صحافة دولية

أوبزيرفر: هذا ما يحدث داخل مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا

قتل وتعذيب واغتصاب داخل مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا- أوبزيرفر
قتل وتعذيب واغتصاب داخل مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا- أوبزيرفر

نشرت صحيفة "أوبزيرفر" تقريرا للكاتبة فرنشيسكا بانتوشي، عن مركز اعتقال للاجئين في ليبيا، تصف فيه أوضاع المحتجزين في مراكز الاعتقال في ليبيا. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المحتجزين في المركز، الواقع على طريق السكة في طرابلس، واعتقل فيه 300 رجل، يتعرضون للتعذيب والاغتصاب وسوء المعاملة، لافتا إلى أنه عندما دخلت بانتوشي المكان فإنها رأت عددا من اللاجئين نائمين على فراش قذر، وكانوا مرضى دون حركة، ينتظرون الشفاء أو الموت، ورحب بها لاجئ مغربي دون ابتسامة، قائلا: "مرحبا في جهنم". 

 

وتقول بانتوشي إن "ثلاثة من حمامات المعسكر الستة غير عاملة، ولا يستطيع المعتقلون الهرب لأنهم لا يملكون أحذية، ويجب ألا يكون الحال بهذه الطريقة، فبعد تقارير التعذيب والانتهاكات في معسكرات احتجاز اللاجئين، ومن أجل وقف تدفق اللاجئين قدم الاتحاد الأوروبي المال لمنع هذه الظاهرة".

 

وتذكر الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي قدم منذ عام 2016 أكثر من 110 ملايين جنيه إسترليني لتحسين ظروف المهاجرين في ليبيا، مستدركة بأن الظروف الآن أسوأ مما كانت عليه في السابق.

 

ويفيد التقرير بأن من بين المحتجزين، محمد من غانا الذي نجا في تموز/ يوليو، من غارة جوية على مركز آخر في تاجوراء التي تقع في جنوب- غرب العاصمة، وقتل فيها 53 لاجئا، مشيرا إلى أنه بعد تشرد في الشوارع وقع محمد في يد مهرب وضعه على قارب باتجاه أوروبا، إلا أن خفر السواحل اعترضوا القارب، ووقع محمد في البحر، وجلب إلى معسكر الاعتقال، فيما لا تزال سترته الزرقاء تحمل آثار ملح البحر، وهو يريد توصيل رسالة لزوجته، خاصة أن آخر مرة تحدث إليها كانت قبل خروجه إلى البحر، ويقول: "لقد أخذ الجنود مالي وهاتفي ولا تعرف زوجتي إن كنت حيا أو ميتا". 

 

وتقول الكاتبة إن معسكر طريق السكة سيئ، لكن المراكز الأخرى أسوأ، لافتة إلى قول المحتجزين إن المليشيات تقوم بمداهمات ليلية إلى المعسكرات، ويجرون منها محتجزين لاستخدامهم ورقة ضغط على عائلاتهم وطلب الفدية منها.

 

وتنوه الصحيفة إلى أن عشرات الآلاف من المهاجرين انتشروا في العاصمة الليبية، وينام الكثير منهم في الشوارع، وينام الكثير منهم كل ليلة تحت أقواس مراكز المدينة، مشيرة إلى أن هذا وسط حرب شنها منذ نيسان/ أبريل، زعيم الحرب خليفة حفتر، الذي يريد السيطرة على العاصمة، وأدت إلى مقتل ألف شخص. 

 

ويجد التقرير أن ليبيا لم تعرف إلا الفوضى منذ ثورة عام 2011، التي أطاحت بالزعيم معمر القذافي، لافتا إلى أنه في عام 2014 اندلعت حرب أهلية متعددة الأطراف، واستفاد المهربون من الفوضى، وحولوا ليبيا إلى مركز للمهاجرين القادمين من ثلاث قارات، وبعد وصول أكثر من مليون مهاجر قامت الدول الأوروبية بتشديد القوانين. 

 

وتشير بانتوشي إلى أن هذا القمع واضح أمام بوابات مجمع يحتفظ فيه بحاويات الشحن البحري، وهو مركز تجميع وترحيل اللاجئين التابع للأمم المتحدة، أو ما يطلق عليه اللاجئون "فندق" التجميع والترحيل، فمن هذا المكان يتم اختيار من تنطبق عليه شروط اللجوء، حيث يحصلون على رحلات جوية عبر النيجر ورواندا باتجاه أوروبا. 

 

وتستدرك الصحيفة بأن هناك 45 ألف لاجئ مسجل، فيما لم تتوفر في السنوات الماضية رحلات إلا لـ2300 لاجئ، لافتة إلى أنها توقفت الآن بشكل كامل، إلا أن هذا لم يمنع من طوابير يومية يأمل فيها اللاجئون بالحصول على بطاقة ذهبية. 

 

ويلفت التقرير إلى أن من بين هؤلاء نفيسة سعيد موسى (44 عاما)، التي قضت نصف حياتها لاجئة، بعد مقتل زوجها واثنين من أولادها في دارفور، وفي العام الماضي تعاونت مع لاجئين سودانيين وانطلقوا باتجاه ليبيا، فيما اعتقل مسلحون ابنها عبد الله (29 عاما) في جنوب ليبيا، ورفضوا الإفراج عنه إلا بعد دفع 5 آلاف دينار ليبي، ولم يطلق سراحه إلا بعد شهرين، حيث عاد وآثار التعذيب تبدو عليه، مشيرا إلى أنها الآن تنام وابنها في الشوارع بعد مغادرتهما ملجأ لجمعية خيرية، وتحلم بحياة كريمة والسفر إلى أوروبا. 

 

وتبين الكاتبة أن القصة ذاتها حصلت مع نعيمة من السودان، التي اختطف زوجها وتركها مع ابنتها البالغة من العمر ستة أشهر، وتأمل بأن يكون زوجها على قيد الحياة.

 

وتنوه الصحيفة إلى أن 200 لاجئ طردوا في الأسبوع الماضي من معسكر اعتقال، ودخلوا مركز التجميع والترحيل، وانضموا إلى 800 محتجز، مع أن المركز لا يتسع إلا لـ600 شخص، مشيرة إلى قول المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة إنه لا توجد لديها رحلات جديدة إلا في حالة منحت دول لجوءا. 

 

وينقل التقرير عن المسؤول في المفوضية فيليبو غراندي، قوله: "لا نستطيع فرض أنظمة اللجوء لأن البلد يعيش حالة حرب". 

 

وتذكر بانتوشي أن طريق البحر أغلق في الوقت ذاته بعدما وقعت إيطاليا وليبيا عقدا وفرت فيه الحكومة

الإيطالية 90 مليون يورو لتدريب خفر السواحل، وخفض الاتفاق عدد القادمين من 181 ألف لاجئ في عام 2016 إلى 9300 لاجئ هذا العام، مشيرة إلى أنه يتم اعتراض القوارب ونقل من عليها إلى مراكز احتجاز. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن باولو بيزاتي من "أوكسفام"، قوله: "لقد جمعنا شهادات عن تعذيب واغتصاب وقتل في مراكز الاحتجاز"، وأضاف أن الاتفاق الذي وقع بين ليبيا وإيطاليا عام 2017 سمح لهذه الانتهاكات. 

 

ويفيد التقرير بأن روما واجهت انتقادات لأن من بين قادة خفر السواحل الذين تمولهم هو عبد الرحمن ميلاد، الذي تتهمه الأمم المتحدة بإغراق قوارب المهاجرين والتعاون مع المهربين، مستدركا بأنه رغم أمر القبض عليه من الحكومة الليبية في نيسان/ أبريل، إلا أنه أخبر الكاتبة أنه عاد للعمل وهو بريء من الاتهامات، قائلا: "لا علاقة لي بالتهريب، وأنا من أفضل خفر السواحل في ليبيا". 

 

وترى الكاتبة أنه بالنسبة للمهاجرين والليبيين على حد سواء، فإن موقف العالم الخارجي مثير للدهشة، فهو يرسل المال لمنع تهريب المهاجرين، ثم ينتقد ولا يبالي لما يحدث لهم في المعتقلات. 

 

وتنقل الصحيفة عن العامل في الهلال الأحمر الليبي، أسد الجفير، قوله: "تشاهدهم (مسؤولي الأمم المتحدة) على التلفاز وهم يصرخون بأنهم لا يريدون رؤية الناس يموتون في البحر، لكن ما الفرق بين رؤيتهم يموتون في البحر وتركهم يموتون وسط الشوارع". 

 

ويشير التقرير إلى أن العاصمة تعرضت في الأسابيع الماضية لغارات بالطائرات المسيرة، وباتت النساء الخائفات من الاغتصاب، ينمن على بعد أمتار من مراكز الشرطة، لكن الجفير يقول إنهن هن أول الأهداف للغارات. 

 

وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى أن مبروك عبد الحفيظ، الذي عينته وزارة الداخلية قبل ستة أشهر لتحسين الأوضاع في مراكز الاعتقال، يعترف بأن التحسن بطيء، والسبب هو أن معظم مراكز الاحتجاز تقع في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)