مقالات مختارة

هل عاد الصدر إلى بيت الطاعة الشيعي؟

وائل عصام
1300x600
1300x600

جاء اجتماع مقتدى الصدر مع قادة التنسيقية الشيعية في العراق، ممثلي الأحزاب التقليدية العامري والمالكي والخزعلي والحكيم، منسجما عما تحدثنا عنه في مقالات سابقة، عن وجود إصرار بين أقطاب في المرجعية ومراكز قوى شيعية نافذة، على تحقيق تسوية بين أحزاب التنسيقية الشيعية والصدر في العراق، بحيث تشكل الحكومة باتفاق مشترك على رئيس الحكومة وأعضائها، من دون اللجوء لخيار حكومة الأغلبية والمعارضة البرلمانية، لما سيشكله هذا الخيار من تهديد لوحدة البيت الشيعي الداخلي، وهذا ما حذر منه صراحة أكثر من قيادي شيعي أهمهم، عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني في كربلاء، الذي أضاف إلى تحذيره عبارة ذهاب الحكم إلى «آخرين».


وآخر من تحدث بذلك صراحة من رجال الدين الشيعة هو صدر الدين القبانجي الذي قال «إذا تفكك البيت الشيعي فإنها ستكون نهاية العراق، وتنتهي الحرية وترجع علينا الديكتاتورية، ويرجع علينا صدام وأمثال صدام وماكو انتخابات».


إذن قضية التوافق بين الأطراف الشيعية تكاد تكون محط إجماع لدى المرجعية وممثل السيستاني، وهو ما سيستمر بالضغط على مقتدى الصدر لجسر هوة الخلافات بالذات مع المالكي.

 

أضف لذلك أن الصدريين ورغم أنهم كتلة فائزة، إلا أنهم ليسوا كتلة أكبر، فالأطراف الشيعية الأخرى قادرة على ما يبدو على نسج تحالفات برلمانية مع كتل كردية وسنية حليفة، ما سيمنح الإطار التنسيقي عددا أكبر من المقاعد، بل إن الأحزاب الشيعية الأخرى تشكل مجتمعة مع بعض المستقلين المقربين لها، عددا مقاربا من مقاعد للكتلة الصدرية، وهي حسابات يدركها الصدر غير القادر على ما يبدو على نسج أي تحالف أغلبية مع كتل سنية أو كردية، انتهجت منذ سنوات سياسة تقضي بالتحالف مع من يتفقون عليه الشيعة مجتمعين.

 

هذه كلها اعتبارات دفعت باتجاه عقد هذا الاجتماع وجاءت بمقتدى الصدر ليجلس مع غريميه المالكي والخزعلي، وإن كان لا يرغب في ذلك.


لكن الصدر خرج بعد الاجتماع، الذي بدا أنه بوابة التوافق داخل البيت الشيعي على تشكيل حكومة توافقية، مرددا عباراته عن «لا شرقية ولا غربية، حكومة أغلبية» وكذلك قال حسن العذاري الناطق باسمه عن مخرجات الاجتماعات، التي كانت على رأسها المطالبة بحكومة أغلبية، بينما خرج ممثل تيار الحكمة وهو طرف محايد بالخلاف بين الصدر والمالكي، معلنا أن أهم مخرجات الاجتماع هي الاتفاق على أن يكون رئيس الوزراء «توافقيا» والوزراء حسب الوزن الانتخابي، وهو على ما يبدو الأقرب للتصديق من تصريحات الناطق باسم الصدر عن حكومة أغلبية، وهو مصطلح يطرح عادة للإشارة إلى ذهاب الكتلة الفائزة الصدرية لتشكيل حكومة من دون توافق مع الكتل الشيعية الأخرى، وتحول الآخرين إلى معارضة برلمانية كما طالب بذلك مقتدى نفسه في أحد التصريحات، الأمر الذي لم يحصل قبل ذلك في أي انتخابات ولا أعتقد أنه سيحصل رغم حديث الصدر المتكرر عنه.

 

من المهم هنا ملاحظة أن الصدريين ربما لا يميزون المدلول الفعلي لتصريحاتهم في كثير من الأحيان، ومن الممكن أن يكونوا قد اعتبروا أن أي حكومة تضمن عددا من الوزراء، تكون فيه للصدر أغلبية بين الكتل الشيعية هي حكومة أغلبية، هي في الحقيقة حكومة توافقية لأنها تتشكل بتوافق الكتل، والمعيار هنا هو تصويتهم لصالحها في البرلمان، ومن الطبيعي أنها تضم عددا من الوزراء فيها نسبة أغلبية للصدريين تتناسب مع مقاعدهم العالية، من دون أن يعني، حكومة أغلبية، ولا أن رئيس الوزراء سيكون صدريا، بل سيكون توافقيا بين الكتل الشيعية إذا ما سارت الأمور في سياق مشابه لاجتماع الامس بين الصدر والإطار التنسيقي.

 

ومن المهم هنا الحذر من أخذ تصريحات الصدريين بجدية، فقادة التيار عادة ما يستخدمون مصطلحات موجهة لجمهورهم، ومفرغة من مضمونها السياسي الحقيقي، مثلا كان مقتدى الصدر يقدم قائمته الانتخابية قبل أربع سنوات على أنها «مدنية» وهكذا انطلق الكثير من مناصريه في توصيف تحالفه الانتخابي بأنه مع الدولة المدنية، وخرج مقتدى الصدر في إحدى المرات ليلقي خطابا انتخابيا وخلفه يافطة كبيرة مليئة بشعارات عن الدولة المدنية، وكان أول تساؤل أثار حينها الاستغراب من محاولة توليف مشهد العمامة مع شعارات المدنية على اليافطة الانتخابية.


لم يتأخر مقتدى كثيرا ليخرج بتصريحات مناقضة تماما لأي من مفاهيم «الدولة المدنية» حسبما يفهمها الصدريون على طريقتهم الخاصة، حين قال في تصريح رسمي، إنه يسعى لتأسيس «دولة إسلامية» بل يريدها دولة ممهدة لظهور الإمام المهدي، لعله نسي أن يضيف شعارا جديدا «دولة إسلامية لا مدنية ولا شرقية ولا غربية»!

 

عن صحيفة القدس العربي اللندنية

1
التعليقات (1)
|أحمد
السبت، 04-12-2021 08:56 ص
الصدر أهوج و دائما يعد و يخلف لذلك لا يمكن الاعتماد عليه و هذا سبب بعض السنه من الابتعاد عن التحالف معه ثم في نهايه الامر ستصله الاوامر من ايران و ما عليه الطاعه