فنون منوعة

ما هي الرسائل التي قد تخفيها الموسيقى وهل هي أساطير أم حقائق؟

 البعض يعتبر الرسائل المموّهة بالموسيقى مجرد خرافة في حين يرى البعض الآخر أنها وسيلة تلاعب قادرة على توجيه سلوك الإنسان
البعض يعتبر الرسائل المموّهة بالموسيقى مجرد خرافة في حين يرى البعض الآخر أنها وسيلة تلاعب قادرة على توجيه سلوك الإنسان

نشرت مجلة "لامينتي إي ميرافيليوزا" الإيطالية تقريرا، كشفت فيه العديد من الأسرار المتعلقة بالموسيقى.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرسائل المموهة في الموسيقى بدأت تكتسب أهمية في أوائل سبعينيات القرن الماضي، عندما بدأت الحركات الدينية المختلفة تدّعي أن الموسيقى مليئة بالرسائل المشفّرة القادرة على التأثير على الناس، وتوجيه سلوكياتهم، وتحريضهم على العنف والممارسات الشيطانية مثل تعاطي المخدرات، وذلك عن طريق المؤثرات الصوتية وتقنيات عديدة أخرى. فما مدى صحّة هذه الآراء؟

الرسائل الموسيقية المموهة موضوع مثير للجدل على الدوام


أشارت المجلة إلى أن البعض يعتبر الرسائل المموّهة في الموسيقى مجرد خرافة، في حين يرى البعض الآخر أنها وسيلة تلاعب قادرة على توجيه سلوك الإنسان، والتأثير على قيمه ومبادئه. لكن لا توجد استنتاجات نهائية بشأن الرسائل المموهة في الموسيقى والتصوير الفوتوغرافي، إذ إنّ البيانات المتاحة متناقضة إلى حد ما. في هذا الصدد، حظرت عدة حكومات هذا النوع من الرسائل، لكن في الوقت نفسه، قلّل معظم الباحثين من شأنها وفعاليتها الحقيقية.

عودة الموضوع إلى دائرة الأضواء عدة مرات عبر الزمن


كثيرا ما يكون هذا الموضوع الشائك مصحوبا بتفاعلات إمّا مرحة أو قلقة في بعض الحالات، حيث زُعم أن الرسائل المموهة في الموسيقى تحرّض على العنف، والممارسات الشيطانية، وتعاطي المخدرات وغيرها. ولكن ما مدى صحّة هذه الآراء المختلفة، لاسيما أن وسائل الإعلام التي تنشر الأفكار تتلاعب بها وتوجهها مثلما تشاء؟

بالعودة إلى التاريخ


أوضحت المجلة أن الرسائل المموهة عبارة عن رسائل مصممة ليستقبلها الإنسان دون إدراك أو وعي. وتشير بعض المصادر إلى أن هذه الرسائل تحدّث عنها قدماء الفلاسفة منذ آلاف السنين، خاصة أرسطو الذي لمّح إلى نبضات تمرّ عندما يكون الإنسان في حالة يقظة دون أن يلاحظها، ثم تعاود الظهور بقوة أثناء نومه. ثمّ أشار كلّ من ميشيل دي مونتين وأو بريتزل ولاحقا سيغموند فرويد إلى هذه الظواهر اللاواعية.

في ظلّ التقدم التكنولوجي، أصبحت هذه الظواهر أكثر وضوحا. وفقط في القرن العشرين، أصبحت الرسائل المموهة في الموسيقى تُعدّ شكلا من أشكال التواصل. وفي سنة 1957، أجريت تجربة شهيرة موثّقة بالصور، وبعد عقد من الزمان، دفعت فرقة الروك البريطانية "البيتلز" الجميع إلى التحدث عن الرسائل المموهة في الموسيقى أو استخدام ما يدعى "الباك ماسكينغ".

الرسائل المموهة في الموسيقى


نوّهت المجلة بأنه يتم تشفير الرسائل المموهة في الموسيقى، التي تسمى بطريقة "باك ماسكينغ"، (وهي تقنية تسجيل الصوت وإعادة إنتاجه، التي تعتمد على دمج كلمات معينة تحتوي على أفكار محددة مسبقا، وغالبا ما تكون سياسية أو دينية في أغنية ما، بحيث لا تستطيع سماع هذه الكلمات إلا إذ عكست تشغيل الأغنية من النهاية إلى البداية).

ساهم عاملان حاسمان في ظهور الرسائل المموهة في الموسيقى. يتمثّل الأول في ظهور نوع الموسيقى الملموسة في فرنسا، الذي يعتمد على هويات الأصوات التي تكون محجوبة في غالب الأحيان. يقوم هذا النوع على أساس الجمع بين أنغام الآلات والأصوات البيئية أو الصناعية، ثمّ إنشائها في استوديو التسجيل، حيث يمكن التمييز بين الأصوات المستمدة من التسجيلات في الآلات الموسيقية والصوت البشري والبيئة المحيطة به.

أمّا العامل الحاسم الثاني، فيتعلّق باستخدام تقنية الأشرطة الممغنطة، التي تطوّرت في ألمانيا، لتسجيل وتخزين العروض الموسيقية للفنّانين ما يسمح بتسجيل المقطوعات على أجزاء متعدّدة، ثمّ يقع مزجها وتركيبها ولصقها ببعضها وتوحيدها،  ثمّ تعديلها بمنتهى الجودة والحرفيّة في التسجيل الأصلي.

أوردت المجلة أن فرقة الروك الإنجليزية البيتلز قامت إلى جانب عازف الغيتار الخاص بالفرقة، بإجراء العديد من التجارب في مجال الموسيقى الملموسة، ومن هنا بدأت رواية قصة جديدة. كان ألبوم البيتلز السابع هو الأول من نوعه الذي تضمن أغنية ذات موسيقى تحمل رسائل مموّهة. كانت هذه الأغنية بعنوان "المطر"، وصدرت سنة 1966. وكان هدف الفرقة من خلال الأغنية هو السخرية والمُزاح، إضافة إلى تجربة وإنتاج أصوات جديدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح العديد من الفنّانين يستخدمون هذه التقنية، وأصبحت الرسائل المموهة في الموسيقى متكررة بشكل متزايد.

 لا تزال الشّكوك قائمة


ذكرت المجلة أن الحركات الدينية، على اختلافها، انتقدت مؤخرا هذا النوع من الرسائل. بدأت العديد من الأساطير تتألّف وتترسّخ في الأذهان. كما بدأ الكثيرون في الاستماع إلى الأشرطة؛ بحثا عن الرسائل المخفية وفكّ رموزها، ولكن في معظم الأحيان كانت تخميناتهم وتأويلاتهم خاطئة.

في هذا الإطار، شرع رجال الدين في اتهام العديد من مجموعات الروك بالتأثير على الشباب، ودفعهم إلى عبادة الشيطان، أو ارتكاب جرائم، أو تعاطي المخدرات. احتدّت النقاشات حول هذا الموضوع حتى سنة 1985، حيث درس عالما النفس جيمس فيكاري وجاي دون ريد هذه الظاهرة من خلال تجربة تتمثل في تسجيل مقطع من سفر المزامير من الكتاب المقدس بشكل عكسي، ثمّ لاحظوا ردود فعل المستمعين.

من خلال هذه التجربة، توصّل الباحثان إلى أنّ الرسائل المموهة في الموسيقى لم يكن لها أي تأثير ملموس على المستمعين. وفي سنة 1996، أجرى عالم النفس شارل تراباي 23 تجربة وصلت إلى الاستنتاجات ذاتها. مع ذلك، أجرى الباحثون جوهان كاريمانس وولفغانغ سترويب وجاسبر كلاوس من جامعة أوترخت الهولندية تجربة جديدة في سنة 2006، توصّلوا من خلالها إلى أن هذه الرسائل تغيّر سلوك الناس حقا. ولا يزال النقاش في خصوص هذا الموضوع مفتوحا، وقد قاموا بتسمية هذا الظاهرة "منبّه دوين العتبة" على المنبهات التي تكون تحت عتبة إدراك الحس.


التعليقات (0)