قضايا وآراء

توقيت "مناسب" لتمرير العدوان على غزة

نزار السهلي
1300x600
1300x600

العدوان على غزة ليس بحاجة لمزاعم أو تبريرات صهيونية، فهو مستمر بكل الأشكال والأساليب ولم يتوقف سواء في الضفة أو غزة، وعلى سكان فلسطين الأصليين في الـ 48 وعلى عموم الشعب الفلسطيني، والجولة الأخيرة من العدوان إن كانت مرتبطة بحسابات نتنياهو وخصمه بيني غانتس، فإنها تشير إلى حصة الدم التي يراهن على جبايتها الإرهاب الصهيوني من الجسد الفلسطيني في كل مرة، تحقيقاً لمكاسب انتخابية أو نزولاً عند فتاوى تلمودية، أو مزاعم مثبت الغرض منها ومن أهدافها. 

 

بيئة عربية وإقليمية مواتية

توقيت التصعيد ورفع وتيرة العدوان، مرتبط بظروف محلية وإقليمية و دولية، "تناسب" تماماً تمرير أي جريمة، وبأي حجم وبأبخس الأثمان، ما وفرته وتوفره بيئة عربية وإقليمية، منسجمة تماما مع سلوك المحتل، تدفعه للتفاخر بإنجاز جولات عدوان دون تكلفة "التنديد" بها، بل هناك جرأة للبوح عن رضى عربي، يتذرع أنه يستهدف أذرع إيرانية في غزة، أو أنه يحمل الشعب الفلسطيني مسؤولية الاعتداء على نفسه، هذه البيئة السائدة منذ سنوات الزحف نحو تطبيع علني مع المحتل، ومع سياسة رسمية فلسطينية باتت مخجلة في إدارة الصراع مع الاحتلال، لا يمكنها صياغة بدائل تمكنها من حماية شعبها بشكل لائق.

فإذا كانت "حماس" أو "الجهاد" وكل الفصائل خارج غزة، فالعدوان قائم، والاحتلال قائم منذ أكثر من سبعة عقود وعليه يجب على الفلسطينيين صياغة مقاومتهم بالشكل الذي يناسبهم ويناسب عدوهم، هذه بديهيات الصراع.

لكن المفقود دوماً هنا، الرؤية التي يبحث عنها الجميع، وتم تخصيص أطنان من المحابر لتدوينها وإخراجها بأفكار وبرامج ورؤى، سرعان ما يتم إدارة الظهر لها، دون الاستفادة من كل الدروس التي عصفت بالقضية والشعب الفلسطينيين، حوادث الاغتيال لم تتوقف لقادة الصف الأول والثاني من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، ومن مختلف الشرائح، وهنا لا علاقة للانتماء الفصائلي بالاغتيال المستهدف لمقاومين أو كتاب وفنانيين وصحفيين ولأطفال ونساء وشيوخ، فضلاً عن استهداف المنازل وتدمير البنية التحتية للمجتمع الفلسطيني واستهداف اقتصاده، وممارسة حصار جائر على 2 مليون فلسطيني  وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية، هذه طبيعة الاحتلال التي يحاول البعض وهماً النظر إليه بطريقة مختلفة.

 

العدوان على غزة ليس بحاجة لمزاعم أو تبريرات صهيونية، فهو مستمر بكل الأشكال والأساليب ولم يتوقف سواء في الضفة أو غزة،

 
تم رصد رد فعل على تصعيد العدوان، بعد اغتيال القائد العسكري للجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، "أن حادثة الاغتيال تستهدف نسف جهود المصالحة الفلسطينية وتنظيم الانتخابات"، من بعد ذلك سارع الوسيط المصري لإجراء اتصالات تُجنب غزة تصعيدا خطيرا، هذه أفكار باتت ممجوجة وسخيفة، إذا كان أصحاب القضية والرأي، ينتظرون وسيطاً بوزن رجل مخابرات السيسي، كي يضمن تنفيذ بنود المصالحة، وتنظيم شؤون البيت الفلسطيني، فلنا أن نعرف لماذا تستمر جولات العدوان بهذه الأجواء العربية! 

 

النظام السوري والعدوان على فلسطين


الحالة العربية لم تكن مقتصرة في عمل الجانب المصري على ملف حصار غزة والمصالحة، واتصالات درء العدوان عنها، هناك حالة عربية تدفع الحكومة الصهيونية كما قلنا لتمرير أي جريمة، النظام السوري مثل صارخ ومهم لضرب بنية وعمق المجتمع الفلسطيني والسوري وتدميره عن بكرة أبيه، استخدام كل وسائل القتل والتدمير الممنهج للمجتمع السوري والفلسطيني، يسمح بتمرير حوادث اغتيال، وخفوت أصوات التضامن مع مآسي فلسطين وغزة، هكذا يقرأ الإسرائيلي سلوك النظام في دمشق لاستثماره في ميدان العدوان، والذي اعتبر سلوك النظام في دمشق بالنسبة له بنكا وذخيرة "أخلاقية " يمكن الاستعانة والمفاضلة بها لتمرير العدوان بجرأة غير مسبوقة إن تعلق بحوادث الاغتيال أو الحصار أو التهجير والتدمير الشامل وحتى استخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة.

بمعنى كل المؤسسة العسكرية للنظام في سوريا، ليست هدفا ولا تشكل خطرا على أمن المحتل، بدلائل كثيرة، أهمها أن هذه المؤسسة حققت لإسرائيل ما عجزت عنه آلتها العسكرية والأمنية، هل لنا أن نتصور براميل وصواريخ للمحتل تدك مدن سوريا من الشمال إلى الجنوب دون مقاومتها، وهل باستطاعة الآلة العسكرية الصهيونية تهجير ملايين السوريين، في القرن الحادي والعشرين.

يقرأ العقل الصهيوني أيضا، شلل المواقف وتأثيرها، من دمشق إلى بيروت والقاهرة وطهران وموسكو، وهل تستطيع إحداث غير الفاجعة التي أحدثتها في المجتمع السوري والفلسطيني والعربي سلوكاً ومواقف، بالطبع لا، من يريد مواجهة جرأة العدوان والتصعيد، عليه أن لا يستعين بعضلات موسكو وطهران والنظام العربي، عضلات الفلسطينيين وحدهم وعزيمتهم تبقى العدو الحقيقي لكل المشروع الصهيوني، لا شيء آخر في المنطقة يرعب ويقلق المحتل، لا عنتريات الأنظمة وأكاذيبها، ولا زحف البعض نحو التصهين يرفع له قيمة وشأن، وحدها عزيمة ووعي الشباب العربي تبقى عمق وجوهر الصراع مع الاحتلال التي ستشكل سداً مانعاً لتماديه في العدوان.

التعليقات (0)