هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شرع التونسيون الاثنين بالتصويت في استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس قيس سعيّد وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بذلك الذي كان قائمًا قبل العام 2011.
فتحت أكثر من 11 ألف مركز اقتراع أبوابها أمام المواطنين اعتبارا من السادسة صباحًا (الخامسة بتوقيت غرينتش) على أن تغلق في العاشرة مساء.
بلغت نسبة المشاركة حتى الساعة التاسعة والنصف صباحا 6.32%، على ما أفادت به هيئة الانتخابات مع إدلاء 564,753 ناخبا بأصواتهم داخل تونس، فيما وصفه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر بأنه "رقم هام ومشجع".
ويثير مشروع الدستور الجديد مخاوف لدى الخبراء بتأسيسه لنظام رئاسي بامتياز يتعارض كليا مع النظام البرلماني الذي جاء به دستور ما بعد ثورة 2011.
وفي الإنفوغراف أدناه مقارنة بين الدستورين القديم والجديد المطروح للاستفتاء:
مرحلة الاستفتاء "هي الثانية ضمن مخطط تم إقراره" من قبل الرئيس بعدما قام "بتعليق ثم حلّ المؤسسات الجمهورية بما فيها البرلمان"، بالإضافة إلى تغيير قانون منظم للمجلس الأعلى للقضاء وهيئة الانتخابات.
وينصّ الدستور الجديد على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويمكن أن يقيله إن شاء، بدون أن يكون للبرلمان دور في ذلك.
كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من قبل نواب البرلمان.
فضلا عن ذلك، انقسمت الوظيفة التشريعية بين "مجلس نواب الشعب" الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات و"المجلس الوطني للجهات" ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهامه.
تندّد المعارضة والمنظمات غير الحكومية بالنصّ الجديد معتبرةً أنه "مفصّل على قياس" سعيّد ويحصر السلطات بأيدي الرئيس الذي لا يمكن إقالته بموجب الدستور الجديد، خلافًا لما جاء في دستور العام 2014. وفي المقابل يُمنح للرئيس الحق في حل البرلمان والمجلس الوطني للجهات.
وفي تصريح سابق لـ"عربي21"، قال المقرر العام لدستور 2014، الحبيب خذر، إن المجلس الوطني التأسيسي، الذي وضع الدستور، وقع انتخابه في انتخابات هي الأولى من نوعها من حيث النزاهة والشفافية وحجم المشاركة، ما جعل هذا المجلس يتمتع بدرجة عالية جدا من الشرعية التي كانت تسمح له بأن يتولى منفردا مهمة صياغة الدستور الجديد.
واستدرك بالقول إنه رغم ذلك فإن "المجلس حبّذ أن يفتح أبوابه وأن يجعل من عملية صياغة الدستور عملية تشاركية، تشارك فيها غالب الفعاليات الموجودة في البلاد، فأتاح المجال للمنظمات والأحزاب والكفاءات الجامعية".
وتابع خذر: "بل إن الأمر وصل إلى حد إتاحة المجال لبعض من ترشحوا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي ولم يقع انتخابهم، من ضمنهم الصادق بلعيد، وبعض الشخصيات التي لم تترشح قطعا مثل قيس سعيّد وعديد الشخصيات الأخرى".
وقال: "نظم المجلس ما أسماها بالأيام المفتوحة واستدعى خلالها جمعيات من مختلف ولايات الجمهورية، وعرض عليها مدى التقدم في صياغة النص الدستوري وتلقى مقترحاتهم. وتوجه المجلس في كانون الأول/ ديسمبر 2012 إلى مختلف ولايات الجمهورية، حيث عرض النسخة الأولى من الدستور لمناقشتها".
وأضاف النائب السابق: "توجه المجلس أيضا إلى الشباب الطلابي وعقد اجتماعات موجهة للطلبة في الجامعة التونسية، كما أنه توجه إلى الجالية التونسية بالخارج وعقد عديد الاجتماعات المباشرة في عدة مدن أوروبية، فضلا عن بعض الندوات الافتراضية".
وأوضح: "بنظرة إجمالية، هذا يؤكد أن الدستور وقعت صياغته من قبل أعضاء المجلس الوطني التأسيسي دون شك، ولكن في إطار رؤية تشاركية حقيقية سمحت بأن يكون ذلك الدستور دستورا للشعب التونسي، ليس على مقاس أي شخص ولا أي حزب، وإنما هو دستور على مقاس ما أراده الشعب التونسي".
وبيّن المختص في القانون أن "المجلس اختار الانفتاح في صياغة الدستور، واعتماد هذا التمشي يتطلب وقتا، وهو من ضمن مبررات الوقت الذي استغرقته صياغة الدستور".
في المقابل، قال عضو المجلس الوطني التأسيسي عما الحمامي، والذي شارك في صياغة مسودة الدستور الجديد، عماد الحمامي، إن دستور 2014 جاء بعد ثورة وباتفاق وطني بين من قاموا بثورة 2011، في قطيعة مع الفترة السابقة.
اقرأ أيضا: إعلام فرنسي: الاستفتاء بتونس سيقضي على سراب الديمقراطية
وأوضح في تصريح سابق لـ"عربي21" أن "صياغة الدساتير في تونس تتم عبر مجلس وطني تأسيسي كما هو الحال في تونس عامي 1959 و2014، أو عن طريق لجنة صياغة تتوفر فيها التمثيلية والكفاءة كما يقع في تونس حاليا، أو عن طريق مشروع دستور يقع عرضه على الاستفتاء، هو احتمال كان مقترحا في عام 2014، إلا أن الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي لم ير ضرورة لذلك".
وقال عضو البرلمان المنحل إنه "عشية 25 تموز/ يوليو 2021 الذي أعتبره شخصيا تصحيحا لمسار الثورة، وصلنا إلى وضع كانت فيه مؤسسات الدولة متصدعة فيما بينها، فضلا عن أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية، ومؤسسات الدولة كانت مهددة بالانهيار".
وتابع: "وهذا كان تبرير رئيس الجمهورية لتفعيل الفصل 80 من الدستور بغاية إنقاذ الدولة من الانهيار وتصحيح مسار الثورة، وفي هذا السياق جاءت خارطة الطريق التي تنص على تشكيل لجنة لإعداد مشروع دستور جديد يختمه رئيس الجمهورية، الذي له حق التعديل باعتباره حجر الزاوية كممثل للرعية من باب الاستمرارية".