سياسة تركية

محللون: الأزمة الأوكرانية تدفع إلى تقارب أمريكا مع تركيا

حركة اقتصادية كبيرة بين واشنطن وأنقرة في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا- الرئاسة التركية
حركة اقتصادية كبيرة بين واشنطن وأنقرة في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا- الرئاسة التركية

أثارت الحرب الروسية على أوكرانيا، تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين أنقرة وواشنطن، في ظل الحديث عن توجه الشركات الأمريكية المنسحبة من روسيا للاستقرار في تركيا.

وسادت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة توترا ما زال قائما بسبب اقتناء أنقرة لمنظومة "أس400" الروسية، والدعم الأمريكي لمنظمة العمال الكردستاني/ الفرع السوري في شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى قضايا أخرى.

وشهدت أنقرة حركة دبلوماسية غربية مكثفة في الآونة الأخيرة، في ظل حراكها للوساطة بين موسكو وكييف، وموقفها المتوازن من الحرب، واكبها اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن.

 

الخبير التركي مته سوهتا أوغلو، قال إن هناك ثلاثة أبعاد للعلاقات التركية الأمريكية، وهي العسكرية والسياسية والاقتصادية.

 

وتابع الخبير التركي في حديثه لـ"عربي21"، بأنه في السنة الأولى لإدارة بايدن، لم يكن من الممكن حل القضايا الأمنية بين أنقرة وواشنطن والتي ورثتها من الإدارة السابقة (إدارة ترامب)، لكن أجندة إيجابية تشكلت بين البلدين بسبب تحديات جيوسياسية في المنطقة أبرزها القضية الأفغانية والحرب على أوكرانيا.

 

وأضاف أن إدارة بايدن التي قررت الانسحاب من أفغانستان وواجهت صعوبة في شرح قرارها لحلفائها الغربيين، لم تستطع تجاهل الموقف البناء الذي اتخذته تركيا تجاه القضية الأفغانية.

 

وأشار إلى أن الحوار المنقطع بين البلدين عاد مرة أخرى على أرضية جديدة تركز على أفغانستان، ولم تستطع الولايات المتحدة معارضة الموقف التركي المبرر في الساحتين البحرية والبرية (في إشارة إلى شرق المتوسط وشمال شرق سوريا).

 

ونوه إلى أن إدراج الولايات المتحدة لروسيا، بالإضافة إلى الصين على رادارها الأمني في صراع القوى العالمي الجديد، تجبر عضو الناتو على إعادة النظر بالتحالفات التي تعزل تركيا واستغلال موجة التطبيع التي ظهرت بين دول المنطقة في البحرين الأسود والمتوسط لصالح كفاحها العالمي.

 

وأضاف أنه إذا تم قبول فكرة الإنتاج المشترك في بعض القدرات العسكرية ومشاركة التكنولوجيا داخل الحلف، فإن ذلك يعد تطورا من شأنه التخفيف على تركيا بشأن قضية "أس400".

 

اقرأ أيضا: تركيا مركز محتمل لآلاف الشركات الأمريكية المنسحبة من روسيا
 

ورأى أن إدارة البيت الأبيض تفضل الانتظار حتى انتخابات عام 2023 بتركيا، لاتخاذ خطوات ملموسة بشأن العلاقات التركية الأمريكية، ولكن قد تمنح تركيا الضوء الأخضر لعملية ضد وحدات حماية الشعب الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني في الصيف المقبل.

 

ورغم تواصل الاتصالات بين الجانبين، فلا يمكن حل الإشكاليات العالقة، ولا يمكن تحقيق التسارع المطلوب، ولكن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشكل إيجابي على العلاقات التركية الأمريكية، كما تقول الكاتبة هاندا فرات في صحيفة "حرييت".

وذكرت الكاتبة أنه رغم استمرار تبادل وجهات النظر حول الحرب بين البلدين من منظور سياسي، فإن نقطة التحسن الرئيسة في العلاقات تتشكل بوضوح من خلال الاقتصاد والتجارة.

وأشارت إلى أنه حتى لو انتهت الحرب، فإن العقوبات المفروضة على روسيا سوف تستمر، والهدف الغربي هو إنهاء "روسيا بوتين".

وأفادت تقارير، بأن الشركات الأمريكية المنسحبة من روسيا تتجه لنقل مقار عملها إلى تركيا، وسط دعوة من سفير واشنطن في أنقرة لكبار المستثمرين الأمريكيين لإجراء زيارات إلى تركيا من أجل الاطلاع على الإمكانات الاستثمارية وفرص التعاون.

وقبل أيام ذكر محمد علي يلجينداغ رئيس مجلس الأعمال التركي الأمريكي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية (DEİK)، في لقاء مع صحيفة "جمهورييت" أنه رغم البرودة السياسية بين أنقرة وواشنطن، فإن هناك حركة نشطة على الصعيد التجاري، وأصبحت الولايات المتحدة ثاني أكبر دولة مصدرة بعد ألمانيا، وتجاوز حجم التجارة 28 مليار دولار، وبلغت الزيادة في صادرات تركيا إلى أمريكا نحو 30 بالمئة.

الكاتبة هاندا فرات، ذكرت أن الشركات الأمريكية تنسحب الآن من روسيا، وهناك قضية أخرى مهمة لتركيا وهي أن الولايات المتحدة تخفض وارداتها مع الصين وستخفضها بشكل أكبر، وهو ما أكده يلجينداغ الذي قال إن أمريكا التي دخلت في معركة مع روسيا بشأن أوكرانيا، تحاول محاصرة الصين بعقوبات اقتصادية منذ فترة، وبعد أن خفضت إمداداتها من الصين، خفضت وارداتها بمقدار 90 مليار دولار في السنة، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 200 مليار دولار في عام 2023.

 

اقرأ أيضا: ضغوط لضم تركيا للعقوبات على روسيا.. ما موقف أمريكا؟

وكان السفير الأمريكي ذكر أن تركيا حليف لا غنى عنه، والأمر لا يتعلق فقط على صعيد الأمن، مشددا على أن تركيا شريك اقتصادي هام، مضيفا: "مع الحرب تشكلت منطقة رمادية، ونعتقد أن تركيا ستستفيد من ذلك".

ولدى الولايات المتحدة ما مجموعه خمسة آلاف شركة في أوكرانيا وروسيا، 1100 منها في روسيا، ومع بداية أذار/ مارس شهدت أنقرة حركة دبلوماسية مع واشنطن، والتقى مسؤولون أمريكيون بأعضاء مجلس الأعمال التركي الأمريكي.

ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها الكاتبة فرات، فإن المسؤولين الأمريكيين أعطوا رسائل تتضمن أن التصورات بواشنطن عن تركيا تتغير بسرعة وإيجابية، كما أن موقفها من روسيا وأوكرانيا لقي ترحيبا أمريكيا. 

وأشارت إلى أن هناك اعتقادا بأن المشاكل بين البلدين يمكن حلها، إذا تواصلت "الرياح الدافئة" في العلاقات مستقبلا، وتنظر الإدارة الأمريكية بأهمية في مسألة تحديث وشراء المقاتلات "أف16".

وقبيل الحرب الأوكرانية الروسية، طلبت تركيا من الولايات المتحدة شراء 40 طائرة "أف16" مقاتلة من إنتاج "لوكهيد مارتن"، ونحو 80 من معدات التحديث لطائراتها الحالية.

حركة اقتصادية كبيرة بين واشنطن وأنقرة

وذهب وفد من دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية، وجمعية المصدرين الأتراك إلى الولايات المتحدة، فيما وصل نائب رئيس غرفة التجارة الأمريكية مايرون بريليانت إلى تركيا.

وفي نيسان/ أبريل المقبل، سيصل ثمانية أعضاء من الكونغرس الأمريكي إلى تركيا وستَجري لقاءات مع السلطات ورجال الأعمال الأتراك.

وفي 21-22 حزيران/ يونيو، سيعقد مؤتمر مشترك بين غرفة التجارة الأمريكية ومجلس الأعمال التركي الأمريكي في واشنطن (لم يعقد المؤتمر منذ عامين).

ومن بين الموضوعات الرئيسية للمؤتمر صناعة الدفاع، والقطاعات الرقمية والطاقة، التعاون في دول العالم الثالث والاستدامة، ويشارك فيه وزراء الدفاع والخارجية والتجارة والخزنة للبلدين.

ولفتت الكاتبة فرات إلى أن المسؤولين الأمريكيين مهتمون بإمكانية مشاركة الرئيسين بايدن وأردوغان بالمؤتمر.

وأشارت إلى أن زيادة التجارة ونقل العلاقات الاقتصادية إلى بعد مختلف، يسهم في حل المشاكل السياسية والعسكرية بين البلدين، وإذا فضلت الشركات الأمريكية تركيا، فستكون خطوة مهمة للغاية من ناحية اقتصادية والعلاقات الثنائية.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم