايا وآراء

هواجس تفاقم ظاهرة النزوح الفلسطيني إلى الخارج

نبيل السهلي
نسبة كبيرة من النازحين هم ذوو صفة مزدوجة، أي أنهم لاجئون ونازحون في الوقت نفسه.. (الأناضول)
نسبة كبيرة من النازحين هم ذوو صفة مزدوجة، أي أنهم لاجئون ونازحون في الوقت نفسه.. (الأناضول)
مع استمرار المجازر الإسرائيلية وكم الأفواه بحق الشعب الفلسطيني منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بدعم غربي على كافة المستويات وصمت عربي رسمي مدقع، ثمة مخاوف تبرز إلى الأمام؛ تتمثل في اتساع ظاهرة النزوح الفلسطيني القسري إلى خارج فلسطين التاريخية، خاصة مع تهجير آلاف الغزيين إلى مصر ووصول عشرات الأفراد منهم إلى بعض الدول الأوروبية.

ظاهرة النزوح

قليلة هي الدراسات والبحوث التي تطرقت إلى نازحي العام 1967، الذين طردوا من الضفة الغربية وقطاع غزة إثر احتلال إسرائيل للمنطقتين في الخامس من حزيران/ يونيو 1967. وبشكل عام فإن مصطلح نازحين يطلق على المهجرين الفلسطينيين من الضفة والقطاع خلال عام 1967 وحتى العام الحالي 2024؛ لتمييزهم عن اللاجئين الفلسطينيين خلال عام 1948.

وتجدر الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من النازحين هم ذوو صفة مزدوجة، أي أنهم لاجئون ونازحون في الوقت نفسه. فقد كان بين نازحي 1967 أعداد من لاجئي 1948، ممن كانوا يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة ومن المخيمات من المنطقتين عشية التوسع الإسرائيلي في الخامس من حزيران/ يونيو 67، واضطروا للهجرة للمرة الثانية؛ والغالبية منهم إلى الأردن، وأعداد قليلة إلى سوريا حيث بلغ عددهم هناك نحو 62 الف نازح حتى عام 2012، استطاع الكثير منهم العودة الى غزة بعد العام المذكور واشتعال الثورة السورية .

نزيف النزوح

في عام 1967 ونتيجة احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة حصلت موجة نزوح كبيرة؛ حيث قام الجيش الإسرائيلي بطرد /460/ ألف فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب معطيات الجامعة العربية وخاصة التقرير الصادرة من صندوق النقد العربي في عام 1991، ونحو (230) ألفا منهم هم من لاجئي عام 1948، كانوا يقطنون المخيمات في الضفة والقطاع إبان احتلال إسرائيل للمنطقتين؛ ونقصد هنا المنطقتين المذكورتين .

إن عدد النازحين من الضفة الغربية وقطاع غزة قد وصل إلى مليونين ونصف المليون نازح فلسطيني خلال العام الحالي 2024، نصفهم يحملون صفة لاجئ أيضاً؛ والنسبة الكبرى من النازحين الفلسطينيين يتمركزون في المدن الأردنية وثمانية مخيمات أنشئت في الأردن بعد عام 1967.
اضطر (250) ألف فلسطيني للنزوح إلى الأردن ؛ وثمة (50) في المائة منهم من اللاجئين الذين كانوا يقطنون في مخيمات الضفة الغربية أو قطاع غزة، واضطروا للجوء مرة ثانية خلال أقل من عشرين عاما. وخلال السنوات التي أعقبت احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة استمرت عمليات النزوح إلى الأردن بسبب سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي، فقد أدت أوامر الإبعاد العسكرية، وهدم المنازل والقرى الفلسطينية وغيرها من الممارسات، سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي إلى تهجير الآلاف من الفلسطينيين باتجاه الأردن خلال السنوات التي تلت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة في حزيران/يونيو 1967.

كما أدت عمليات الطرد القسري إلى مجيء أعداد أخرى من الفلسطينيين إلى سوريا، ولا تتوفر معطيات إحصائية لأعداد هؤلاء المقتلعين الجدد؛ إلا أن بعض الباحثين الفلسطينيين قدروا مجموعهم في عام 2012 بنحو (62) ألف نازح فلسطيني كما أسلفنا؛ قدمت غالبيتهم إلى سوريا إثر الأحداث التي شهدها الأردن عام 1970، بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية، ما لبث أن عادت أعداد غير موثقة منهم إلى قطاع غزة بعد عام 2012 نتيجة الحرب في سوريا وتدمير عدد كبير من المخيمات وخاصة مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني.

وبناء على الإسقاطات الإحصائية فإن عدد النازحين من الضفة الغربية وقطاع غزة قد وصل إلى مليونين ونصف المليون نازح فلسطيني خلال العام الحالي 2024، نصفهم يحملون صفة لاجئ أيضاً؛ والنسبة الكبرى من النازحين الفلسطينيين يتمركزون في المدن الأردنية وثمانية مخيمات أنشئت في الأردن بعد عام 1967.

فئات النازحين

يدخل ضمن مصطلح النازحين الفلسطينيين خمس فئات رئيسية هي:

الفئة الأولى، التي نزحت مع بدء العمليات العسكرية الاسرائيلية في حزيران/ يونيو 67، وحتى بداية أول إحصاء إسرائيلي للسكان الفلسطينيين في شهر أيلول ـ سبتمبر من العام نفسه، وهي تشمل أيضاً سكان القرى الثلاث (عمواس، يالو، وبيت نوبا) التي أزالتها قوات الاحتلال من الوجود، وكذلك الفئة الثانية، وهي التي كان مكان إقامة أفرادها العادي والدائم في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وذلك لغاية ساعات الصفر في حرب 1967، ولكن كانوا لحظة وقوع العدوان خارج الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس بشكل مؤقت، لأغراض الدراسة أو العلاج أو العمل، ومنعتهم إسرائيل من العودة إلى وطنهم بعد احتلال الضفة والقطاع.

أما الفئة الثالثة، فتشمل جميع الأشخاص الذين حالت الأوامر العسكرية والإدارية الإسرائيلية دون عودتهم لمكان إقامتهم الدائم والشرعي في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وذلك رغم حصولهم على بطاقات الهوية الصادرة عن سلطات الاحتلال العسكرية، وخروجهم بتصاريح أو وثائق سفر إسرائيلية، انتهت مدتها دون أن يتمكنوا من العودة، في حين شملت الفئة الرابعة كافة الأشخاص الذين أبعدوا قسراً إلى خارج الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، بأسلوب سافر ومعروف بحجج أمنية أو غيرها؛

والفئة الخامسة والأخيرة فتضمن ذرية وأنسال الفئات الأربع المشار إليها. وأدارت إسرائيل ظهرها لكافة المطالبات بعودة النازحين من الضفة والقطاع رغم وجود قرارات دولية تدعو لعودتهم ؛ شأنها في ذلك شأن القرارات الدولية الداعية لعودة اللاجئين الفلسطينيين وفي مقدمتهم القرار 194. الأمر الذي يؤكد أن هدف اتفاقات أوسلو الجوهري هو تخلص إسرائيل من عبء احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة  وكذلك من قضيتي اللجوء والنزوح الفلسطيني في ذات الوقت .

ومن نافلة القول أن هناك مخاوف حقيقية من اتساع ظاهرة النزوح من قطاع غزة وكذلك الضفة الغربية مع استمرار المجازر الإسرائيلية والإبادة الجماعية في ظل انحياز النظم الغربية للرواية الإسرائيلية وصمت الدول العربية والإسلامية.

*كاتب فلسطيني مقيم بهولندا
التعليقات (0)