مقالات مختارة

لماذا تتهم إيران الكويت

سمير عطالله
1300x600
1300x600

لم تمارس دولة في العالم دبلوماسية المداراة كما فعلت الكويت. كانت أول دولة تولد وتستقل في الخليج، وأول دولة خليجية يتدفّق فيها النفط وتنفتح عليها عيون الشرق والغرب وخصوصا عيون الأشقاء العرب، الذين إما بلا نفطٍ على الإطلاق وإما مضاعفة ما لديهم من ثروات. وإضافة إلى العرب كانت قبالتها إيران التي تدّعي كل الخليج بما فيه من نفطٍ وسيادة وعروبة. تصرّف الكويتيون على أن الجغرافيا قدرٌ لا بدّ من التعايش معه. ورسموا سياساتهم العربية والدولية على هذا الأساس. كانوا أول من اعترف بالصين الشعبية التي لا مقعد لها في الأمم المتحدة. وأقاموا علاقة مستقلّة مع موسكو السوفياتية. أدوا دورا بارزا ضمن مجموعة عدم الانحياز. إلا أنهم لم يتركوا شكا في انتمائهم إلى الأسرة الدولية التي تشكّل الولايات المتحدة عمادها الاقتصادي والتجاري.
لم تنفعها كل تلك المهارة الصعبة. فخوفها التاريخي القديم من الطمع العراقي ما لبث أن تحقق. وفي ليلة مقمرة أصبح صدام حسين وجيوشه في قلب العاصمة الكويتية. ثم عادت فخرجت من فم التنين في عملية سياسية عسكرية لا سابقة لها في التاريخ. وفيما تراجع العراق المقتحم أطلّت عليها وعلى سائر الخليج السياسة الإيرانية الاقتحامية. أيضا حاولت الكويت أن تمارس عراقتها الدبلوماسية إلى أكبر حدٍ ممكن. أي دون أن تتخلى لحظة واحدة عن روحها الوحدوية وعن صلاتها الأخوية وعروقها الوجودية. وبعد محنة الاحتلال العراقي وخلاصها العجائبي من فم التنين، كان لا بد لها من تحالفات عسكرية تردُّ عنها الأطماع السهلة.
أدّت هذه السياسات المعتدلة في ظلّ مؤسس الدبلوماسية الكويتية إلى هدوءٍ واضح في علاقات الدولة مع الخارج. لم يترك الشيخ صباح الأحمد أي مجالٍ للغموض أو التفسير في أولويات الكويت، إلا أنّه ترك الباب واسعا في البحث عن حسن الجوار، حيثما كان الأمر ممكنا ولا يهدد استقلال الكويت أو تحالفاتها العربية. ما من أحدٍ يعرف لماذا اختارت إيران أمس البحث عن خلافٍ لا معنى له مع دولة الكويت، عندما قررت أن الطائرات التي قامت باغتيال قاسم سليماني أقلعت من قواعد أمريكية في الكويت. جاء الاتهام في هذا الوقت من البلبلة المأساوية القائمة في سماء الشرق. وأفظعُ ما فيها الخلط بين الطيران المدني والصواريخ العسكرية. فالصواريخ التي تتباهى بها إيران وتطلقها في كل الاتجاهات لم تستطع التمييز بين طائرة مدنية تحمل 176 بريئا، وبين الأسراب الجوية المتعددة الجنسيات التي تحوم طوال النهار والليل في سماء الخليج. هل اختارت إيران اتهام الكويت من أجل أن تحمي دولا أخرى؟ أم من أجل إضافة دولة أخرى إلى هوايتها في مناصبة العداء للجميع؟

 

 

(الشرق الأوسط اللندنية)
1
التعليقات (1)
سوري حر
السبت، 25-01-2020 10:58 ص
ايران هكذا بدأت دولة شاذة عاجزة عن إقامة علاقات سياسية تقليدية مع العالم، بدءا من الخميني حتى وصلت لمرشدها " الخامنئي " ولذلك لا نستغرب اتهام ايران بظل حكمه لدولة الكويت التي يعرف القاصي والداني ان وزنها السياسي بالرغم من صغر مساحتها وقلة عدد سكانها أكبر بعشرات المرات من وزن " ايران الخمينية " نفسها، وفيها من الحكماء وعلى رأسهم صاحب السمو وامير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ما لا يمكن لا لإيران ولا لغير ايران انجاب امثالهم، فلا عجب فيما ما تفعله ايران فسياستها زعرنه، وعلاقتها مع محيطها علاقة مؤامرات ودسائس مبنية على حقد دفين وكراهية متوارثة.. ايران الخامنئية دفعت بحزب الله اداتها التخريبية في لبنان والمنطقة العربية لنجدة عميلها الوضيع بشار الأسد ومنعت الثورة الشعبية السورية من إسقاطه، تلك الثورة التي قامت بسبب طغيانه غير المسبوق وفشلة الذريع في قيادة سورية، وهذا ما كان المحرك الرئيس للثورة، وليس شيئا آخر، وأدخلته في معركة ضد الشعب السوري بشكل دموي ما كان له ان يدخلها، واسقطت سورية بالكامل لمنع اسقاطه.. بكل الأحوال تنمر ايران، واستخفافها بكل شيء حتى بالدين الإسلامي وقيمه ومقاصده الذي من المفترض انها تنتمي له، تقع الملامة فيه على الدول العربية أولا، ومن ثم الإسلامية بعدم تهديدها الصريح بقطع كل علاقات معها حتى تحسن سياساتها الخارجية وتوقف تدخلاتها وتهديداتها لمحيطها العربي .. والا...!!