سياسة عربية

ماذا بعد قبول حكومة اليمن والحوثي بالهدنة.. هل تصمد؟

الاشتباكات مستمرة بين الجيش اليمني والحوثي والتوتر متزايد بين الأخيرة والتحالف العربي- موقع سبتمبر
الاشتباكات مستمرة بين الجيش اليمني والحوثي والتوتر متزايد بين الأخيرة والتحالف العربي- موقع سبتمبر

أثار ترحيب الحكومة اليمنية المعترف بها، وجماعة الحوثيين، بالدعوة الأممية للوقف الفوري للأعمال العدائية وتوحيد الجهود لمجابهة فيروس كورونا، تساؤلات عدة، عن مدى ترجمة هذه المواقف من طرفي النزاع على الأرض ميدانيا، وإيقاف المواجهات المحتدمة في عدد من المناطق، لاسيما في محافظتي مأرب والجوف، شرق وشمال البلاد.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا أمس الأربعاء، "الأطراف المتقاتلة في اليمن إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وبذل قصارى جهدهم لمواجهة الانتشار المحتمل لفيروس كورونا".

وقال في بيان صادر عنه، إن "القتال الدائر حاليا في منطقتي الجوف ومأرب يهدد بالتسبب في زيادة حدة المعاناة الإنسانية".

 

اقرأ أيضا: السعودية تعلن إسقاط طائرات مسيرة حوثية استهدفت أبها

ويأتي ذلك في حين قالت وكالة الأنباء السعودية "واس"، فجر الجمعة، إن التحالف الذي تقوده المملكة في اليمن، أسقط طائرات مسيرة أطلقتها حركة أنصار الله "الحوثي" على أهداف مدنية في مدينتي أبها وخميس مشيط.

ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم التحالف، العقيد الركن تركي المالكي، قوله إن التحالف اعترض الطائرات المسيرة وأسقطها.

 

ولا يعرف تأثير ذلك على موقف أطراف الصراع من الهدنة، فيما إذا كان سيتسبب بفشلها قبل أن تبدأ.

"مجددا الحكومة ترحب"

وفي هذا السياق، جددت الحكومة اليمنية، موقفها، من دعوة "غوتيرش"، مساء الخميس.

وقال رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، في كلمة متلفزة: "أعلنا ترحيبنا الكامل بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، ودعوة مبعوثه إلى اليمن، إلى "وقف إطلاق النار وخفض التصعيد وإيقاف الأعمال العسكرية، والتعاون من أجل مكافحة وصول فيروس كورونا وانتشاره".

وأضاف أن على الأجهزة الحكومية والسلطات المحلية مضاعفة الجهود، والعمل جميعا كمظلة للمكونات كافة، والتحرك بسرعة وفاعلية لتطبيق إجراءات الحكومة، مؤكدة حرصها على تسخير الإمكانات كافة لذلك، وتفعيل ودعم غرف الطوارئ في المحافظات.

 

اقرأ أيضا: الحكومة اليمنية والحوثيون يرحبان بدعوة "غوتيرش" لوقف القتال

"جدية ومسؤولية"

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام إن "على قوى ما وصفها "العدوان" ( التحالف الذي تقوده السعودية)، أن تتعاطى بجدية ومسؤولية مع مواقف زعيم الجماعة، وتدرك أن استمرار العدوان والحصار لن يحقق لها أي مكسب".

وتابع عبدالسلام وفق ما نقلته فضائية "المسيرة " التابعة للجماعة، الخميس: "الحل ممكن إذا غير النظام السعودي نظرته السوداوية تجاه اليمن، وأقدم على وقف العدوان ورفع الحصار بشكل عملي وفعلي"، مشيرا إلى أن المكابرة مكلفة وباهظة الثمن.

"التحالف يؤيد"

وفي سياق ردود الأفعال تجاه الدعوة الأممية، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، عقيد ركن تركي المالكي، أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تؤيد وتدعم قرار الحكومة اليمنية في قبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن، ومواجهة تبعات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19).

وأكد في بيان له مساء الأربعاء، أن قيادة القوات المشتركة للتحالف تدعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد واتخاذ خطوات عملية لبناء الثقة بين الطرفين في الجانب الإنساني والاقتصادي، وتخفيف معاناة الشعب اليمني، والعمل بشكل جاد لمواجهة مخاطر جائحة فيروس (كورونا ) ومنعه من الانتشار.

ومساء الأربعاء، رحبت الحكومة والحوثيون بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ومواجهة تبعات انتشار فيروس كورونا.

"دعوة غير ملزمة"

وتعليقا على هذا الموضوع، رأى رئيس تحرير صحيفة الوسط اليمنية ( أسبوعية الصدور)، جمال عامر، أن بيان أمين عام الامم المتحدة، سيظل مجرد دعوة غير ملزمة مثلها مثل غيرها من الدعوات السابقة.

وقال في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن دعوة الأمم المتحدة فرضتها جائحة "كورونا" من باب إسقاط الواجب، ومثل هذه الدعوة وجهت لطرفي الصراع في ليبيا وتم الترحيب وإعلان الالتزام بها.

وبالنسبة لليمن، فأشار عامر إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على إرغام الرياض وأبوظبي على إيقاف الحرب، خاصة أن المجلس السياسي الأعلى في صنعاء (تابع للحوثي)، قد تبنى مبادرة سلام شاملة لوقف الحرب من طرف واحد في أيلول/سبتمبر الماضي.

وبحسب رئيس تحرير صحيفة الوسط اليمنية، فإنه كان يمكن أن تمثل مبادرة الحوثيين في أيلول/ سبتمبر 2019، مدخلا للحل السياسي، بعد أن روعي حفظ ماء وجه التحالف السعودي الإماراتي، إلا أنه لم يستجب للمبادرة.

وتابع: "ومع ذلك، جدد رئيس المجلس مهدي المشاط طرح المبادرة في كلمته يوم أمس بمناسبة 5 أعوام من الصمود، وأكدها قائد "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي في كلمته بالمناسبة ذاتها اليوم".

وأوضح الصحفي اليمني أن "إيقاف الحرب في اليمن، مرهون بقرار أمريكي قبل كل شيء".

"نقطة مشتركة"

أما الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، فيؤكد أن هناك نقطة مشتركة قد تعزز قبول الأطراف بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة بوقف الأعمال العدائية، وهي أن "الحكومة لا تريد للحرب أن تستمر على أطراف مأرب، فهي تهددها في آخر معاقلها"،


وتابع التميمي حديثه لـ"عربي21": الحوثيون حققوا مكاسب مهمة تقوي موقفهم التفاوضي".

 

أما التحالف، وفقا للسياسي اليمني، فإنه يعاني من ارتدادات هذه الحرب ومن تحديات عديدة؛ بينها كورونا وتراجع أسعار النفط.

وأشار إلى أنه لا يعتقد جدية في قبول الأطراف بوقف الحرب، والدليل أنه لم تمر سوى ساعات قليلة عن ترحيب رئيس المجلس السياسي للحوثيين بدعوة الأمم المتحدة، حتى استأنفوا القتال في صرواح عبر عملية تسلل قادة لأعنف المواجهات في هذه الجبهة، غربي مأرب.

وبحسب الكاتب اليمني، فإن جميع الأطراف باستثناء الحكومة ليست جادة في التوصل إلى سلام بكل ما يقتضيه من تنازلات حقيقية، تعيد القرار للشعب اليمني وتعيد إحياء مبدأ الشراكة.

وقال: "اليوم يتزايد البون بين المشاريع السياسية للأطراف المتصارعة؛ ففي الوقت الذي تتمسك به الحكومة بالدولة الاتحادية وبمخرجات الحوار الوطني، يتجاوز الحوثيون والانفصاليون هذه المرحلة باتجاه مشاريع متصادمة مع اليمنيين ومع المشروع الوطني".

وأوضح أن "هذه المشاريع لن ترى النور إلا من خلال فرض الأمر الواقع عبر القوة العسكرية، لافتا إلى أنه لا يرى الأمر سوى مجرد مناورات، الهدف منها عدم الظهور بمظهر من يرفض دعوة توجد العديد من المبررات الموضوعية التي تسندها، وفي المقدمة تهديد جائحة كورونا".

وللعام السادس على التوالي، يشهد اليمن قتالا عنيفا بين القوات الحكومية التي يدعمها منذ آذار/ مارس 2015، تحالف عربي بقيادة السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، والمسيطرة على محافظات عديدة، بينها العاصمة صنعاء.

التعليقات (0)