سياسة عربية

"المجلس العربي" يعلن تأسيس شبكة للديمقراطيين لمواجهة الأنظمة المستبدة

الدول الديمقراطية هي وحدها القادرة على بناء فضاء عربي واحد يحقق مطامح الشعوب العربية في الوحدة ويسهل حياة الملايين من العرب..
الدول الديمقراطية هي وحدها القادرة على بناء فضاء عربي واحد يحقق مطامح الشعوب العربية في الوحدة ويسهل حياة الملايين من العرب..
اختتم في مدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك، مساء أمس الأحد، مؤتمر "التحول الديمقراطي في العالم العربي: خارطة طريق"، الذي أقامه المجلس العربي، يومي 7 و8 تشرين أول/ أكتوبر الجاري بالإعلان عن تأسيس شبكة للديمقراطيين العرب لمواجهة الأنظمة المستبدة.

وأكد البيان الختامي أن "النظام الديمقراطي وحده كفيل ببناء دولة القانون والمؤسسات الخادمة لأبناء شعبه المتمتعين بالعدل والحرية".

وأضاف: "الدول الديمقراطية هي وحدها القادرة على بناء فضاء عربي واحد يحقق مطامح الشعوب العربية في الوحدة ويسهل حياة الملايين من العرب".

وأوضح أن "الاستبداد، سواء منه القديم المتصلب الجامد أو الجديد الشعبوي التافه، لا أفق له غير مزيد من إغراق الشعوب في الفقر والقهر والتفرقة والتحاربب".

وكشف البيان عن "تأسيس شبكة للديمقراطيين العرب تجمع المناضلين من أجل الديمقراطية من جميع الأقطار على اختلاف فئاتهم وتوجهاتهم". 

وأشار إلى أن "شبكة الديمقراطيين ستعمل على بناء الجسور والعلاقات والتحالفات مع كافة القوى الديمقراطية في المنطقة والعالم لمواجهة الأنظمة الاستبدادية والشعبوية".

وبيّن أن المجلس العربي يعتمد خارطة طريق واضحة غايتها دعم مسارات التحول الديمقراطي في المنطقة وتسريعها.

وأكد العزم على العمل الجماعي المشترك بكل الوسائل السلمية حتى تحقيق النصر للمشروع الديمقراطي العربي.

ودعا شرفاء الأمة وقواها الديمقراطية إلى الانخراط في شبكة الديمقراطيين العرب وتوحيد الجهود من أجل استئناف المسارات الديمقراطية المعطلة أو الموءودة.

ولفت إلى أن الديمقراطيات الناضجة الصلبة هي القادرة على مواجهة التحولات الكبرى التي تغير مصائر البشر اليوم مثل التحول المناخي والذكاء الاصطناعي.

واختتم البيان بالتأكيد على "العزم على بذل الجهود، وتسخير الطاقات، وتقديم التضحيات، من أجل طيِّ صفحة الاستبداد والفساد والتبعية في أوطاننا خلال أمد قريب، وتحقيق مبدأ المواطَنة الحُرَّة الكريمة في بلداننا، وإرساء اندماج فعَّال بين شعوبنا العربية، على أساس الحرية والكرامة والديمقراطية".

وجاء اختيار مدينة سراييفو بسبب التضييق في الدول العربية، وتعذر إقامة الفعالية فيها.

وكان الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي قد افتتح المؤتمر بكلمة قال فيها: "جميعنا مقتنعون بأن الدیمقراطیة هي وحدھا القادرة على تحقیق شروط عودتنا لساحة التاریخ أي دول قانون ومؤسسات وشعوب من المواطنین لا من الرعایا - ولم لا - اتحادا بین الشعوب العربیة الحرة على غرار ما استطاعت تحقیقه الشعوب الأوروبیة بعد تخلصھا من أنظمتھا الاستبدادیة التي كانت عنصر تفرقة وتباغض وحروب كما ھو الحال الیوم في بلداننا".

وأضاف المرزوقي، أن المطلوب منا هو مساءلة تجاربنا الدیمقراطیة عموماً والعربیة على وجه الخصوص لمعرفة أین توجد الثغرات في الفكر والنواقص في الفعل التي قد تكون ھي الأسباب الرئیسیة لما نشھد من انحسار الموجة الدیمقراطیة.

وفي كلمته أشار رئيس حزب غد الثورة أيمن نور، إلى أن الأمة التي استلهمت العظمة من ماضيها، باتت تدرك ـ أكثر من أي وقت مضى ـ أنها قادرة على انتزاع حقوقها، بآلياتها السلمية، مهما كانت التكلفة، ومهما كان الثمن، من دماء شهداء معارك التحرير والحرية.

وقال أيمن نور: "نحن بحاجة لتشبيك جهودنا عربيًا بل ودوليًا من أجل تجديد مفهوم الديمقراطية وتطوير سُبل ممارستها والتخلص من أمراضها، ولهذا أثمّن غاليًا جهد مجلسنا العربي باسمي شخصيًا، وباسم تجمع الليبراليين العرب، وباسم اتحاد القوى الوطنية المصرية، وباسم كل المؤمنين والمدافعين عن الديمقراطية، وباسم كل سجناء الرأي في عالمنا العربي ممن يدفعون الثمن غاليًا في السجون والمعتقلات".

وفي مستهل كلمتها قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان: "لقد حاربوا تطلعات شعوبنا للديمقراطية ودولة القانون، وكانت النتيجةُ حروباً أهلية وانقلاباتٍ وجماعاتٍ ومليشياتٍ مسلحةً وإرهاباً، وكلها أوجه متنوعة لانتقام الثورات المضادة التي تقودها دولٌ إقليمية وتوجهاتٌ خارجية لا تريد لمجتمعاتنا أن تنتقلَ إلى وضع الدولة الحديثة الديمقراطية الممثلةِ لمصالح المجتمع وتطلعاتِه وقواهُ وفئاته المتعددة وبالطبع هي انتقام من مجتمعاتنا وثوراتنا وأحلامِنا بالحرية والعدالة والرفاه".

وعلى مدى يومين عقد المشاركون في المؤتمر جلسات نقاشية تمحورت حول تجربة التحول الديمقراطي في العالم العربي، وفي الجلسة التي عٌقدت تحت عنوان "تقييم واقع الديمقراطية في العالم العربي" خلص المتحدثون إلى أن إعاقة وعرقلة تجربة التحول الديمقراطي في العالم العربي مرتبط بالخصوصية الثقافة الداخلية والتنشئة الاجتماعية والموقع الجيوسياسي لكل بلد، بالإضافة إلى السياق التاريخي الذي أنتج أنظمة مختلفة في البلدان، كما أن مكانة الدول العربية في الاستراتيجيات الدولية وأهميتها للقوى الكبرى في النظام الدولي لعبت دوراً بارزاً في إفشال التحول الديمقراطي فيها.

وتوصّلت الجلسة التي حملت عنوان "مستقبل الديمقراطية في العالم العربي" إلى أن الابتعاد عن الأنانية السياسية كونها تمنع الإجماع السياسي، وتعزيز الحاسة الاستراتيجية للسياسيين العرب عاملان مهمان في بناء أفق ديمقراطي في الدول العربية، بالإضافة إلى إبعاد العسكر عن السلطة وتبنّي ثقافة وتربية وممارسة الديمقراطية عبر الكوادر والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني لتوليد ديمقراطية حقيقية من قلب المجتمعات، كما أن إعادة السياسية إلى المجتمع بعيداً عن شيطنتها واستخدامها كأداة للاستبداد وحياد الدول تجاه المعتقدات والأحزاب والأطياف هي شروط رئيسية لإعادة بعث الديمقراطية من جديد.

واختتمت فعاليات المؤتمر ليوم السبت بجلسة نقاشية تمحورت حول أزمة الديمقراطية في الإطار الدولي ومراجعة المفاهيم المتعلقة بها، وخلصت الجلسة إلى أن الديمقراطية تعاني من المشكلات منذ نشأتها وكأنها استثناء من القاعدة، وأن هناك تراجعا واضحا في المؤشر العالمي للديمقراطية خلال السنوات العشر الأخيرة بالإضافة للوضوح في العلاقة الطردية بين الدعم الغربي للأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية وبين تراجع الديمقراطيات فيها، وهذا سيئ بالنسبة للدول العربية التي ترزح تحت الأنظمة الاستبدادية لكن التجربة تقول إن الاتجاه الأخير لهذه الدول سيكون نحو الديمقراطية وذلك لأنها الحل الأمثل للمشكلات العديدة التي تعيشها شعوب تلك البلدان.

وسبق للمجلس العربي تنظيم مؤتمرات أخرى، أبرزها “عرب المستقبل من أمة رعايا إلى أمة مواطنين”، الذي عُقد في إسطنبول في آذار/ مارس 2019 بحضور 170 شخصية عربية، و”الديمقراطية أولاً في العالم العربي”، الذي انعقد في كانون الأول/ ديسمبر 2021 بالتوازي مع مؤتمر قمة بايدن للديمقراطية.
التعليقات (0)