كتاب عربي 21

مع حزب الله أم ضده؟.. سؤال الموسم

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

كان سؤال الموسم بالفعل خلال الأسابيع الأخيرة، ويتبعه سؤال "مع إيران ضد أمريكا أم العكس؟"، فأين الجواب، وما حقيقة الانقسام حول الإجابة؟


ما ينبغي أن يقال ابتداءً هو أن ما تم ترويجه خلال السنوات الماضية حول وجود انقسام بشأن الموقف من إيران وتوابعها في المنطقة، ومن ضمنهم حزب الله، لا يعدو كونه لعبة تضليل لا أكثر، والسبب أن مصطلح الانقسام ينطوي على وضع طرفيه على قدم المساواة من حيث النسب، كما هو الحال مثلا في الانقسام بين فتح وحماس في الساحة الفلسطينية، بحيث لو أجريت انتخابات بتصويت بين الحركتين فقط، لما ابتعد رقم كل منهما عن الآخر (كان الفرق 3 في المائة لصالح حماس في انتخابات 2006).


الحق أن المنحازين لإيران وتوابعها في المنطقة، هم فئات محدودة، ولا يصعد الرقم على مستوى العالم العربي والإسلامي إلا إذا أخذنا الكتلة الشيعية في الاعتبار، وغالبيتها مع إيران (قطاع معتبر منها في العراق لم يعد كذلك، وإن لم يتغير موقفه من الكيان الصهيوني). ويمكن القول أيضا إن هناك أقليات أخرى محدودة العدد؛ لإيران في أوساط بعضها تأييد لافت تصاعد بعد الربيع العربي، وشيوع القناعة بهويته الإسلامية.

 

الرضا عن رد حزب الله لا يغيّر في واقع الحال في الموقف منه، كما أن العقوبات الأمريكية على إيران لا تثير الكثير من التعاطف معها


أما في أوساط الغالبية، ولا نقول الطائفة السنيّة، لأن السنّة لم يعتبروا أنفسهم طائفة في يوم من الأيام، بل هم الأمة التي تحتضن جميع الأقليات.. أما في أوساط الغالبية (نقول السنيّة؛ فقط من باب التوضيح)، فتأييد إيران وتوابعها لا يعدو أن يكون رقما مجهريا، يمثله بعض اليساريين والقوميين وأعداد بسيطة أخرى من الأقليات المشار إليها.


هذا الفرز لم يكن موجودا على هذا النحو قبل التدخل الإيراني في سوريا، لكنه كان موجودا، وأخذ في التصاعد بعد احتلال العراق والسياسات الطائفية التي انتهجتها إيران في هذا البلد، وما تبعها من توترات مذهبية، أي أن بوسعنا القول إن حالة الحشد المذهبي قد بدأت من احتلال العراق، ثم انفجرت بعد التدخل الإيراني ضد ثورة الشعب السوري، ثم تصاعدت أكثر بعد انقلاب الحوثيين على ثورة الشعب اليمني.


وإذا كان بالإمكان القول إن حزب الله قد مثّل حالة خاصة في المنظومة الإيرانية، من حيث انحياز أبناء الغالبية إليه بسبب مواجهاته البطولية مع الكيان الصهيوني، فإنه ما لبث أن أصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة العدوان الإيراني؛ أولا بدفاعه عن القوى الشيعية المتعاونة مع الاحتلال الأمريكي، وثانيا بتدخله في سوريا، وأخيرا بإعلانه الصارخ بأنه أداة بيد "الولي الفقيه"، يوجهه أينما يشاء، ولو كان إلى اليمن؛ حيث انقلاب الحوثي الذي قام على الأكاذيب (فلا مراقد هنا ولا مقاومة)، وأخجل حتى بعض مؤيدي إيران المتحمسين؛ بخاصة من غير الشيعة.

 

بعض السخفاء يعتبرون أن الموقف المعادي لإيران وأدواتها يعني أن صاحبه مع الصهاينة أو مع أمريكا، وهذا منطق يثير السخرية في عالم السياسة


نتذكّر ذلك كله كأرضية للحديث عن الضجة الجديدة التي ثارت بعد تهديد حزب الله بالرد على العدوان الصهيوني على الضاحية الجنوبية، ومن ثم مجيء الرد على النحو الذي تابعناه، والذي رآه مؤيدوها عظيما، فيما رآه آخرون "باهتا" ولا يعدو أن يكون عملا لحفظ ماء الوجه، مع أنه مهمٌ باعتقادنا كونه يأتي في ظل غطرسة غير مسبوقة للعدو الصهيوني.


أيا يكن الأمر، ففي حين احتفل مؤيدو الحزب في أوساط الغالبية بالرد (لن نتوقف عند حاضنته الشعبية، ولا أركان المنظومة الإيرانية ذاتها لأن موقفها معروف)؛ كان الموقف من غالبية الغالبية ملتبسا ومترددا، وبالطبع تبعا للخلاف التقليدي حول الحزب ومواقفه.


حدث ذلك لأن الطرف الآخر هو الكيان الصهيوني، ولهذا الأخير في وعي الغالبية مكانة أولى في العداء. وحين يهدده أحد بالرد، ثم يفعل، فمن الطبيعي أن يكون هناك قدر من الرضا عن ذلك؛ على تفاوت بين الناس، إذ يصعب العثور على ذلك في أوساط الغالبية السورية التي ذاقت ويلات إيران، أو بين العرب السنّة في العراق كذلك، فضلا عن القطاع الأكبر من اليمنيين ممن أرهقهم انقلاب الحوثي، وإن جاء جزء من الدمار التالي بيد التحالف.


الرضا عن رد حزب الله لا يغيّر في واقع الحال في الموقف منه، كما أن العقوبات الأمريكية على إيران لا تثير الكثير من التعاطف معها، وإن كان العداء للولايات المتحدة محسوما تماما.

 

هذا الصراع المذهبي لا يمكن أن يستمر، ولا بد له من نهاية، لكنها نهاية لا يمكن أن تتأتى من دون أن تتخلى إيران عن أحلامها بالتمدد المذهبي


بعض السخفاء يعتبرون أن الموقف المعادي لإيران وأدواتها يعني أن صاحبه مع الصهاينة أو مع أمريكا، وهذا منطق يثير السخرية في عالم السياسة، لأن الأخيرة مركّبة ومعقدة، إذ يحدث أن يكون هناك من يعادي طرفين متصارعين في آن معا، وإلا فكيف قبلوا أن تلتقي إيران مع أمريكا ضد "داعش" في العراق، وكيف مرروا من قبل تعاون القوى التابعة لها مع الاحتلال الأمريكي للعراق؟!


هناك بالطبع آراء شاذة في أوساط الغالبية بلغ بها العداء لإيران وأدواتها حد تأييد ضربها من الكيان الصهيوني وأمريكا، فضلا عن إنكار بعضها لوجود أي عداء راهن بين إيران وأمريكا والصهاينة، والحديث عن مؤامرات ومسرحيات، بما ينطوي عليه ذلك من تسطيح للسياسة المعقدة، وإن كان موقف أصحابها مفهوما من زاوية إنسانية، لأن من الصعب على الضحية أن يرى أي موقف إيجابي لقاتله.


هنا ينشأ السؤال الأهم ممثلا في هوية المسؤول عن هذا الحشد المذهبي الرهيب الذي أفضى لهذه المعادلة الشيطانية التي غرقت فيها الأمة، ولم يستفد منها سوى الأعداء، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني وأمريكا، وكذلك القوى الكبرى التي تجني الأرباح من حريق المنطقة.


الحق أن المسؤول الأكبر هي إيران، فهي من بدأت ذلك بسياساتها المذهبية في العراق، وفجّرت الموقف في سوريا، وأكملته في اليمن، ويمكن إضافة بعض سياسات حزب الله حيال سنّة لبنان.


سيقول البعض إن حريق المنطقة أكبر من ذلك، وهذا صحيح، ولكن تحويل سوريا إلى "ثقب أسود" استنزف الجميع كان أكثر ما أفاد الصهاينة، وهو ما ساعد أنظمة الثورة المضادة العربية على تصعيد الحريق الراهن بمطاردة الربيع العربي (سمّاه خامنئي صحوة إسلامية، وحين وصل سوريا جعله مؤامرة صهيونية أمريكية!!). ولو مرّت ثورة سوريا بسلام، لكان مشهد المنطقة كله قد تغيّر، ولتجنّبت إيران هذا العداء الهائل لها.


هذا الصراع المذهبي لا يمكن أن يستمر، ولا بد له من نهاية، لكنها نهاية لا يمكن أن تتأتى من دون أن تتخلى إيران عن أحلامها بالتمدد المذهبي، وتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا في المنطقة، ومن دون أن تتخلى أنظمة الثورة المضادة عن هستيريا مطاردتها لأحلام الشعوب في الحرية والتحرر، وتعيد ترتيب أولوياتها على نحو مختلف يخدم تماسك الوضع العربي، ويتفاهم مع طرفي الإقليم الآخريْن (إيران وتركيا).

 

متى سيحدث ذلك؟ لسنا ندري، ولكن غطرسة الصهاينة التي تصاعدت بجنون لأجل استثمار الحريق الراهن لتصفية قضية الأمة، لها جانب إيجابي يتمثل في إعادة تصويب بوصلة القضية بعد تيه المفاوضات الذي طال أكثر من اللازم.


أسئلة كثيرة قد تنشأ لاحقا، من أهمها سؤال الصراع الدائر بين أمريكا والصهاينة وبين إيران، ومن ثمّ نتائجه، وما إذا كان سينتهي بتراجع إيران، أم بفوزها، ومن ثم نتائج الفوز إذا حدث على الصراع المذهبي في حال أغرى إيران بمزيد من التمدد واستعادة ثارات التاريخ. وهو ما يحتاج إلى وقفة أخرى.

6
التعليقات (6)
فهد العبد الكريم
الثلاثاء، 10-09-2019 01:28 ص
الغباء يعيد نفسه بالأمس كان هناك المتطرفين الشيعة يحثون الولايات المتحدة على تدمير العراق نكاية بالنظام العراقي واليوم المتطرفين من السنة يتمنون لو أن الصهاينة يقومون بتدمير إيران وفي كلا الحالتين لم ولن يدمروا إلا أنفسهم. إعاقة ذهنية لا حدود لها.
Maher
الأحد، 08-09-2019 05:22 م
لست أدري ياسيدي لماذا حاولت سيادتكم كثيرا اللمز بالكثره والقله والتمدد الشيعي واخيرا ياليت الثوره المضاده تهدأ وتعطي للشعوب حريتها. ياسيدي من منطقك نحن السنه نأسف ان ليس فينا مايجعل يد الغرب مشلوله ان تصفعك ةنحسد ايمانهم بمبادئهم والذهاب الي اخر مدي ونري معا الرأي العام الأسرائيلي . صح ياعم ياسر؟
رائد عبيدو
الأحد، 08-09-2019 05:06 م
يمكن لمن يعادي العدو الصهيوني معاداة حقيقية أن يكون مع حزب الله أو ضده، فلكل طرف نظرياته وحججه. لكن على من يقف ضده لأنه يسفك الدماء ألا يختلق أعذارا لأي نظام أو تنظيم قتل معتصمين سلميين أو قصف مدنيين أو مناطق مدنية أو لم يقطع كل علاقاته بالإرهابيين الصهاينة وبالنظام الأمريكي الذي يدعمهم ويرعاهم. لكن في الواقع هناك كثيرون ممن يقفون ضد حزب الله مدعين أنهم يفعلون ذلك لأنه يدعم النظام السوري ويقتل سوريين رغم أنهم يمدحون نظاما قصف مناطق سورية مدنية وقتل سوريين وما زال يتعاون مع النظامين الإيراني والروسي اللذين يدعمان النظام السوري نفسه.
انسان وده يعيش في سلام
الأحد، 08-09-2019 04:02 م
انا ضد الحرب لان ايش ذنب شعب من كل جهه ودنا نعيش بسلام يكفي حرب ليش انتو بتاخذو القرار عنا اذا ودنا نعيش في حرب لا ما بتاخذو راينا لان شعب هو بيطحن عليه صاوريخ مو انتو شعب هو لي بموت مو انتو انتو بس بتاخذو القرار احنا ودنا نعيش زي باقي دول العالم بسلام ودنا ننام بسلام ونصحا بسلام ونروح على شغل بسلام ونرجع على البيت بسلام مو نخاف انا ضد الحرب مو ضد فلان وفلان هذا تعليقي وشكرا ليكو اذا بتقرو تعليقي واخير راح ودنا نعيش بسلام مو حرب ارحمونا شوي من طمعكو
رائد علام
الأحد، 08-09-2019 03:12 م
للاسف غالبيتنا منقسمة الى فئتين الاولى مع ضرب امريكا واسرائيل لايران وحزب الله والثانية على قناعة تامة بان الجميع حلفاء وما يحدث هو مسرحية من اجل حلب اموال بعض دول المنطقة. هذا هو التيه !!!