صحافة دولية

واشنطن بوست: نعيش في عصر كارثة مناخية.. ماذا بعد؟

واشنطن بوست: العقد الماضي كان أكثر العقود حرارة على وجه الأرض- أ ف ب
واشنطن بوست: العقد الماضي كان أكثر العقود حرارة على وجه الأرض- أ ف ب

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب إيشان ثارور، يقول فيه إن العلماء أكدوا هذا الأسبوع ما يعرفه أي شخص كان يعير اهتماما لموضوع المناخ

ويشير ثارور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن العقد الماضي كان أكثر العقود حرارة على وجه الأرض، فيما كان عام 2019 أكثر الأعوام حرارة.

ويقول الكاتب إن "الأدلة على ذلك كانت واضحة: فقد رأينا مساحات كبيرة من غطاء غرينلاند الجليدي تذوب، وموجات الحر تنتشر في شمال أوروبا، فيما تهاجم الفيضانات والأعاصير الجزر والشواطئ، وتلتهم النيران مساحات واسعة من الأراضي التي أصابها الجفاف".

ويضيف ثارور: "كما ذكر عدد من الزملاء في تقاريرهم: (19 من العشرين سنة الأكثر حرارة كانت خلال العقدين الماضيين، بالإضافة إلى أن التوجه نحو ارتفاع الحرارة يحمل علامات الأنشطة البشرية غير القابلة للخطأ، التي تبعث عشرات مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل عام)".

ويلفت الكاتب إلى أنه "تم إطلاق النتائج بالشراكة بين الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نواا)، وهما مؤسستان تابعتان لحكومة يقودها رئيس متشكك في موضوع التأثير على المناخ، لكن هناك الكثير من البيانات والتحليلات العلمية التي تتعارض مع المواقف السياسية للبيت الأبيض بهذا الشأن، وبحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي فإن الاحتباس الحراري تسارع على مدى الأربعين سنة الماضية مقارنة مع وقت سابق في القرن العشرين".

 

وتنقل الصحيفة عن الباحثة مع "ناسا" كيت مارفيل، قولها لزملاء الكاتب: "ليس أي عام حار بذاته دليلا على التغير المناخي، لكن هذا العام الحار هو واحد من الكثير من الأعوام الحارة في هذا العقد.. فالكوكب أصبح أكثر دفئا إحصائيا وبشكل ملموس عما كان عليه قبل الثورة الصناعية، ونحن نعرف لماذا، ونعرف ماذا يعني ويمكننا أن نفعل شيئا لعلاج ذلك".

ويورد ثارور نقلا عن عالم الطبيعة والناشط البيئي ديفيد أتنبرو، قوله لتلفزيون "بي بي سي" يوم الخميس: "لقد جاءت لحظة الأزمة"، مشيرا إلى أن "هذا العام وحده رأينا دراسة علمية تلو أخرى تثبت أن الكوكب يزداد حرارة بوتيرة سريعة بسبب أنشطة الناس، وعلى الحكومات أن تقوم بفعل الآن لمنع وقوع الكارثة الكوكبية التي تنتظرنا".  

وينقل الكاتب عن روبنسون ماير، قوله في مجلة "أتلانتك": "لقد تم تحطيم الأرقام القياسية المناخية كلها تقريبا مرة تلو أخرى في السنوات العديدة الماضية: الخمس سنوات الماضية هي أدفأ خمس سنوات في السجلات، والسنوات الست الماضية هي أكثر ست سنوات حرارة، والأشهر التسعة الأخيرة هي أدفأ تسعة أشهر.. ومنذ أن نزل ترامب عن سلمه الكهربائي المذهب وأعلن أنه سيترشح للرئاسة، شهد العالم تحطيما لأكثر الأشهر حرارة، بحسب (نواا)".

ويجد ثارور أنه "بسبب السياسيين مثل ترامب -وهو ليس الوحيد بين الزعماء العالميين الذين يترددون في عالم مشتعل- فإن ذلك النوع من الإهمال استشرى في مواجهة الكارثة". 

ويفيد الكاتب بأن "آخر جولة مفاوضات حول المناخ التي تشرف عليها الأمم المتحدة انتهت بخيبة ألم، وعبر الناشطون عن حزنهم بسبب ضيق طموحات الحكومات الوطنية، ومع أنه تمت مناقشة خطورة التغير المناخي على مدى عقد من الزمان، إلا أن ذلك صاحبه بشكل مواز (إنهاك من فكرة نهاية العالم)، وهو الشعور الذي يوجد لدى الكثير بأن ما يحصل للعالم هو ضئيل لدرجة لا تدفعهم للقيام بأي فعل تجاهه".

 

ويستدرك ثارور بأن "هناك الآن علامات واضحة على التغير، وقبل اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأسبوع القادم نشر الداعون للقمة التقرير السنوي حول المخاطر العالمية، الذي يشمل مسحا للمئات من مديري الشركات وصناع القرار، ولأول مرة خلال 15 عاما من صدور التقرير ذكر أن (المخاوف البيئية تسيطر على أهم المخاطر طويلة الأمد) كما توقع ذلك من شملهم المسح، وهو ما يغطي على المخاوف من الفوضى الاقتصادية المحتملة وتوسع الفروق الاجتماعية". 

وينوه الكاتب إلى أن "هذه المخاوف تتضمن الأضرار التي تحدث نتيجة الظروف الجوية الشديدة، واحتمال عدم فعالية أو فشل الإجراءات التي تتخذها الحكومات والشركات لتخفيف التغيرات المناخية، والكوارث البيئية المتزايدة التي يصنعها الإنسان، مثل تسرب النفط، وانهيار الأنظمة الإيكولوجية وخسارة التنوع البيولوجي، وهو ما يبدو واضحا في عدد الحيوانات النافقة في حرائق أستراليا".   

وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ بريندي، قوله في مؤتمر صحافي: "المشهد السياسي مستقطب، ومستويات الماء في البحار في ارتفاع، والحرائق بسبب المناخ مشتعلة.. هذا هو العام الذي يجب على زعماء العالم أن يعملوا فيه مع قطاعات المجتمع كلها لإصلاح وتنشيط أنظمة التعاون، ليس فقط لأجل الفوائد على المدى القصير، لكن لمعالجة المخاطر المتجذرة أيضا".

ويقول ثارور: "سيكون حضور التغير المناخي كبيرا في اجتماع دافوس الأسبوع القادم. ويتوقع أن تتحدث الناشطة السويدية غريتا ثنبيرغ في اليوم ذاته الذي يتحدث فيه ترامب، وربما تستخدم المنصة لتوبيخ نخبة العالم، وكتبت في مقال الأسبوع الماضي: (عالم المال يتحمل مسؤولية تجاه الكوكب والناس والكائنات التي تعيش عليه كلها.. وفي الواقع يجب أن يكون من مصلحة كل شركة وكل مالك أسهم التأكد من أن الكوكب الذي يعيشون عليه سينتعش، لكن التاريخ لم يظهر أن عالم الشركات مستعد لأن يحمل المسؤولية ذاتها".

 

ويشير الكاتب إلى أن "العديد من عمالقة الصناعة والمديرين التنفيذيين في الشركات قد يحاولون أن يثبتوا أن ثنبيرغ مخطئة، حيث سيعمل المنتدى على تنسيق جهود القطاع الخاص لمساعدة العالم في الوصول إلى أهداف اتفاقية باريس لعام 2015، وسيجلس ممثلون عن أكبر أربع شركات محاسبة في العالم مع رؤساء الشركات للتوصل إلى اتفاقية خضراء للتدقيق".

ويستدرك ثارور بأنه "لا تزال هناك فجوة كبيرة بين قطاع الأعمال والناشطين الذين يكافحون لأجل أفعال جذرية، فكثير من البنوك الكبيرة التي سيجتمع مديروها في دافوس، لا تزال تستثمر مئات المليارات في الوقود الأحفوري".

ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن ثنبيرغ كتبت أيضا: "أي شيء أقل من التوقف مباشرة عن الاستثمارات في الوقود الأحفوري، سيكون خيانة للحياة ذاتها.. واستمرار العمل اليوم كأن شيئا لم يكن يتحول إلى جريمة ضد الإنسانية".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)