كتاب عربي 21

حصيلة مئة يوم من الحرب على طرابلس

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

مئة يوم مرت على الهجوم على طرابلس، والخسائر فادحة، والغرور والصلف والإصرار على المضي فيها أعظم من خسائرها وأكبر من نتائجها الخطيرة.


إنها مئة يوم من حمام الدم وزهق الأرواح وترويع الآمنين وتدمير الأملاك العامة والخاصة، وهي مئة يوم من عبث الدول الإقليمية الداعمة للعدوان وهزال الأمم المتحدة والأطراف الدولية التي لم تفعل شيئا يذكر لوقف الحرب وردع المعتدي.


وهي علاوة على ما سبق، مائة يوم من تزييف وعي الناس بخطاب مضلل من قبل النخبة الداعمة للحرب، والتي نزل بعضها إلى مستوى يرفع عنها صفة الوعي ويحشرها في فئة المطبّلين والمزمّرين للحاكم المستبد.

 

وهي أيضا مئة يوم من الصمود والتضحية من قبل المدافعين عن العاصمة من شتى مدن ليبيا، وهو صمود يستحق التقدير والإجلال.


نتائج كارثية لدوافع واهية


وأعود لأذكّر من ألقى السمع وهو شهيد، أو من انساق خلف خطاب تبرير الحرب تحت ثقله الإعيائي، من أن دوافع الحرب تدخل ضمن حملة التضليل وأن الحرب تكشف أنها مبررات زائفة، فالحديث عن عودة هيبة الدولة لا يمكن أن يقع في ظل استمرار القتل والدمار والاستنجاد بالأجنبي والدفع بالمرتزقة في جبهاتها.


والحديث عن حفظ المال الليبي المنهوب من قبل المليشيات صار لا قيمة له والحرب تستنزف موارد البلاد بشكل كبير وتخنق الاقتصاد وتطيل عمر الأزمة، فيتفشى الفساد وتسنح الفرص لنهب المال الليبي في الخارج.


وهل قدم لنا المشير نموذجا في النزاهة والشفافية والمسؤولية في إدارة الأموال الهائلة التي تحصل عليها من خزانة الحكومة المؤقتة في الشرق أو تلك التي وصلته من الداعمين الإقليميين، ليصبح الحديث عن التصدي للفساد في العاصمة مقنعا؟!


وأما ذريعة محاربة الإرهاب، فليس هناك صورة أبشع من إرهاب الحروب، ولقد كشفت الوقائع والأحداث في الحروب التي قادها حفتر كيف أن الإرهاب والجرائم ضد الإنسانية سلوك ثابت ونهج موجه، والشواهد بالصوت والصورة بالعشرات.


لقد مثلت جريمة قصف مركز إيواء المهاجرين غير النظاميين في منطقة تاجوراء أكبر دليل على وحشية الحرب وعلى الإرهاب الحقيقي، فمن يقدم على مثل هذه الأعمال لا يمكن أن يكون أمينا على الأرواح وخصما للإرهاب والإرهابيين.


الحرب مشتعلة والانحدار مستمر


وعودة إلى نتائج الحرب. أقول: لقد قسمت الحرب المقسم وجزأت المجزأ وعززت الولوع بالحرب والقتل، وزادت من انتشار السلاح وعظمت من القطيعة بين الليبيين وفاقمت الصدع الاجتماعي.


فلقد صار لنا برلمانان بالإضافة إلى المجلس الأعلى للدولة، وتدفق السلاح بشكل كبير من جهة الداعمين لحفتر ولصالح حكومة الوفاق التي تشرف على صد العدوان، وارتفعت وتيرة التدخل الخارجي حتى صار المشهد أقرب إلى حرب الوكالة، وانحدر النزاع إلى مستويات خطيرة ليصل إلى القاعدة الاجتماعية ويكون محركه الجهوية في أبغض صورها.

 

أما النخبة فهي كانت ولا تزال المتفننة في تأجيج النزاع والتصعيد ضد الآخر الخصم بأقبح الأساليب، وتفتح كل يوم للمستويات الدنيا من المجتمع مساحات جديدة للنزاع وتقحمها في أتون الكراهية والرغبة في الانتقام بطرقها لمواضيع تأجج النزاع وتستدعي التاريخ استدعاء هداما.


لماذا تستمر الحرب وكيف السبيل لوقفها 


سألني مقدم في برنامج حواري: لماذا تستمر الحرب برغم نتائجها المفزعة؟ فكان ردي أن حفتر مولع بالقتال ولديه هوس بفكرة الوصول للحكم بقوة السلاح وعلى ركام الجثث وغبار الحروب ودمارها، ولأنه يجد من يمده بالعنصر البشري داخليا وبالمال اللازم والسلاح المطلوب من الخارج فلماذا لا يستجيب لنزوعه وهوسه؟!


لقد ثبت أن حفتر ينتهج العنف كوسيلة لإخضاع الجميع لسلطانه، وكان غسان سلامة دقيقا في وصف هذه الخاصية في حفتر في إذاعة إنتروا الفرنسية، وحتى عندما تلوح فرصة حلحلة النزاع سلميا يحرك حفتر أدواته لتقويض السلم والتمهيد للحرب، وبالتالي فإن الخيار الصحيح للجمه هو كسر شوكته، ودون ذلك لا أتصور أن فرصة للسلم والتوافق ممكنة.

التعليقات (3)
نجيب فرحات
الأحد، 14-07-2019 09:59 م
اكبر من الصلف وتهورالخبل عندمايصل الانسان الى خريف العمر و اردله فيموت الرجال والنساء والأطفال في سبيل السلطة هكذا هم الرعاع لا يحترمون الخالق وتظهر عليهم لعنة الملائكة ولعنات الله وحتى إبليس يضل يداري وجهه ويقول عليكم لعنة الله .
شعب عمر المختار
السبت، 13-07-2019 10:42 م
قتل الشعب، قصف تاجوراء ، صواريخ جافلين و..و دليل على أن الغرب هو الإرهاب بعينه تنتهي الحرب يوم نثق بأنفسنا يوم نعمل كرجل واحد يوم ندرك أن الغرب أقل من الصفر و نخرجه من أي معادلة
صادق عارف
السبت، 13-07-2019 05:18 م
أسوأ يوم في تاريخ ليبيا الحديث هو الأول من سبتمبر عام 1969 عندما وصلت طغمة العسكر إلى الحكم و كانت تضم حفتر إلى جانب القذافي . هؤلاء العسكر قاموا بتخريب البلاد و قتل العباد و قمعوا الشعب في داخل ليبيا و في خارجها و منعوا ليبيا أن تتقدم و بددوا و نهبوا ثرواتها. زوال القذافي لم ينهي القصة ، فلقد أتى حفتر من الخارج ليكمل المهة في تدمير ليبيا. حسبنا الله و نعم الوكيل في كل من يريد تخريب بلاد العرب بدعم أعداء الأمة.