هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه حول التغيرات التي طرأت على الموقف الأمريكي بشأن الحرب الأهلية في ليبيا، إذ أن واشنطن بعد سنوات من الحياد قررت التدخل والتلويح بفرض عقوبات على خليفة حفتر، على خلفية علاقته مع روسيا وقواتها شبه العسكرية "فاغنر".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، قررت اتخاذ موقف واضح ضد حليف موسكو، الجنرال خليفة حفتر وذلك على خلفية الدور الذي تلعبه روسيا في هذه الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن وول ستريت جورنال الأمريكية كانت قد كشفت عن استعداد وزارة الخارجية في واشنطن لفرض عقوبات ضد حفتر، بسبب استعانته بقوات فاغنر الروسية شبه العسكرية، والمسؤولة عن السيطرة على مدينة السدر في بداية تموز/ يوليو، وهو ما منع قوات حكومة الوفاق الوطني التابعة لفايز السراج من بيع النفط.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الأمريكيون حفتر، إذ أن واشنطن بدأت بالحديث عن فرض عقوبات حتى قبل أن يسيطر أتباع حفتر على موانئ تصدير النفط قرب خليج سرت، وحقل الشرارة الذي يعد الأكبر في البلاد، في خطوة أدت لإيقاف التصدير القانوني للنفط.
اقرأ أيضا: دعم روسي جديد لمرتزقة "فاغنر".. هل يفسد التفاهمات مع تركيا؟
وتوضح الصحيفة أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بحكومة السراج، ولذلك فإن المؤسسة الليبية للنفط التي تخضع لتصرف هذه الحكومة، هي التي لها الحق الحصري في تجارة أكبر ثروة طبيعية في البلاد. وهذه الحقائق لا تناسب حسابات حفتر، لهذا فإن قواته فرضت منذ 18 كانون الثاني/ يناير حصارا على حقول النفط وخطوط الأنابيب وموانئ التصدير.
وقالت الصحيفة إن الجديد في هذه القضية هو العقوبات الأمريكية المحتملة على حفتر، بسبب ما يعتبر ارتباطا بينه وبين قوات فاغنر. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا لا تعترف رسميا بوجود هذه الشركة العسكرية. ولكن في ليبيا تشير التقارير إلى أن فاغنر لعبت دورا رئيسيا في الهجوم على العاصمة طرابلس في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهي كانت متواجدة في منطقة قريبة من مدينة ترهونة.
إلا أن ذلك الهجوم فشل وتم صده، ومدينة ترهونة باتت الآن تحت سيطرة قوات الوفاق، وقد عثر فيها على مقابر جماعية، تحتوي على جثث 47 شخصا يبدو أنهم من المدنيين.
وتشير الصحيفة إلى أن أنصار فايز السراج لا يتهمون قوات فاغنر بارتكاب جرائم الحرب هذه، بل يوجهون التهمة لأتباع حفتر. أما المجموعة الروسية، فهي بحسب تقارير حكومة الوفاق انسحبت من جزء من الأراضي الليبية في آيار/ مايو الماضي. إلا أن وول ستريت جورنال نقلت عن مصادر مطلعة أن هذه القوة ظهرت مجددا وسيطرت على ميناء السدر.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه المنطقة في خليج سرت هي آخر الموانئ التي تستطيع المؤسسة الليبية للنفط استخدامها. إضافة إلى ذلك فإن المصالح الأمريكية تأثرت بشكل مباشر، بما أن ميناء السدر مملوك في جزء منه للشركتين الأمريكيتين هيس كورب وكونوكو فيليبس. وكانت نفس الصحيفة الأمريكية قد ذكرت في حزيران/ يونيو الماضي أنه إلى جانب قوات فاغنر، هنالك أيضا مرتزقة من السودان يقاتلون مع حفتر سيطروا على حقل الشرارة.
وترى الصحيفة أنه يصعب الوصول إلى الحقيقة وسط كل هذه التقارير والمعلومات المتضاربة. ولا يوجد إلى حد الآن تأكيد رسمي على المعلومات التي ذكرها الإعلام الأمريكي. ولكن الشيء الواضح حاليا هو أن الحديث عن فرض عقوبات على خليفة حفتر يأتي في وقت حساس للغاية. إذ أن قوات حكومة الوفاق تستعد لخوض المعركة في سرت ضد حفتر. ومن المؤكد أن السيطرة على هذه المدينة ستفتح المجال أمام السراج نحو موانئ النفط التي يسيطر عليها حفتر.
اقرأ أيضا: أفريكوم: روسيا تنقل المزيد من المعدات إلى "فاغنر" بليبيا
وتنقل الصحيفة عن أندريه شوبريجين، الأستاذ المحاضر في معهد الدراسات الشرقية في كلية الاقتصاد والسياسة العالمية الموجودة في روسيا، قوله: "إن الأمريكيين بدؤوا لعبتهم في ليبيا. ومن السهل أن يفرضوا عقوبات على حفتر، إذ أن لديهم ما يكفي من أوراق الضغط. وعلينا أن لا ننسى أن حفتر يظل مواطنا أمريكيا، ولديه أملاك وحسابات في الولايات المتحدة".
ويضيف شوبريجين أن "موضوع هذه العقوبات يرتبط بشكل مباشر بالمواجهة في سرت. إذ أن كل ما يحدث اليوم في ليبيا وحولها مرتبط بهذه المعركة، التي لم تعد تدور بين السراج وحفتر، بل إن الكثير من الدول مشاركة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل إيطاليا، وفرنسا، وروسيا، ومصر، والإمارات، وقطر وأمريكا".
ويضيف هذا الخبير أن "كل بلد لديه مصالح معينة في ليبيا، ولذلك فإن كل هذه الأطراف على الأرجح لن تذهب للقتال، بل ستحاول إيجاد تسوية سلمية، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان هذا التوجه سينجح."
وتنبه الصحيفة إلى أن مجرد ذكر قوات فاغنر في معرض الحديث عن العقوبات الأمريكية على حفتر هو أمر مثير للقلق. إذ أنه قد يؤشر على مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، قد تطفو على السطح في ظل الحسابات المعقدة والمصالح المتضاربة في ليبيا.
وحول هذا الأمر يقول شوبريجين: "كلا البلدين يحاولان قياس قوتيهما، تماما كما حصل سابقا في سوريا. ومن المتوقع أن التدخل الذي قامت به روسيا في الحرب الليبية سوف يصبح مثار جدل كبير".