صحافة دولية

NYT: لماذا فشلت إيران في مواجهة انتشار فيروس كورونا؟

نيويورك تايمز: إيران سيست الرد على فيروس كورونا وأضاعت فرصة منعه- جيتي
نيويورك تايمز: إيران سيست الرد على فيروس كورونا وأضاعت فرصة منعه- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا مشتركا لمديري المعهد الدولي للصحة والتعليم في ألباني في نيويورك، كاميار واراش علائي، يقولان فيه، إن إيران لديها أفضل أنظمة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط.

ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن نظام الرعاية الصحي في إيران، هو نظام لامركزي يتكون من آلاف المراكز الطبية حول البلاد، التي تقدم دعما ثانويا بنظام تحويلات فعال، و"عملنا في هذا النظام لعدة سنوات". 

ويستدرك الباحثان بأنه رغم هذا كله، فإن هناك أكثر من 107 أشخاص ماتوا في إيران بسبب انتشار وباء كورونا، الذي ظهر أولا في الصين، مشيرين إلى أنه كان من بين الوفيات مستشار خاص وبارز للمرشد الأعلى للثورة في إيران، بالإضافة إلى نائبة لرئيس إيران حسن روحاني، و23 نائبا في البرلمان، فيما كان نائب وزير الصحة وعدد من المسؤولين الحكوميين من بين 3513 شخصا تم تأكيد إصابتهم رسميا. 

ويرى الكاتبان أنه "كان يمكن تجنب هذا العدد من الوفيات وتقليل حدة انتشار الوباء لو لم تجعل الجمهورية الإسلامية الصحة خاضعة للحسابات السياسية، وعندما وصفت منظمة الصحة العالمية اندلاع الفيروس بأنه (مشكلة صحية طارئة)، عبرنا عن قلقنا من عدم استعداد السلطات واختيار النهج الصحيح لمواجهة الفيروس". 

ويقول الباحثان: "لقد قمنا بالعمل على توسيع عمليات مواجهة وباء أتش آي في والنظام الصحي في إيران، ودعمت الحكومة في بداية القرن الحالي برنامجنا لمواجهة أتش آي في، الذي حقق تقدما عظيما، وفي خريف عام 2005 حل محمود أحمدي نجاد محل الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وكان نجاد يشك في تعاون إيران مع الشركاء الأجانب، وأكد عدم وجود مثليين في إيران، وزادت القيود لاحقا على عملنا". 

ويلفت الكاتبان إلى أنهما تعرضا في حزيران/ يونيو 2008، للاعتقال، وفي محاكمة قصيرة حكم على الباحثين، وهما شقيقان، بالسجن لمدة 3 أعوام و6 أعوام "للاتصال مع حكومة معادية". 

وقرر الباحثان بعد خروجهما من السجن الانتقال إلى الولايات المتحدة، فحصل كاميار على ماجستير من جامعة هارفارد، وجعلت التجربة الباحثين يشعران بالقلق تجاه الرد الإيراني على الأزمات الصحية، خاصة في ضوء الحصار والخوف الذي جاء بعد المواجهة مع الولايات المتحدة والعقوبات الاقتصادية والقمع الوحشي للمتظاهرين في تشرين الثاني/ نوفمبر.

وينوه الكاتبان إلى أن إيران لم تظهر أي بادرة لاستعدادها للتعامل مع فيروس كورونا، وقللت من شأنه وقدرته التدميرية، وفي 31 كانون الثاني/ يناير أعلنت تركيا عن إلغاء الرحلات الجوية مع الصين، وبدأت بفحص الأجانب القادمين إلى مطارها، مشيرين إلى أن هناك مئات الطلاب الصينيين ورجال الدين الصغار الذين يدرسون في مدينة قم، التي توجد فيها مدارس دينية وجذبت الشيعة من أنحاء العالم كله. 

ويذكر الباحثان أن رجال الأعمال الإيرانيين يترددون على الصين، بالإضافة إلى وجود مئات العمال الصينيين والمهندسين في أنحاء مختلفة من إيران، فتعد الصين شريكا تجاريا مهما لطهران، مشيرين إلى أن إيران لم تكن راغبة بالمخاطرة بإغضاب الصين، وتواصلت الرحلات الجوية بين إيران والصين، وتبرعت طهران بملايين الأقنعة الواقية للصين. 

ويفيد الكاتبان بأن أول ذكر لوصول المرض كان هو تقرير تحدث عن وفاة شخصين في 19 شباط/ فبراير في مدينة قم، وكان الضحية الأول رجل أعمال إيراني سافر إلى ووهان، وهي المدينة الصينية التي اندلع فيها فيروس كورونا أول مرة، فيما كان الضحية الثانية طبيبا إيرانيا، وانتشرت المخاوف عن مرض الرجلين لفترة، حيث نقلا العدوى للآخرين قبل وفاتهما، ثم انتشرت العدوى إلى ولايات إيران كلها، وعددها 31 ولاية، وظهرت أعراض المرض على الزوار الذين جاؤوا إلى قم من دول أخرى. 

ويشير الباحثان إلى أن المسؤولين في وزارة الصحة أعلنوا في 24 شباط/ فبراير، عن 64 حالة فيروس كورونا ووفاة 12 شخصا نتيجة الإصابة به، وقال نائب منطقة قم في البرلمان، أحمد أمير أبادي فراهاني، إن هذا الرقم غير صحيح، مشيرا إلى وفاة 50 شخصا. 

ويذكر الكاتبان أن الرد الرسمي كان الإنكار الصارخ، ونفى نائب وزير الصحة إيرادج هريرتشي تصريحات فراهاني، وتعهد بالاستقالة لو كان الرقم صحيحا، وبعد يوم أعلن عن إصابته بالمرض وعزل نفسه، مشيرين إلى أنه أصبح من الواضح في الأسبوع الرابع من شباط/ فبراير أن عددا من نواب البرلمان ومسؤولي الحكومة كانوا من ضحايا المرض. 

ويلفت الباحثان إلى أن "المسؤولين ورجال الدين يسافرون بشكل منتظم بين قم والعاصمة، ومن المحتمل إصابتهم بالفيروس، خاصة في أثناء حضورهم جلسات البرلمان الجديد، ولدى الإيرانيين عادة السلام على بعضهم بالمصافحة والتقبيل، وعادة ما يبالغ السياسيون فيها لإظهار قربهم من اللاعبين في مركز السلطة، وفي هذا الوضع ربما كان السلام سببا في انتقال المرض". 

ويقول الكاتبان: "علمنا عن إصابة مسؤولين في فترة مبكرة؛ لأن طهران جعلت من سلامة النخبة أولوية ونقلتهم من أجل الفحص، وحتى الأطباء والممرضون في مستشفيات الحكومة الصغيرة، لم يتم إعلامهم بالأمر لاتخاذ الإجراءات اللازمة إلا بعد ارتفاع عدد الإصابات، وكانت النتيجة هي إصابة ممرض من قرية صغيرة في محافظة غيلان، ولم يكتشف عن هذا إلا بعد أسبوع من وفاته". 

ويفيد الباحثان بأن "إيران أعلنت أول حالتي وفاة قبل يومين من الانتخابات البرلمانية، وكانت الثقة بالحكومة في أدنى حالاتها بسبب قمع الاحتجاجات، والتستر على ضرب طائرة ركاب أوكرانية بالخطأ في أعقاب مقتل الجنرال قاسم سليماني، ومن هنا فإن مشاركة كبيرة في الانتخابات كانت ستحسن من شرعية الحكومة في طهران، التي أخفت المعلومات عن فيروس كورونا؛ لأنها لم تكن تريد أن تتأثر المشاركة في الانتخابات". 

ويستدرك الكاتبان بأنه "رغم فوز المتشددين، إلا أن المشاركة فيها كانت الأدنى منذ الثورة الإسلامية عام 1979، واتهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أعداء البلد بالمبالغة في تهديد كورونا، وذلك قبل الانتخابات". 

ويرى الباحثان أنه "كان بإمكان إيران التقليل من مخاطر الوباء من خلال الحجر الصحي في قم، التي تعد مزدحمة، وانتشرت فيها العدوى، لكنها لم تفعل، وتم اتخاذ بعض الإجراءات الآن، مثلا، تم تعقيم المترو والسيارات العامة، وأغلقت المدارس، وألغيت صلوات الجمعة في المحافظات كلها". 

ويقول الكاتبان: "يجب على السلطات فحص أقارب المصابين الذين ماتوا، وعليها التحدث بصدق وشفافية حول أعداد الضحايا والمصابين، والقيام بتقييمات بناء على الأعداد، وتعزيز حماية النظام الصحي والعاملين فيه، واستهداف المناطق التي انتشر فيها الفيروس بشكل واسع. ويجب في هذه الحالة حجر مدينة قم بالكامل". 

ويضيف الباحثان: "يجب على الدول الغربية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية اتخاذ موقف قيادي في الدبلوماسية الطبية الدولية، وتقديم ما تستطيع والمساعدة في عملية الفحص، وعلى الولايات المتحدة تجاوز لهجتها العدائية ضد إيران، وتوفير المساعدة لإنقاذ الأرواح، وتخفيف القيود على الشركات الأمريكية والأوروبية التي تقدم المعدات الطبية لإيران". 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: "الدرس المهم من أزمة فيروس كورونا في إيران، هو عدم تسييس السياسة الصحية، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة الطبية الطارئة".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
التعليقات (0)