صحافة دولية

التايمز: كيف تسببت الطائرة الأوكرانية بصراع على السلطة بإيران؟

التايمز: الطائرة الأوكرانية تضع روحاني وسط صراع مع المتشددين- الأناضول
التايمز: الطائرة الأوكرانية تضع روحاني وسط صراع مع المتشددين- الأناضول

نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لكل من مراسلتها الدبلوماسية كاثرين فيليب، ومراسلها في تل أبيب أنشيل بفيفر، ومراسلها في باريس تشارلز بريمر، يتحدثون فيه عن صراع السلطة في طهران، الذي نجم عن تحطم الطائرة الأوكرانية في أجواء العاصمة طهران.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى اعتقالات الحكومة الإيرانية فيما يتعلق بعملية إسقاط الطائرة، في وقت تحاول فيه الحكومة احتواء التداعيات بعد قرارها المتأخر تحمل المسؤولية بعد نسبة الأمر إلى خطأ غير مقصود.

 

ويلفت الكتّاب إلى أن المؤسسة القضائية، التي يسيطر عليها المتشددون في الحرس الثوري الإسلامي، أعلنت عن اعتقال أشخاص لهم علاقة بإسقاط الطائرة، مشيرين إلى أن هذا الإعلان تزامن مع احتجاز عدد من الأشخاص بسبب مشاركتهم في التظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الأيام الأربعة الماضية؛ احتجاجا على أكاذيب الحكومة، ومحاولتها التغطية على حادث الطائرة. 

 

وتذكر الصحيفة أن الركاب الذين كانوا على متن الطائرة، وعددهم 176 راكبا، ماتوا كلهم، ما وضع النظام الإيراني أمام أكبر وأخطر تحد له منذ الثورة الإسلامية عام 1979، مشيرة إلى أن الغارة التي قتلت فيها الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني، في 3 كانون الثاني/ يناير، أدت إلى سلسلة من الأحداث قادت إلى تحطم الطائرة، وأدت إلى صراع على السلطة بين المعتدلين والمتشددين. 

 

ويفيد التقرير بأن الرئيس حسن روحاني وضع نفسه إلى جانب الشعب، فطالب يوم الثلاثاء بتحقيق عميق وشفاف في الحادث، وما أسماه "الخطأ الذي لا يغتفر" الذي ارتكبه الحرس الثوري. 

 

ويقول الكتّاب إن الرئيس طالما واجه حرس النظام، وهو ما توصل إليه تقييم أمني إسرائيلي، ورأى أن ميزان القوة ربما يميل لصالحه، وقال في خطاب متلفز: "لا يمكن أن يكون الحادث مسؤولية شخص واحد.. هناك آخرون، وأريد أن يتم التعامل مع (الموضوع) بصدق"، ودعا إلى محكمة خاصة لمتابعة المحاكمة، ما يشير إلى عدم ثقته بالقضاء الذي يسيطر عليه الحرس الثوري. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الطائرة الأوكرانية أصيبت بعد فترة قصيرة من إقلاعها من مطار طهران، وبعد ساعات من إطلاق الحرس الثوري وابلا من الصواريخ على قاعدتين عسكريتين في العراق، يتمركز فيها جنود أمريكيون، التي كانت ردا على مقتل سليماني، مشيرة إلى أنه لكون الحرس الثوري كان يتوقع ردا أمريكيا، وفي حالة من التأهب، فإنه اعتقد أن الطائرة هي صاروخ أمريكي. 

 

ويشير التقرير إلى أن ملايين الإيرانيين خرجوا إلى الشوارع للمشاركة في جنازة سليماني، والتعبير عن الحزن، لكن غضبهم تحول من أمريكا إلى الحرس الثوري بعد اعتراف إيران المتأخر بالمسؤولية، وتحولت مظاهر الحزن إلى احتجاجات هتف فيها المتظاهرون مطالبين بسقوط النظام. 

 

ويلفت التقرير إلى أن إيران تشهد منذ العام الماضي سلسلة من الاحتجاجات التي استخدمت فيها قوات الأمن العنف والقمع، وفي هذه المرة دعمت التظاهرات المعادية للنظام شخصيات بارزة، بينها مخرجون وفنانون وموسيقيون ورياضيون ومقدمو برامج تلفازية، مشيرا إلى أنه تم اعتقال ركشان بني اعتماد، وهي أهم مخرجة سينمائية إيرانية، والتحقيق معها لساعات، بعدما دعت إلى تظاهرة صامتة في أنحاء البلاد كلها لإحياء ذكرى القتلى. 

 

ويبين الكتّاب أن صور حطام الطائرة التي نشرتها السلطات الأوكرانية تكشف عن أن الطائرة أصيبت بصاروخ أرض- جو، وكان على متنها مواطنون من جنسيات مختلفة، أربعة منهم بريطانيون، لافتين إلى أن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قال إن 57 ضحية من حملة الجنسية الكندية الإيرانية كانوا سيظلون على قيد الحياة لو لم يقم الرئيس دونالد ترامب بتصعيد المواجهة مع إيران واستهداف أهم قائد عسكري لديها، أي سليماني، ومواصلته سياسة الضغط من خلال العقوبات بعد خروجه من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الأحداث المتتالية منذ بداية العام الجديد دفعت المخابرات الإسرائيلية لإعادة النظر في تقييمها الأمني الذي أعدته قبل مقتل سليماني، وأشار إلى احتمال صراع على السلطة بين روحاني والقضاء حول الطريقة التي يجب فيها التعامل مع تحطم الطائرة والتحقيق فيها. 

 

وبحسب التقرير، فإن قوات الأمن الإيرانية اعتقلت، وإن لفترة قصيرة، السفير البريطاني روب ماكير، وقام المتشددون بحرق مجسم له خارج جامعة طهران. 

 

ويقول الكتّاب إن مقتل سليماني يمكن أن يؤدي إلى زيادة نفقات النظام الإيراني على مغامراته في الخارج، كما حددها الجنرال في خطته الكبرى، مشيرين إلى أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي، دعم خطة سليماني وفضلها على خطط الرئيس روحاني، الذي حثه على إنفاق الأموال على مشاريع تسهم في تخفيف العقوبات التي فرضتها أمريكا وأثرت على اقتصاد البلاد. 

 

وترى الصحيفة أن دعوة الرئيس روحاني لمحكمة خاصة وضعته في مركز الصراع الداخلي، وهو الرئيس المنتخب مع أن وضعية رئيس البلاد محددة بمن يختاره المتشددون، مشيرة إلى أنه انتخب عام 2013 بوعد الإصلاح وتحسين العلاقات مع الغرب، ما وضعه في صف المعتدلين، وظلت سلطته محدودة لأن السلطة العليا هي في يد المرشد الذي يختار المرشحين المناسبين لتولي المناصب البارزة، في الأمن القومي والخارجية. 

 

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن القضاء يظل ضمن صلاحيات الحرس الثوري، وهذا واضح من محاولات المسؤولين الغربيين التعامل مع ملف السجناء من ذوي الجنسية المزدوجة، حيث لا يستطيعون الحصول على المعلومات من القضاء، فيما يلقون ترحيبا من الخارجية التي لا تملك سلطة على هذه الملفات ولا حتى معلومات.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)