ملفات وتقارير

ماذا وراء استهداف المرجعيات الدينية في العراق؟

قال عراقيون إن استهداف المرجعيات الشيعية يأتي لاستخدامها كذريعة لإخماد الاحتجاجات الشعبية- جيتي
قال عراقيون إن استهداف المرجعيات الشيعية يأتي لاستخدامها كذريعة لإخماد الاحتجاجات الشعبية- جيتي

أبدى سياسيون ونشطاء عراقيون تخوفهم من لجوء إيران وميليشاتها في العراق إلى استهداف المراجع الدينية، لاستخدامها كذريعة لإخماد الاحتجاجات الشعبية، وإجهاض الانتفاضة، بحجة حرصها على حماية تلك المراجع، وفي مقدمتهم المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني.


وفي هذا السياق حذر السياسي ورجل الدين العراقي، إياد جمال الدين من أن "إيران تريد تغيير وجهة المظاهرات في العراق من إحراق صور خامنئي إلى إحراق صور السيستاني، كي تدخل ومليشياتها للدفاع عنه". 


وأضاف في تغريدات له عبر حسابه على تويتر "إيران أمرت جواسيسها في العراق بـ"تغيير" المظاهرات من مظاهرات ضد الحكومة الفاسدة العميلة إلى مظاهرات ضد المرجعية". 

 

ولفت جمال الدين إلى أن "الدفاع عن المرجعية سيكون هو الغطاء لنزول قوات المليشيات الإيرانية والجيش لإبادة المتظاهرين بـحجة الدفاع عن المراجع" محذرا من "أي صوت ضد المرجعية ستستغله إيران لصالحها". 


من جهته قال الناشط الحراكي العراقي من مدينة النجف، حسين آل حازم "عملت المخابرات الإيرانية على تغيير سير المظاهرات في العراق عامة، وفي النجف خاصة إلى مظاهرات غير سلمية بعدة طرق، لكنها لم تستطع". 


وأضاف "وبعد حرق القنصلية الإيرانية في النجف، نشروا معلومات بأن المتظاهرين سيتوجهون إلى المدينة القديمة للاعتداء على المراجع، خاصة السيد السيستاني، لكن المتظاهرين أفشلوا كل تلك الفبركات، وحافظوا على سلمية مظاهراتهم". 


وتابع في حديثه لـ"عربي21": "لكن المخابرات الإيرانية المتمركزة حول قبر الحكيم قامت بتسليم الملف الأمني في النجف لشخص يدعى الفريق علي الهاشمي من محافظة النجف، وهو إيراني الأصل، لقمع المتظاهرين بحجة حرق قبر الحكيم، ومن خلال وضع قناصين أعلى البناية". 


وذكر أن "المتظاهرين تراجعوا إلى خيم الاعتصام خوفا من جر المظاهرات إلى قتال شيعي شيعي، لخربطة الأوضاع، وهو هدف المخابرات الإيرانية في هذه المرحلة".  


وعن مدى إدراك المتظاهرين لتلك المخططات أكدَّ أن "المتظاهرين يدركون ذلك، عن طريق بعض رجال الأمن والاستخبارات الذين لديهم تواصل مع بعض الناشطين والمتظاهرين، وتم توصيل تلك المعلومات قبل حدوثها، لذا فإن المظاهرات مستمرة بسلميتها، ولا تزال المخابرات والذيول الإيرانية تعمل على زعزعة المظاهرات، وما زالت الدماء في محافظة النجف تسيل حتى اللحظة".


ونفى آل حازم بشدة ما يقال عن أن المتظاهرين يستهدفون المراجع الدينية، واصفا ذلك بأنه "مجرد أخبار كاذبة" ومؤكدا أن "المتظاهرين على تواصل مستمر مع وكلاء المرجعية ويقتدون بتوجيهاتها". 


بدوره قال الكاتب السياسي العراقي، كفاح محمود كريم "يعرف الجميع حقيقة العلاقة بين الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق وبين إيران، فهي بالتالي علاقة أيديولوجية يتحكم المعتقد المذهبي فيها، وإيمان تلك الأحزاب بالمرجعية الإيرانية سياسيا وعقائديا، وهي أيضا الممول والداعم الرئيسي لأذرع تلك الأحزاب العسكرية". 


وأردف "بالتأكيد هذا النوع من المشاريع والتحالفات يحتاج إلى خطط وسيناريوهات لحمايته والاستماتة من أجل ديمومته، لذا فلا أستبعد استخدام أي وسيلة كانت للحفاظ عليه، خاصة وأن التحدي تجاوز موضوع المطالبة بالخدمات، وأصبح الآن في ذروته". 


وواصل حديثه لـ"عربي21" بالتأكيد على أن "ردود الأفعال لن تكون ناعمة، بل سيرتفع مستواها إلى مواجهات، كانت بدايتها في الناصرية، وربما تنتشر إلى مناطق أخرى إذا لم تحسم مرجعية النجف موقفها بشكل واضح وشفاف، وربما أيضا الطلب من البرلمان تغيير معاييره في تعيين رئيس الوزراء هي بداية لسيناريو آخر يدعم بقاء وديمومة المشروع الأساسي". 


وردا على سؤال حول توقعاته عن مآلات الاحتجاجات الشعبية شدد كريم على أن "خيوط اللعبة ما زالت بيد الولايات المتحدة وإيران، ومن المستبعد أن يسمحا بإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة النظام السياسي، فهناك الكثير من المشتركات بينهما رغم شكل الصراع المعلن، ومن الوارد حدوث بعض التغييرات في العناوين والأشخاص، لكنها لن ترتقي إلى تحقيق بعض شعارات المتظاهرين في إسقاط النظام ومؤسساته ودستوره بشكل ثوري". 


وعن موقف مرجعية النجف من الاحتجاجات الشعبية العارمة، أشار إلى أن "المرجعية في بيانها الأخير الذي طلبت فيه ضمنيا استقالة عبد المهدي أكدّت أنها تتعامل مع الأحداث بتوفيقية تحفظ النظام السياسي وأسسه، وتدعم مطالبات المتظاهرين بما لا يتقاطع مع الثوابت". 


من جانبه ذكر الكاتب والباحث السياسي العراقي، مجاهد الطائي أن "هناك قوى سياسية شيعية متنافسة فيما بينها، يريد كل طرف منها أن تكون المرجعية في طرفه ليحظى بالغطاء الديني، ومن بينها تلك القوى القريبة من إيران المتضررة من التظاهرات، والتي تشعر انها ستخسر الكثير من استقالة الحكومة". 


وتابع "لذا فإنها تقوم عن طريق مندسيها بالفعل باستخدام العنف، أو إحراق المؤسسات العامة والخاصة، وتفكر بإحراق المراقد كمبرر لجر المظاهرات السلمية إلى الساحة التي يجيدون اللعب فيها، ألا وهي ساحة العنف" على حد قوله. 


وإجابة عن سؤال "عربي21" حول مدى وعي القوى الثورية بتلك المخططات، وما هي خططها لمواجهتها، قال الطائي "معظم القوى الثورية العراقية في الجنوب عشائرية سلمية، وهي تدرك أن هناك من يريد جر السلمية إلى العنف، لكن ليس لديها خطط واضحة لمواجهة ذلك سوى إدانة هذه الأفعال، والتركيز على الأهداف التي خرجوا من أجلها". 


وختم حديثه بالإشارة إلى أن "موقف المرجعية في النجف غير صارم، وغير واضح، مما يفسر حجم الضغوط التي تُمارس عليها من إيران والأطراف العراقية المختلفة". 

اقرأ أيضا: تعرف على أبرز محطات العراق منذ الغزو الأمريكي (إنفوغراف)

التعليقات (0)