هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم إقالته من منصب المتحدث باسم الخارجية السودانية، لا تزال تصريحات "حيدر بدوي" بشأن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي تثير جدلا في البلاد، وتساؤلات عن الجهات التي تقف وراء الترويج لهذا المسار المرفوض شعبيا.
وأرجع خبراء ذلك التصريح إما إلى إملاءات أمريكية مقابل تخفيف أعباء الديون ورفع اسم البلاد من "قائمة الإرهاب"، أو طموحات لشخصيات سودانية ترغب في الاستمرار بالحكم، بحسب تقرير لوكالة "الأناضول".
وكان بدوي قد قال إن الخرطوم تتجه نحو التطبيع، بعد أيام فقط من خطوة رسمية في هذا السياق، قامت بها الإمارات، لكن الخارجية السودانية نفت ذلك، وأصدرت قرارا بإقالة المتحدث باسمها، دون أن تشير في بيان إعفائه سببا لذلك.
طموحات شخصية
ونقل تقرير "الأناضول" عن الأكاديمي السوداني، حاج حمد محمد، قوله إن محاولة إعادة العلاقات بين السودان والاحتلال ليست جديدة، "فقد كانت توجد اتصالات بين الجانبين، عبر مسؤولين حكوميين منذ (الرئيس السابق عمر) البشير".
وأضاف: "يحاول مسؤولون حكوميون في السودان أن يُقدموا على التطبيع مع إسرائيل من دون أن تطلب منهم واشنطن ذلك، باعتبار أن هذه الخطوة تسهم في رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب، وقد يكون رأي استخباراتي أمريكي وصل الخرطوم".
اقرأ أيضا: "معاريف": البحرين تنتظر "غمزة" من السعودية للتطبيع معنا
ولكن "محمد" استبعد أن يكون التطبيع شرطا لرفع العقوبات، كونها مرتبطة بالكونغرس، لا بالإدارة الأمريكية ولا باستخباراتها.
وتابع: "وأيضا ربما يكون الدافع إلى التطبيع هو طموح شخصيات في حكومة الفترة الانتقالية، بشقيها العسكري والمدني، للاستمرار في حكم السودان من دون ضغوطات خارجية، خلال الأعوام القادمة، باعتبار عدم استقرار الأوضاع في البلاد".
ورأى محمد أن "التهليل الإسرائيلي لتصريحات بدوي هو بمثابة جس نبض للخرطوم لمعرفة ما إن كانت ستذهب بالفعل إلى التطبيع أم إن الوقت لم يحن بعد".
وبدوره قال الكاتب والمحلل السياسي، أنور محمد سليمان، إن "حديث المتحدث باسم الخارجية يخصه وحده"، مؤكدا أن المتوفر من المعلومات يشير إلى عدم وجود أي تقارب بين السودان والاحتلال الإسرائيلي إلا في وسائل الإعلام العبرية.
واعتبر سليمان أن إقالة المتحدت هو خير دليل على أن توجه الخرطوم نحو الاحتلال لم يحسم بعد، جراء "تعقيدات هذا الملف على المستويين الرسمي والشعبي".
ورأى أنه لا علاقة لملف التطبيع بإزالة اسم السودان من "القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب"، مشيرا إلى أن مطالب واشنطن "محددة وواضحة منذ سنوات، وليس بينها التطبيع".
ورفعت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ عام 1997، لكنها أبقت على الخرطوم في قائمة ما تعتبرها واشنطن "دولا راعية للإرهاب"، المدرجة عليها منذ عام 1993.
اقرأ أيضا: وزير استخبارات الاحتلال: الاتفاق مع السودان ضمن الأجندة
"ضغوط وابتزاز"
أما السفير السابق، مدير إدارة الأمريكتين بالخارجية السودانية، الرشيد أبو شامة، فقال إن "تصريح المتحدث باسم الخارجية عن التطبيع مع إسرائيل يعبر عن رأيه الشخصي، ولا علاقة له بصناعة القرار داخل الوزارة، التي تدير السياسات الخارجية".
لكن على عكس سليمان، فلم يستبعد أبو شامة، في حديثه للأناضول، أن تدفع واشنطن الخرطوم نحو التطبيع، قائلا: "وارد أن تقوم الإدارة الأمريكية بالضغط على السودان للاعتراف بإسرائيل مقابل إزالته من قائمة الأرهاب ومساهمتها في حل الديون الخارجية المتراكمة على البلاد".
وتخوض الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله حمدوك، محادثات شاقة لإقناع الأطراف الدائنة بتخفيف أعباء الديون الأجنبية البالغة 62 مليار دولار.
وقوض الحصار الأمريكي فرص حصول السودان على أي قروض دولية، واكتفت المؤسسات الدولية بمساعدات فنية في مجال الخدمات.
وتابع أبو شامة: "السودان حتى الآن ملتزم بقرارات جامعة الدول العربية بشأن فلسطين والقدس، ولا يوجد ما يشير إلى تغيير موقفه، ففي حال توجه نحو التطبيع عليه أن يجمد عضويته أو ينسحب من الجامعة".
وتلتزم الجامعة العربية، ومقرها بالقاهرة، الصمت تجاه التطبيع الإماراتي، بينما رحبت به دول عربية، بينها مصر والأردن والبحرين.