صحافة إسرائيلية

"هآرتس": لم يكن تهاون "إسرائيل" المميت مجرد فشل استخباراتي

فشلت تقديرات الاحتلال بشأن إمكانية تنفيذ هجوم كاسح عبر حدود غزة- جيتي
فشلت تقديرات الاحتلال بشأن إمكانية تنفيذ هجوم كاسح عبر حدود غزة- جيتي
سلطت صحيفة إسرائيلية الضوء على حالة الفشل في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي والتي أدت إلى تمكن كتائب القسام من تنفيذ هجمات ناجحة ضد مواقع وتجمعات إسرائيلية قريبة من غزة، في السابع من الشهر الماضي.

ونشرت صحيفة "هآرتس" تقريرًا، نشرته "عربي21"، قالت إنه في 28 أيلول/ سبتمبر، قبل تسعة أيام من هجوم حماس نشر موقع الجيش الإسرائيلي على الإنترنت مقالًا شاملًا عن وحدات جمع المعلومات التابعة للاستخبارات العسكرية؛ يعكس غطرسة كبيرة، تتضاءل أمام فشل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأوضحت الصحيفة أنه لا توجد حتى الآن صورة، ولو جزئية، عن الكيفية التي توصلت بها الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام "الشاباك" إلى تقديراتهما بشأن إمكانية تنفيذ هجوم كاسح عبر حدود غزة، ومع ذلك فإن المنطق الأساسي والمعلومات الجزئية التي ظهرت إلى النور حول استعدادات حماس للهجوم، وحول الإشارات التي تراكمت في إسرائيل في الأيام التي سبقته، تجعل من الممكن البدء في فهم حجم الخطأ الفادح؛ حيث إن نقطة الانطلاق لتحليل الفشل واضحة.

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت أنه "على أحد جانبي الحدود يوجد عدو عنيد ومصمم، يقوم بلا هوادة ببناء قوة عسكرية ويقوم بالاستعدادات لمهاجمة أهداف في إسرائيل، وعلى الجانب الآخر، وفي بعض الحالات المتاخمة للسياج الأمني تقريبًا، توجد تجمعات مدنية ومنشآت عسكرية يمكن أن تشكل هدفًا لهجوم بري، وحتى من دون معلومات ملموسة عن النوايا الهجومية، فإنه كان من المفترض أن يؤدي القرب الجغرافي المطلق إلى توليد الوعي بالخطر القائم. لقد كان هذا الوعي موجودًا منذ فترة طويلة في الجيش الإسرائيلي، ولكن ليس في السنوات الأخيرة".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بحلول أوائل عام 2021؛ تم الانتهاء من بناء الحاجز تحت الأرض على طول حدود قطاع غزة، وعليه فقد أصبحت خطط حماس لمهاجمة إسرائيل عبر الأنفاق غير قابلة للتنفيذ، وفي الوقت نفسه؛ في ضوء الجهود السابقة التي استثمرها التنظيم في مداهمات على بلدات إسرائيلية، كان ينبغي ألا يكون الافتراض هو أنه تخلى عن هذا الطموح، بل إنه سيحاول تنفيذ مثل هذه الغارات بوسائل أخرى، وبسبب الأهمية الحاسمة لهجوم ناجح حتى على مجتمع واحد أو مجتمعين، كان ينبغي أن يحتل التهديد مكانة عالية في ترتيب الأولويات الاستخباراتية، حتى لو تم تقييمه على أنه ذو احتمالية منخفضة.
 
وبينت الصحيفة أن هناك عاملين أديا لهذا الفشل أولهما الفشل الأساسي في جمع المعلومات الاستخبارية حول القرار الذي اتخذته قيادة حماس بإطلاق العنان لـ"طوفان الأقصى"، وحول الاستعدادات المسبقة، فالشاباك هو الهيئة المركزية المنخرطة في جمع المعلومات من مصادر بشرية في المناطق، ومن المفترض أن يمتلك عملاؤها معرفة وثيقة بما يحدث في غزة.

والسبب الثاني للشعور بالرضا عن النفس يتلخص في مزيج من السياسة الحكومية والاستخفاف الاستخباراتي بالتهديد، وهما عنصران يغذيان بعضهما البعض؛ فمنذ عودته إلى السلطة في عام 2009، نظر بنيامين نتنياهو إلى حكم حماس في غزة باعتباره أداة مفيدة لدرء تهديد عملية السلام الدبلوماسية، ومن وجهة نظره فإن هذا التهديد تجسد في اقتراح السلام الذي تقدمت به جامعة الدول العربية في وقت مبكر من عام 2002، والذي يتمحور حول إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، إلى جانب إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي؛ حيث إن نتنياهو ومعسكره لا يؤمنون بصحة هذا الحل وقد فعلوا كل ما في وسعهم لمنع تحقيقه.

وقد أدرك رؤساء أجهزة الاستخبارات الخلل الأساسي في سياسة نتنياهو، لكن كما أشار البروفيسور ماتي شتاينبرغ - الذي ربما يكون الخبير الإسرائيلي البارز في القضية الفلسطينية ومستشار عدد من مديري الشاباك - فإنه لم يجرؤ أي من كبار مسؤولي المخابرات على قول ذلك لنتنياهو، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنهم كانوا يخشون أن يؤدي الصدام معه إلى حدوث ذلك، فقد كلفهم وظائفهم.. وإذا تبين أن الأمر كذلك، فسوف يستلزم ذلك الخلط الإجرامي بين الاعتبارات السياسية والتقييمات الاستخباراتية المهنية من أجل إرضاء القائد.

اظهار أخبار متعلقة


وبينت الصحيفة أن الجمع بين سياسة ضبط النفس التي تنتهجها حماس، والتي كانت تهدف أيضاً إلى تهدئة إسرائيل، ورغبة نتنياهو في الحفاظ على الوضع الراهن، أدى إلى صياغة تقييم استخباراتي لا لبس فيه مفاده أن حماس قد تم ردعها، وهو التقييم الذي تم على القيادة السياسية والعسكرية وكذلك على الجمهور؛ حيث كان هذا الافتراض الأساسي، والذي مفاده أن حماس لا ترغب في اندلاع أعمال عنف، هو المفهوم الراضي عن النفس الذي من خلال منظوره قام موظفو الاستخبارات بفحص سلسلة من الأدلة المتناقضة التي تشير إلى أن المنظمة كانت تستعد لعمليات هجومية واسعة النطاق.

ورغم أن هناك الكثير مما لا نعرفه حتى الآن، فمن الواضح بالفعل أن الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر تطلب استعدادات مكثفة، وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم"، فقد استمرت تلك الجهود لمدة أربع سنوات، وتم في إطارها إنشاء غرفة عمليات مركزية، وإجراء أربع مناورات أطلق عليها اسم "الدعم الثابت"، والتي تحاكي الهجمات على غلاف غزة عبر سلاح الجو الإسرائيلي، ومن خلال السياج الأمني ومن البحر.

ولفتت الصحيفة إلى أن هناك فجوة هائلة بين الطريقة التي تعامل بها الجيش الإسرائيلي مع المحاولات المحتملة للتسلل عبر السياج، والسهولة التي تمكنت بها حماس من العمل حول العائق تحت الأرض الذي تم بناؤه على طول حدود قطاع غزة، فعندما تم افتتاح العائق؛ تفاخر ضباط الجيش الإسرائيلي بأن كمية الخرسانة المستخدمة لبناء الحاجز الجوفي كانت كافية لبناء طريق سريع من غزة إلى بلغاريا، وأن أي محاولة للاختراق على السطح ستوقع الفلسطينيين في حقل قتل بين شطري الأسوار.

ورأت الصحيفة أن الاعتماد شبه الحصري على التكنولوجيا لأغراض الردع، وإدارة الحرب من خلال أنظمة الأسلحة "See-Shoot"، التي يتم التحكم فيها عن بعد بواسطة مراقبين من مواقعهم تحت الأرض، جاء على حساب الطريقة التي تعامل بها الجيش الإسرائيلي تقليديًا مع تهديدات كبيرة عبر الحدود.
التعليقات (0)