قضايا وآراء

في بيلاروسيا.. كل الطرق تؤدي إلى كوفيد-19

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

تشهد العديد من الدول ارتفاعا ملحوظا في عدد مصابي فايروس كورونا؛ في الوقت ذاته تشهد أسهم بعض شركات الأدوية ارتفاعا؛ إذ أعلن يوم أمس ارتفاع أسهم شركة مودرنا الأمريكية 8% بعد نشرها بيانات تظهر استجابة مسنين اختبروا اللقاح الخاص بالشركة.

المسنون في أوروبا وأمريكا يمثلون نسبة مهمة من المجتمعات الغربية والطبقة السياسية والاقتصادية النافذة؛ والإعلان يعد فتحا مهما ورسالة قوية للمجتمعات الغربية التي عصف بها الوباء بقوة ربيع العام الحالي 2020 وهدد بنيتها الاجتماعية وهيكلها السياسي أيضا.. ومن الطرائف ما نقلته وسائل الإعلام حول صحة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي عاني من وباء كوفيد-19 بشكل سيدفعه للاستقالة على أمل استكمال التعافي من الوباء.

 

الوباء يدك آخر حصون الدكتاتورية

الأزمات السياسية لن تغيب عن القارة الأوروبية فالوباء يدك آخر حصون الدكتاتورية في أوروبا فالتظاهرات في مينسك عاصمة جمهورية روسيا البيضاء (بيلاروسيا) مضى عليها أسابيع دون توقف؛ أزمة تبعت الانتخابات الرئاسية لكنها في حقيقتها حصيلة أزمة اقتصادية فجرها كوفيد-19 إذ تراجع النمو إلى ما دون الـ5% سلبا وارتفعت البطالة بعد أن كانت دون الـ 4%؛ كما أن العلاقة مع روسيا الاتحادية توترت بفعل مطالبة الدكتاتور ألكسندر لوكاشينكو موسكو بزيادة الرسوم المدفوعة لبلاده لقاء مرور أنابيب الغاز والنفط والبضائع باتجاه أوروبا (بولندا وألمانيا) أمر رفضته روسيا بدروها؛ والمشهد لم يخلُ من الطرافة أيضا إذ إن لوكاشينكو ادعى إصابته بكوفيد وتعافيه من المرض رغم كبر سنه ما يجعله مؤهلا لمواجهة التحديات بعد أن واجه الوباء وتغلب عليه شخصيا.

الوباء كوفيد-19 يزداد خطورة وتأثيره على البيئة السياسية والاقتصادية يزداد عمقا؛ فجهود الشركات والمختبرات لإيجاد لقاح لم تتفوق على سرعة انتشار الوباء وتفشيه بعد؛ فالخطر ما زال ماثلا بتضاعف الإصابات في أوروبا واليابان؛ والبروتوكولات الصحية والاقتصادية المعدلة والمخففة لمواجهة الوباء لن تكون كافية لإبطاء الوباء وتجنب الركود الاقتصادي وبث روح الطمانيية.

 

تضاعفت الإصابات من عشرة مليون إصابة في حزيران (يونيو) الماضي إلى 24 مليون إصابة نهاية آب (أغسطس) الحالي تثير المزيد من المخاوف حول حجم وطبيعة الموجة المرتقبة في الخريف والشتاء التي لن تقتصر خطورتها على تزاوج أعراض الأنفلونزا بكوفيد 19

 



ارتفاع أعداد الإصابات في الدول المتقدمة اقتصاديا كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا قبيل الخريف يثير المخاوف بموجة عارمة من الوباء تضرب بقوة الشتاء المقبل لتربك الخطط الاقتصادية والبروتكولات المعدلة لمواجهة الوباء بإغلاقات جزئية قطاعية وجغرافية محدودة على أمل الحفاظ على عجلة الإنتاج وتجنب الركود الاقتصادي والأزمة الغذائية التي يقرع ناقوسها بين الحين والآخر دون آذان صاغية.

الوباء عاد ليمثل مصدرا للقلق للاقتصادات الكبرى ومن ورائها النظام الاقتصادي العالمي؛ فاليابان لم تكن بأحسن حالا من أوروبا إذ ارتفع عدد الإصابات اليومية ليقارب الـ 60 ألفا في حين تجاوزت الوفيات الآلاف؛ ورغم إصرار الحكومة اليابانية على تغيير طفيف على قواعد التباعد الاجتماعي إلا أن المخاوف من موجة كبيرة تعطل عجلة الإنتاج ما زالت قائمة في اليابان وأنحاء متعددة من العالم؛ فارتفاع الإصابات في كوريا الجنوبية وتشديد الإجراءات في البلاد وإغلاق المدارس في العاصمة سيؤول شكك بإمكانية نجاح سياسة الانفتاح الجزئي والإغلاق المحدود والقطاعي.

 

كلفة اقتصادية باهظة

تضاعفت الإصابات من عشرة مليون إصابة في حزيران (يونيو) الماضي إلى 24 مليون إصابة نهاية آب (أغسطس) الحالي تثير المزيد من المخاوف حول حجم وطبيعة الموجة المرتقبة في الخريف والشتاء التي لن تقتصر خطورتها على تزاوج أعراض الأنفلونزا بكوفيد-19 بل ستتفاعل مع عودة طلاب المدارس والجامعات إلى مقاعدهم؛ فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن إصابة 9 آلاف طالب مدرسة بعد انطلاق العام الدراسي رغم أنها تركت الخيار لأولياء الأمور بين التعليم عن بعد أو إرسال أبنائهم إلى المدارس.

الحال لم يكن مختلفا في الهند إذ تجاوز عدد الإصابات الـ 3 ملايين والـ300 ألف نسمة زيادة لم تعطل عجلة الإنتاج بالكامل لبلد يقدر عدد سكانه بأكثر من مليار و200 مليون نسمة إلا أنه يقدم مؤشرا حول تسارع انتشار الوباء وفاعلية الإجراءات المتبعة؛ الموجة لم تقتصر على جنوب شرق آسيا وأوروبا إذ طالت العالم العربي الأشد هشاشة والأكثر حساسية للتحولات الوبائية الاقتصادية العالمية إذ سجل الأردن والأراضي الفلسطينية ارتفاعا ملحوظا في الإصابات والحال ذاته في المشرق العربي والبلاد المغاربية.

الموجة الثانية تطل برأسها؛ يصعب تجاهلها أو التقليل من شأنها بمجرد الحديث عن مخاطر الإغلاق الاقتصادي أو بنشر معلومات عن التقدم في اختبار اللقاحات؛ فتكدس المرضى والجثث في المشافي وارتباك وتعطل القطاعات الإنتاجية سيثير موجة من الهلع والاضطراب في العديد من البلدان وسيؤثر على المزاج الشعبي؛ فاتحا الباب لمزيد من الاضطرابات والاحتجاجات السياسية، فمن كان يتوقع أن يخرج الشارع في بيلاروسيا لمواجهة الدكتاتور لوكاشينكو؛ فهل سنشهد مزيدا من بيلاروسيا ومزيدا من الأنظمة الدكتاتورية تهتز أم ستكون مجرد سحابة صيف وحمى عابرة.

ختاما: ألم يكن للتراجع الاقتصادي دور في تحرك الشارع في بيلاروسيا أم إن روسيا مستاءة من مطالب مينسك الاقتصادية؛ رغم المبررات فالطرق كلها تؤدي إلى كوفيد 19.

hazem ayyad
@hma36

التعليقات (0)

خبر عاجل