هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تتردد السلطات المصرية في الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، رغم القمع الذي يمارسه نظام زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي لم تشهده مصر على مدار تاريخها الحديث، وفق بيان الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في فرنسا.
ويحتفل العالم بـ"يوم حقوق الإنسان" في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر كل عام، للتذكير بالمبادئ التي تضمنها الميثاق العالمي الذي صدر عام 1948، ويعد بمثابة حجر الزاوية في بنيان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
الأمم المتحدة (@UNarabic) December 10, 2020
وزعمت الخارجية المصرية، بهذه المناسبة في بيان لها، أن "مصر خطت خطوات بالغة الأهمية نحو الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان على المستوى الوطني"، مشيرة إلى إتمام الاستحقاق الدستوري الخاص بمجلس الشيوخ والنواب، وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم العمل الأهلي في مصر.
وسخر سياسيون وحقوقيون، في تصريحات لـ"عربي21"، من احتفال السلطات المصرية، التي تعتقل في سجونها أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، ونفذت أكبر حملة إعدامات العام الجاري، مشيرين إلى المثل الشعبي القائل "يقتل القتيل ويمشي في جنازته".
اقرأ أيضا: هكذا انتقدت "لوموند" صفقات السلاح بين السيسي وماكرون (صورة)
وأكدوا أن المجتمع الحقوقي يعيش صدمة كبيرة جراء تغاضي فرنسا عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، مقابل الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وباريس، وتجاهل كل النداءات الحقوقية للضغط على السلطات المصرية لتصويب نهجها الخاطئ.
صدمة حقوقية
وفي تطور صادم، أكد ماكرون خلال مؤتمر صحفي مع السيسي، الإثنين، أن علاقات بلاده مع مصر وبيع الأسلحة لها لن تتأثر بملف حقوق الإنسان فيها، ما أثار مزيدا من السخط بين النشطاء والحقوقيين.
فيما عبر خبراء حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن الاعتقالات في مصر، مؤكدين أن فرنسا ستقوض الجهود المبذولة في مجال حقوق الإنسان، إذا لم يعرب ماكرون عن مخاوفه أمام السيسي بشأن الاعتقالات.
وقالت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، الإثنين، إن مصر خلال عهد السيسي "تعيش فترة قمع لم تشهدها خلال تاريخها الحديث، ولم ترَ مثلها على الإطلاق. يتم القبض على معظم المحامين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والنقابيين لمجرد ممارسة حقوقهم ووظيفتهم الرئيسية".
الرهان على الشعوب
وألقى البرلماني والسياسي المصري السابق، محمد عماد صابر، باللوم على الغرب في منح السيسي الضوء الأخضر منذ سنوات لانتهاك حقوق الإنسان دون أي مساءلة، قائلا إن "السيسي يقمع المصريين تحت مظلة منظومة حماية مالية دولية".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" قائلا: "ليس ماكرون ولا ترامب وحدهما، كل الغرب يؤيد ويدعم السيسي في قمعه وانتهاكه لحقوق الإنسان، وهو بذلك متورط في دماء وسجن واعتقال آلاف المصريين"، مشيرا إلى أن "الدفاع من أجل بعض الحقوقيين؛ لأنهم نخبة الغرب التي تمثل فكره ومشروعه ومنهجه".
وشدد البرلماني المصري على أنه لا رهان على غرب ولا شرق، الرهان على الشعب وحده، عندما تنتفض أو تثور الشعوب ينحاز الغرب رغما عنه؛ حتى لا يخسر مصالحه، بل يضحي ببعض الوكلاء على أمل ظهور وكلاء جدد، وهم دوما تحت الطلب"، لافتا إلى أنها "طبيعة الصراعات والمصالح".
اقرأ أيضا: غضب من تصريحات ماكرون والسيسي في فرنسا.. ماذا قالا؟
وفي مقال بموقع بلومبيرج الأمريكي، انتقد الكاتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ لأنه فوت فرصة سانحة لمساءلة السيسي على الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، ورغم المعارضة الشديدة من قبل الجماعات الحقوقية دعاه لزيارة باريس.
مسؤولية القمع في مصر
واعتبر المدير الإقليمي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، مصطفى عزب، أن "نظام السيسي موضع انتقادات المؤسسات الغربية، سواء على المستوى البرلماني أو الخارجية، إضافة إلى المجتمع المدني الغربي، لكن هناك مواءمات تقودها قوى إقليمية، مثل الإمارات وإسرائيل؛ بهدف فتح مجال لنظام السيسي للتنفس".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن نظام السيسي يتحمل بشكل واضح ما وصلت له حالة حقوق الإنسان في مصر، ربما يكون المجتمع الدولي مشاركا بشكل أو بآخر من خلال تقديم المصالح الاقتصادية وصفقات الأسلحة على قضايا حقوق الإنسان، لكن المسؤولية في الممارسة والتنفيذ والتخطيط يسأل عنها السيسي والقوى الإقليمية التي دعمته ماليا ودبلوماسيا".
وأرجع سبب قمع السلطات المصرية للعمل الأهلي في مصر وتخوفها منه إلى أن "نظام السيسي وصل إلى سدة الحكم عبر القمع وقوة السلاح؛ وبالتالي هو لا يمتلك مشروعا سياسيا للمنافسة على السلطة بشكل ديمقراطي، مشيرا إلى أن "هذا القمع يناقض أهداف العمل الأهلي والممارسات الديمقراطية وفتح مجال الحريات؛ لأنها تشكل تهديدا لنظام السيسي".