اقتصاد دولي

بشراء توتال لأصول أناداركو.. هل سيطرت فرنسا على نفط الجزائر؟

كشفت "أناداركو" عن إتمام صفقة بيع أصولها إلى شركة أوكسيدنتال بتروليوم في العالم- الأناضول
كشفت "أناداركو" عن إتمام صفقة بيع أصولها إلى شركة أوكسيدنتال بتروليوم في العالم- الأناضول

بعد إعلان الشركة البترولية الأمريكية "أناداركو" رسميا بيع أصولها في الجزائر، تثار مخاوف من سيطرة العملاق الفرنسي "توتال" على قطاع النفط الحساس في البلاد، مع ما يمثله ذلك من خطر تعاظم النفوذ الفرنسي.


بعد مفاوضات طويلة، كشفت "أناداركو" أخيرا على عبر موقعها على الانترنت عن إتمام صفقة بيع أصولها إلى شركة أوكسيدنتال بتروليوم في العالم، ما يعني التمهيد لتحويل أصولها في الجزائر إلى توتال الفرنسية.


وكانت أوكسيدنتال بتروليوم، قد وافقت على بيع أصول أناداركو في الجزائر وغانا وموزمبيق وجنوب أفريقيا إلى توتال مقابل 8.8 مليارات دولار، إذا نجحت الشركة النفطية الأمريكية في تنفيذ خطتها للاستحواذ على أناداركو.


ومثّل هذا الخبر صدمة للكثيرين في الجزائر، كون وزير الطاقة محمد عرقاب كان نفى منذ فترة أي نية للجزائر في ترك توتال الفرنسية تستحوذ على أصول أناداركو، لكن السلطات الجزائرية بدت مُتجاوزة في هذه العملية.


وكتب السياسي الجزائري رشيد نكاز الذي يقود منذ مدة حملة ضد هذه الصفقة، على صفحته على فيسبوك، بأن توتال تسرق مستقبل الجزائر وبأن البلاد بعد استحواذ توتال على أصول أناداركو ستكون في خطر.


واتهم نكاز المثير للجدل، المسؤولين الجزائريين بخيانة الشعب والشهداء، بعد أن فرطوا في سيادة الجزائر في مجال نفط، مشيرا إلى أن توتال بعد الصفقة أصبحت تستحوذ رسميا على 50 بالمائة من النفط الجزائري.

 

اقرأ أيضا: شركات عملاقة تشارك في أول مجمع بتروكيميائي في الجزائر

الصفقة بالأرقام


لكن هناك من المختصين من لا يشاطرون نكاز تهويله من قضية استحواذ توتال لأسهم أناداركوا ويعتبرون أن الحملة التي يقودها لديها أغراض سياسية تستغل الشعور المعادي لفرنسا في الجزائر ولا تستند إلى أرقام صحيحة.


وذكر حفيظ صواليلي رئيس القسم الاقتصادي في جريدة "الخبر" الجزائرية، بأن أصول أناداركو في الجزائر متركزة في حوض بركين البترولي ولا تتجاوز نسبة 24.5% منه، وهي بذلك ليست بالمعتبرة في عرف النشاط البترولي.


وأوضح صواليلي في حديثه مع "عربي21" أن أناداركو تنشط في الكتلتين النفطيتين 404 و208 بمساهمة تقدر بـ 24.5% في حوض بركين المشكل من حقول حقول حاسي بركين وأورھود والمرك، علما أن توتال الفرنسية تمتلك حصة بـ 12.25 %.


وتابع المتحدث: "ومن ثم فإن دمج الحصتين للشركة الفرنسية ستمنحها حصة بـ 36.75 % من هذا الحوض فقط وليس من كامل الإنتاج الجزائري المقدر بـ1 مليون برميل يوميا كما يشاع".


بالمقابل، يضيف صواليلي، تمتلك سوناطراك الأغلبية بـ 51 % في حوض بركين، وستبقى مسيطرة على أغلبية الحصص مع باقي الشركات الموجودة على مستوى الحوض مثل سيبسا الإسبانية وبيرتامينا الأندونيسية وتاليسمان الكندية.


حق الشفعة


وتمتلك الجزائر من الناحية القانونية حق الاعتراض على بيع أصول شركة أناداركو إلى توتال فيما يعرف بـ"حق الشفعة" الذي في حال تطبيقه يمكن للجزائر أن تشتري هي أصول الشركة الأمريكية بدل الشركة الفرنسية.


ويفترض أن تُراسل أناداركو وزارة الطاقة الجزائرية التي عليها أن تبت في إمكانية الاعتراض وفرض حق الشفعة أو السماح بالتنازل وانتقال الأصول مع الإبقاء على كافة الالتزامات التي تقوم بها الشركة المتنازل لها عن الأصول.


ويرى الخبير المالي فرحات آيت علي أن تطبيق حق الشفعة سيعود بالخسارة على الجزائر، إذا ما تم تقييم أصول أناداركو بنحو 3 أو 4 مليارات دولار في حين أن عقد استغلالها بالجزائر يمتد فقط إلى 2022 بعائد متوقع إلى هذه المدة لا يمكنه أن يتجاوز 1.5 مليار دولار.


وأبرز آيت علي في حديثه مع "عربي21" أن مشكلة تطبيق "حق الشفعة" تكمن في أن هذه الصفقة معقدة وليست مباشرة، إذ أن أكسيدونتال بتروليوم التي استحوذت على أناداركو ستبيع أصول هذه الأخيرة في كل إفريقيا إلى شركة توتال، ما يعني أن استثناء أصولها في الجزائر من الصفقة سيؤدي بتوتال إلى تخفيض قيمة العرض، وهو ما سيؤدي بها في حال تطبيق حق الشفعة إلى طلب تعويضات كبيرة من الجزائر تفوق ما تحققه أصولها من عوائد خلال سنوات الاستغلال المتبقية.

 

اقرأ أيضا: الجزائر تأمل برفع سعر النفط إلى 80 دولارا للبرميل

وتابع آيت علي، بأن هناك تهويلا في قصة استحواذ توتال على أصول أناداركو بالجزائر، لأسباب سياسية في حين أن المنطق الاقتصادي يشير إلى أن هذه الشركة سيبقى إنتاجها في حدود 80 ألف برميل يوميا وهو رقم مهمل بالنسبة إلى إنتاج البلاد المقدر بـ1 مليون برميل يوميا.


تنويع الشركاء


لكن مع ذلك، تبقى هذه الصفقة عصية على الهضم في الجزائر، نظرا لحساسية قطاع النفط في الجزائر الذي يمثل 98% من صادرات البلاد ويشكل حوالي 70% من مداخيلها الجبائية.


ويعتقد سعيد بغول الخبير النفطي، أن المشكل ليس في استحواذ توتال على أسهم أناداركو، بقدر ما هو في الخطة التوسعية التي تنتهجها الشركة الفرنسية منذ سنوات وهو ما يشكل تهديدا للسيادة الجزائرية على مواردها.


وذكر بغول في مساهمة مطولة له نشرها على حسابه على فيسبوك، بأن من مصلحة الجزائر أن تنوع من شركائها خاصة في قطاع النفط ولا تقصرهم على شركات محدودة، حتى تتجنب أي مساومة مستقبلية.


وتنشط توتال في الجزائر في مجال تكرير النفط والبتروكيمياء وإنتاج الغاز الطبيعي وتعمل على تطوير حقول في البحر كما تبحث عقد صفقات لإنتاج الغاز الصخري بالبلاد.

التعليقات (0)