سياسة عربية

"مافيا معبر رفح".. ضباط مصريون يبتزون أهالي غزة مقابل تسهيل العبور

يطلب ضباط مصريون مبالغ تصل إلى 7000 دولار مقابل تسهيل مرور الشخص الواحد من غزة إلى مصر عبر معبر رفح- جيتي
يطلب ضباط مصريون مبالغ تصل إلى 7000 دولار مقابل تسهيل مرور الشخص الواحد من غزة إلى مصر عبر معبر رفح- جيتي
شكلت الترتيبات الجديدة التي سلمت بها مصر لتشغيل معبر رفح بعد اندلاع الحرب على غزة، فرصة لصعود شبكة من "مافيا التنسيقات" يتزعمها ضباط مصريون متنفذون يمارسون عمليات ابتزاز مالي، مقابل تسهيل الخروج من قطاع غزة. 

وكشفت مصادر محلية على اطلاع لـ"عربي21" أن ضباطا في الأمن الوطني المصري وأجهزة أخرى تعمل على معبر رفح، يستغلون حاجة الفلسطينيين للسفر عبر معبر رفح، نظير مبالغ طائلة.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الإجراءات الصعبة للخروج من غزة عبر معبر رفح، وخضوع مصر للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية بشأن طريقة المرور عبر المعبر الذي يعد فلسطينيا مصريا خالصا، شكلت فرصة لضباط مصريين من أجل الاغتناء والتربح غير المشروع، عبر طلب مبالغ هائلة قد تصل إلى 7000 دولار مقابل تمكين الشخص الواحد من المرور من غزة باتجاه الأراضي المصرية.

وفي تفاصيل أكثر دقة حول ما يجري، كشف مصدر آخر لـ"عربي21" ما جرى معه مع أحد الضباط المصريين المتنفذين في معبر رفح، ممن ينشطون في "مافيا التنسيقات".

وقال المصدر في شهادة أدلى بها لـ"عربي21" رافضا ذكر اسمه خشية الملاحقة الأمنية، إن معاناته بدأت حين تعذرت عودته من غزة إلى عمله في إحدى دول الخليج، حيث كان في زيارة لذويه في غزة رفقة عدد من أفراد عائلته، قبيل أيام من اندلاع الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف المصدر أنه حاول مرارا السفر رفقة ثلاثة من أفراد عائلته، بعد أيام من اندلاع الحرب، إلا أنه لم يتمكن بفعل الإجراءات التي يفرضها الجانب المصري على الفلسطينيين، إذ يقتضي السفر عبر معبر رفح موافقة أمنية مسبقة من الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن حصر السفر لفئات معينة، منها الجرحى وأصحاب الجوازات الأجنبية، الأمر الذي دفعه للبحث عن طريقة أخرى للسفر، خشية أن يفقد عمله في الخارج.

وتابع المصدر: "تمكنت عبر وسيط من الوصول إلى ضابط مصري له نفوذ في معبر رفح، وحين تناقشت معه في ضرورة تسهيل وتسريع المرور، طلب مني 7000 دولار مقابل الشخص الواحد، ما يعني أنني مضطر لدفع مبلغ 28 ألف دولار مقابل تمكيني رفقة ثلاثة آخرين من عائلتي من المرور".

وشدد المصدر على أنه "بعد نقاش وضغط استمر ليومين وافق الضابط على تخفيض المبلغ الكلي إلى 25 ألف دولار، وعليه أرسلت له أسماءنا لإجراء تنسيق، وننتظر الآن صدور كشوفات الأسماء لنتمكن من المرور عبر المعبر".

ولفت إلى أن هناك العديد من الجهات والضباط المصريين يستغلون حاجة الفلسطينيين إلى السفر في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، ويمارسون عمليات ابتزاز مالي غير مسبوقة، مشيرا إلى أن الوسيط عرض عليه التواصل مع ضباط يعملون في أكثر من جهة أمنية مصرية، بينهم محسوبون على أجهزة الأمن الوطني والمخابرات العامة، والمخابرات الحربية، وذلك من أجل تسهيل مهمة الخروج من غزة.

اقرأ أيضا: ما يحدث على معبر رفح.. "خط أحمر" أم "تفاهمات" بين مصر والاحتلال؟

وبينما تمكن المصدر من حل مشكلته في السفر في انتظار عبوره خلال الساعات القادمة، يتكدس آلاف الفلسطينيين داخل غزة ممن هم بحاجة ماسة إلى السفر، أبرزهم الجرحى الذين يعدون بالآلاف ويحتاجون إلى جراحات خارج البلاد، فضلا عن آلاف آخرين من المقيمين في الخارج والطلبة وغيرهم.

وتشترط السلطات المصرية على الفلسطينيين الحصول على موافقة إسرائيلية مسبقة للعبور من معبر رفح، إذ تقوم السلطات بإرسال كشوفات المسافرين إلى الاحتلال، والأخير يقوم بتدقيقها والسماح بمرور البعض، فيما يُحرم الكثيرون من ذلك لأسباب غير معروفة، بينهم العديد من الجرحى.

ولم يتمكن سوى 400 جريح من السفر خارج غزة من أصل نحو 45000 جريح في غزة، آلاف بينهم في حاجة ماسة إلى إجراء جراحات خارج البلاد بفعل انهيار الوضع الصحي في غزة جراء العدوان المستمر.

وقبل بدء العدوان على غزة، كان السفر عبر معبر رفح يجري بتنسيق بين الحكومة في غزة والسلطات المصرية، حيث يقوم الراغبون في السفر بالتسجيل لدى مكتب في غزة تابع لوزارة الداخلية، وتقوم الأخيرة بدورها بترتيب الأسماء وفقا للفئات والأولويات، ومن ثم تنظم عملية المرور اليومي إلى الجانب المصري من المعبر وفق جدول زمني محدد، دون تدخل أي طرف ثالث.

التعليقات (0)