هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتصر حكم قضائي لبقاء حزبين سياسيين معارضين في مصر،
أحدهما يرأسه المرشح الرئاسي السابق والمعتقل حاليا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح،
والآخر حزب "يساري" التوجه شارك في خطوات تأسيسه المرشح الرئاسي السابق
المحامي الحقوقي خالد علي.
وقضت المحكمة الإدارية العليا (دائرة الأحزاب السياسية)، السبت،
برفض دعويين مقامتين من المحامي سمير صبري، لحظر حزبي "مصر القوية" و"العيش
والحرية"، أو أي هيئة تنتمي إليهما أو تنبثق منهما.
حزب "العيش والحرية" تحت التأسيس، منذ تشرين
الثاني/ نوفمبر 2013، حينما أعلنت 280 شخصية سياسية وحزبية عن تأسيسه كحزب يساري،
فيما اختصمت الدعوى وكيل الحزب السابق المحامي خالد علي، الذي استقال من منصبه بعد
اتهامات بحقه بالتحرش الجنسي، برأه الحزب منها في شباط/ فبراير 2018.
وحزب
"مصر القوية"، تأسس في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، برئاسة المرشح
الرئاسي أبوالفتوح، الذي حل رابعا بانتخابات عام 2012، وهو من أحزاب "يسار
الوسط".
المحامي
سمير صبري، اتهم في دعواه المرفوضة أبوالفتوح بأن له "ارتباطا تنظيميا بجماعة
الإخوان المسلمين"، مدعيا أنه "أداة منفذة لتعليمات التنظيم الصادرة
إليه"، مطالبا بعزله من الحزب.
واعتقل
أبو الفتوح عند عودته من خارج البلاد في شباط/ فبراير 2018، ورغم مرور أكثر من
عامين على حبسه احتياطيا، إلا أن النيابة العامة أكدت عدم إخلاء سبيله الثلاثاء، 15
حزيران/ يونيو 2021، فيما تعرض عدد من قيادات الحزب للاعتقال، بينهم نائب رئيس
الحزب محمد القصاص.
الأكاديمي المصري مصطفى السعيد، أكد أن "هذا حكم
تاريخي يشرف من أصدره وفريق الدفاع الذي تصدى لمساندة الحزبين".
مراقبون يرون أن النظام سمح ببقاء الحزبين حتى لا يبدوا
أنه يقيد الحياة السياسية، مؤكدين أن لديه قبضة أمنية على السياسيين، وصنع قوانين
تجمد عمل الأحزاب، وتراقبها، وتقلل من دورها، كما حصر عملية الممارسة السياسية
والحزبية بحزب "مستقبل وطن" صاحب التمثيل الأكبر بغرفتي البرلمان.
"عديم الجدوى"
وحول قيمة هذا الحكم وأهميته، ومدى
انتصاره للحياة السياسية، قال المستشار الإعلامي لحزب
"البناء والتنمية" خالد الشريف، إن "الحياة السياسية في مصر ماتت
منذ الانقلاب على التجربة الديمقراطية منتصف 2013، وعلى الإرادة الشعبية، وسجن وقتل
الرئيس المنتخب محمد مرسي".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بل تم تجميد الحزب
الحاكم (الحرية والعدالة)، ثم (البناء والتنمية)، وتم اعتقال كل الكوادر والرموز
السياسية؛ بل أصبحت السياسة جريمة في مصر، يُعتقل ويُطارد كل من يمارسها ومن يبدي
رأيه أو يعارض النظام وممارساته".
ويرى الشريف أن "الحكم القضائي الخاص بـ"مصر القوية"
و"العيش الحرية"، عديم الجدوى؛ لأنه في حالة الأول رئيس الحزب ونائبه رهيني
الحبس، بل إن قيادات الحزب تم اعتقالها والإفراج عنها منذ فترة، والحزب شبه مجمد
النشاط".
وجزم بأن "مصر تعيش الآن في سجن كبير، وحكم الإعدام الأخير
على رموز وقادة العمل السياسي خير دليل على ذلك"، مؤكدا أن "العمل
السياسي بمصر الآن مغامرة تؤدي إلى الموت أو قل عملية استشهادية".
"يبقيها
مجرد صورة"
وفي رؤيته لأسباب ترك النظام الحزبين دون التخلص منهما، خاصة أن توجه الأول إسلامي وتوجه الثاني يساري، قال رئيس
حزب الفضيلة المهندس محمود فتحي، إنه "لا توجد أحزاب تم إلغاؤها أو سحب
ترخيصها".
وأوضح
في حديثه لـ"عربي21" أنه "حتى أحزاب تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب
من (الحرية والعدالة)، و(البناء والتنمية)، و(الفضيلة) وغيرها، لم يتم حلها برغم
أن هناك أشخاصا من مؤيدي النظام العسكري الحاكم أقامت دعاوى قضائية ضد أحزاب
التحالف، ولم يُلتفت إليها أو تفعّل".
ولفت إلى أنه رغم تضييق النظام على الأحزاب وعملها، واعتقاله
للسياسيين إلا أنه لم يمس الأحزاب، مؤكدا أنه "لا يحتاج لإصدار حكم بحل
الأحزاب، فهو لا يسمح بالعمل السياسي، وبالتالي لا يعبأ ببقائها كصورة".
"واقع سياسي مأزوم"
مدير "المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية"، الدكتور ممدوح المنير، قال إن "مصر لا يوجد بها أحزاب سياسية من الأساس حتى
تكون فيها حياة حزبية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "قرار المحكمة
الإدارية العليا لن يكون له أثر حقيقي، لا لهذين الحزبين و لا لباقي الأحزاب" ، مبينا أن "السيسي يكره كل ما له صلة بالديمقراطية من حياة
سياسية وحزبية، وغير ذلك من مكوناتها".
وأكد أن "الأحزاب في مصر الآن، سواء كانت مؤيدة للنظام، أو ما
تسمى معارضة، لم تصنع شيئا لمصر؛ اللهم إلا المشاركة بمسرحية السيسي الرديئة
(الانتخابات) التي تصنعها أجهزة المخابرات، وتكتب فصولها الأجهزة الأمنية، وتوزع
الأدوار على الأحزاب".
وتابع المنير: "بالطبع لا أعمم؛ فهناك أحزاب لا تحركها
الأجهزة الأمنية، ولذلك تم إفقادها الفاعلية والتأثير، ولم يعد لها من اسمها إلا
اللافتة دون مضمون".
وختم بالقول إن "هذا الحكم لن يغير شيئا من واقعنا السياسي
المأزوم بحكم العسكر".
"القبضة الأمنية"
وعقب
ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، تأسست أحزاب مصرية جديدة، منها "الحرية
والعدالة" الحاكم منتصف 2012 وحتى منتصف 2013، كما نشط دور الأحزاب، وقدمت
أكثر من 13 مرشحا في رئاسيات 2012، والتي أسفرت عن فوز الرئيس الراحل محمد مرسي.
وفي
مصر الآن أكثر من 100 حزب سياسي، وفق تقديرات شبه رسمية، لم تستطع تقديم مرشح يخوض
الانتخابات الرئاسية أمام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بدورتي 2014 أو 2018،
ويسيطر على البرلمان بغرفتيه حزب "مستقبل وطن"، فيما يتم اختيار نواب
البرلمان وفقا لتصنيفات أمنية بحتة، وفق مراقبين.
واستخدم
النظام العسكري الحاكم قبضته الأمنية مع السياسيين ورجال الأحزاب، التي كانت سببا
في تراجع المحامي خالد علي، والسياسي أنور السادات، والفريق أحمد شفيق، عن الترشح
أمام السيسي، الذي قام بحبس رئيس الأركان الأسبق سامي عنان، والعقيد بالجيش أحمد
قنصوة، إثر إعلانهما الترشح للرئاسة.