صحافة دولية

الغارديان: توم باراك عميل الإمارات والسعودية في إدارة ترامب

توم باراك نقل العديد من المعلومات السرية إلى الإمارات- جيتي
توم باراك نقل العديد من المعلومات السرية إلى الإمارات- جيتي

تضيف المشاكل القانونية للمستثمر توم باراك، الصديق الثري للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والمتهم بالضغط سرًّا على الأخير لصالح النظام الإماراتي؛ المزيد من السوء إلى صورة دائرة ترامب التي كانت تعاني من استغلال النفوذ والفساد.

ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن توم باراك كتب إلى شخص ما في حكومة أجنبية في عام 2016، قائلا: "ترامب هو الرجل المنشود"، وذلك عندما بدأت احتمالية تسمية ترامب كمرشح جمهوري للرئاسة تصبح مؤكدة؛ حيث أضاف باراك - بشكل غامض - أن شخصًا لقبه بـ"سُمُو" يجب أن يكون جاهزًا للسفر.

وأضافت الصحيفة؛ أن معنى هذه الكلمات والنية من ورائها؛ تأتي في صلب محاكمة توم باراك والتي تزعج الدائرة القريبة من الرئيس السابق؛ حيث قال ممثلو الادعاء إن "سمو" في رسالة باراك الإلكترونية تشير إلى محمد بن زايد آل نهيان، الزعيم الحالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن باراك كان يحاول - سرًّا وبشكل غير قانوني - مقايضة وصوله إلى الدائرة المسيطرة على ترامب بدعم الحكومة الإماراتية ومجموعتها الضخمة من أموال الاستثمار.

وبحسب الصحيفة؛ فقد اتهمت الحكومة الأمريكية باراك - الذي بدأت محاكمته الشهر الماضي في نيويورك - بالعمل كعميل أجنبي غير مسجل؛ حيث قام بالضغط على ترامب نيابة عن الإمارات - على مدى عدة سنوات - ونقل العديد من المعلومات السرية إلى الدولة الغنية والقوية في الشرق الأوسط.

وأشارت الصحيفة إلى أن باراك ينفي التهم الموجهة إليه، والتي وصفها محاموه بأنها "سخيفة"؛ حيث يجادلون بأنه كان يحاول أن يكون مفيدًا كوسيط، وكان منخرطا في تعامل قانوني بالكامل، فقد قال مايكل شاشتر، محامي الدفاع عن باراك، الشهر الماضي: "لقد فعل أشياء لأنه أراد ذلك، وفكرة أن توم باراك كان يسيطر عليه أي شخص هي فكرة غير معقولة".

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: قضية لوبي الإمارات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي

ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم عدم وجود دليل على أن ترامب كان على علم بخطأ باراك المزعوم؛ إلا أن القضية تضاف إلى كومة المشاكل القانونية المتزايدة التي يعاني منها معسكر ترامب، والتي تشمل - حتى الآن - جلسات استماع للكونغرس حول هجوم الكابيتول الأمريكي، وتحقيق فيدرالي حول ما إذا كان ترامب يحتفظ بوثائق سرية للبيت الأبيض بشكل غير قانوني، ودعوى قضائية في ولاية نيويورك تتهمه بممارسات تجارية احتيالية، ومحاكمة ولاية نيويورك لستيف بانون - مستشار ترامب السابق - بتهمة الاحتيال على أشخاص تبرعوا لحملة لبناء جدار على الحدود المكسيكية.

ووفقًا للصحيفة؛ فقد شارك باراك في تأسيس مجموعة لجمع التبرعات مؤيدة لحملة ترامب، مع بول مانافورت، عضو جماعات الضغط، والذي أقر لاحقًا بأنه مذنب في الاحتيال المصرفي، وروبرت مولر؛ المتهم - بناء على تحقيق - بأنه شاهدٌ على العبث والتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة؛ حيث قالت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي إن تفاعلات مانافورت مع المواطنين الروس تشكل "تهديدًا خطيرًا لمكافحة التجسس"، وأنها خلقت فرصًا "لأجهزة المخابرات الروسية لممارسة النفوذ والحصول على معلومات سرية بشأن حملة ترامب".

وكان توم باراك شريكًا تجاريّا ومقربا من ترامب لعقود، والتقيا من خلال عملهما المتبادل في العقارات، وبين عامي 1980 و1990 شكل باراك وترامب وجيفري إبستين، المتهم بجرائم اجتماعية وجنسية؛ ثلاثة من "فرسان الحياة الليلية"، فقد كتب الصحفي مايكل وولف في كتابه "النار والغضب": "داخل ترامب البيت الأبيض. وعندما ترشح ترامب للرئاسة؛ جمع باراك، الذي يعمل مع مانافورت، ملايين الدولارات لحملته الانتخابية".

وتابعت الصحيفة قائلة إن باراك بدأ بالتواطؤ مع الحكومة الإماراتية قبل أن يتولى ترامب منصبه، وفقًا للمدعين العامين، ففي شهر أيار/ مايو 2016؛ أعطى مانافورت إلى باراك مسودة خطاب ألقاه ترامب، والذي شاركه الأخير مع المسؤولين السعوديين والإماراتيين؛ حيث علق عليها رشيد المالك، مسؤول الاتصال الإماراتي: "لقد أحبوها كثيرا! هذا شيء عظيم"، ومع مراجعة الخطاب؛ عمل باراك على التأكد من أنه لا يزال متوافقًا مع المصالح الجيوسياسية للإمارات.

وذكرت الصحيفة أن باراك من أصل لبناني ويتحدث العربية، ويعتبر نفسه شخصا يفهم الشرق الأوسط أفضل من معظم المسؤولين الأمريكيين، ويمكن أن يعمل كوسيط بين دول الخليج والولايات المتحدة؛ حيث أصبح هذا واضحا - بشكل خاص - عندما أغضب ترامب - بعد فترة وجيزة من توليه منصبه - الشرق الأوسط من خلال قراره بمنع الناس من العديد من الدول العربية والإسلامية من دخول أمريكا، كما حرصت السعودية والإمارات على التأثير على ترامب ضد منافستهما قطر.

وكشفت الصحيفة عنه أنه بعد أقل من أسبوعين من دخول ترامب البيت الأبيض؛ حاول باراك إقناع ستيف بانون دعم خطة من شأنها تزويد المملكة العربية السعودية بتكنولوجيا نووية أمريكية رفيعة المستوى؛ حيث أكد أن هذا من شأنه أن يساعد في "موازنة الضوضاء" الناجمة عن حظر السفر الذي فرضه ترامب. وفي الوقت نفسه - وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز - كان باراك يحاول إقناع المسؤولين السعوديين بالضغط على الولايات المتحدة لتعيين باراك كمبعوث للشرق الأوسط، وهما الأمران اللذان لم يحدثا.

ونوهت الصحيفة إلى أنه بين عامي 2016 و2019؛ دفعت السعودية والإمارات حوالي 1.5 مليار دولار لشركة باراك العقارية "كولوني كابيتال"، والتي تُسمى الآن مجموعة "ديجيتال بريدج". ففي عام 2017 - على سبيل المثال - دفعت صناديق الثروة السيادية الإماراتية 374 مليون دولار في صفقتين رتبتهما كولوني كابيتال. وفي فبراير 2019، وبينما كان في مؤتمر في أبو ظبي؛ بدا أن باراك يبرر مقتل السعودية للصحفي السعودي الأمريكي جمال خاشقجي؛ حيث قال: "مهما حدث في السعودية؛ فإنه يتساوى مع الفظائع في أمريكا، أو ربما ما يحدث في أمريكا أسوأ"، على الرغم من أنه اعتذر لاحقا عن هذا التصريح.

 

اقرأ أيضا: بوليتكو: لماذا تدهورت علاقة ترامب برفيقه توم باراك؟

وبينت الصحيفة أنه تم الإبلاغ عن علاقات باراك بدول الخليج من قبل لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأمريكي في عام 2019؛ حيث قال رئيس اللجنة، إيليا كامينغز: "فيما يتعلق بالسعودية؛ فإن إدارة ترامب قد طمست فعليًّا الخطوط التي تفصل عادة بين صنع السياسات الحكومية ومصالح الشركات والمصالح الأجنبية".

وعندما أصبح التأثير الأجنبي على محكمة ترامب موضوع تدقيق متزايد؛ خضع باراك للتحقيق، فقد اتهمه المدعون بخداع العملاء الفيدراليين الذين قابلوه في عام 2019، كما امتدت الاتهامات إلى أشخاص آخرين، مثل مالك، وهو نقطة اتصال باراك الإماراتي، بأنه شريك في هذه الاتهامات، لكنه تجنب المحاكمة لأنه ليس في أمريكا، وأيضًا اتُّهم ماثيو غرايمز، مساعد باراك في كولوني كابيتال، بجريمة أقل تتعلق بالضغط.

وقال هيرال ميهتا، في البيان الافتتاحي للحكومة الشهر الماضي؛ إن باراك "وفر بشكل غير قانوني لدولة أجنبية الوصول والنفوذ على أعلى المستويات في حكومة الولايات المتحدة"، وأن "الإجراءات التي اتخذوها لم تكن تجارية؛ بل كانت جرائم".

ووفق الصحيفة؛ فقد بدأ الشهود في الإدلاء بشهاداتهم مؤخرا؛ مع استدعاء ريكس تيلرسون، وزير خارجية ترامب السابق، للإدلاء بشهادته، والذي قال إنه لا يعرف باراك جيدًا، ولا يعرف علاقته بالإماراتيين، وأن تأثيره على وزارة الخارجية الأمريكية كان ضئيلا.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أنه بغض النظر عن نتيجة محاكمة باراك؛ فيبدو من غير المحتمل أن تفعل أي شيء لتحسين الإرث الغامض بالفعل لفترة ترامب في البيت الأبيض؛ حيث قال باتريك كوتر، المدعي العام الفيدرالي السابق، لصحيفة الغارديان في عام 2020: "أعتقد أنه لم يسبق في أي إدارة أمريكية أن ثبت أن العديد من أقرب دائرة من الأشخاص حول الرئيس هم محتالون ومجرمون".

التعليقات (0)