حقوق وحريات

القمة الثلاثية الأمنية في إسرائيل.. دوافع وتداعيات

الاجتماع ضم ثلاثة مستشارين للأمن القومي؛ الأمريكي جون بولتون، والروسي نيكولاي بتروشوف، والإسرائيلي مئير بن شبات
الاجتماع ضم ثلاثة مستشارين للأمن القومي؛ الأمريكي جون بولتون، والروسي نيكولاي بتروشوف، والإسرائيلي مئير بن شبات

سلط مركز أبحاث إسرائيلي، في تقدير استراتيجي له، الضوء على أهمية القمة الأمنية الثلاثية التي عقدت، الاثنين، في مدينة القدس المحتلة، بين "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.


وشارك في القمة الأمنية ثلاثة مستشارين للأمن القومي؛ الأمريكي جون بولتون، والروسي نيكولاي بتروشوف، والإسرائيلي مئير بن شبات.


وأكد "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده تسفي ميغن، أن عقد مثل هذه القمة "يعدّ إنجازا لسياسة إسرائيل التي تتلمس الطريق بين مصالح موسكو وواشنطن، وتثبت نفسها كعنصر في الحوار بين الدول العظمى، فيمت يخص مستقبل سوريا والتدخل الإيراني".


أما من جهة واشنطن وموسكو، "فهي خطوة في إطار الجهود لتعزيز الحوار، وتركيزه على المسائل الخلافية"، منوها بأن "اختيار الملعب الإسرائيلي لعقد اللقاء جاء لوجود مصلحة  لأمريكا وروسيا في إظهار الدعم لإسرائيل، سواء في السياق السوري أو الإيراني".


وتابع: "مجرد عقد اللقاء يرفع مكانة إسرائيل واحتمال أن تستطيع التأثير على اتفاق مستقبلي في سوريا".


وفي نشرته شبه الدورية بعنوان "نظرة عليا"، لفت المركز إلى أنه من الناحية الإسرائيلية، "هناك مصلحة أن تشارك إسرائيل في النقاشات، وهذا يجعلها تأخذ على مسؤوليتها مخاطرة معينة، لأنه سيتم التوصل إلى تفاهمات بخصوص تسوية سياسية، وتثبيت الاستقرار في سوريا، من دون أن يتم إعطاء رد على المصالح الإسرائيلية".


ونوه بأن "مضمون اللقاء استثنائي، لم يتم نشره بعد، لكن يتبين من وسائل الإعلام أن هدفه هو البحث في تسوية في سوريا، وبلورة سياسة مشتركة، ولكن في مقابل تعزيز الحوار بين موسكو وواشنطن، سيكون لهذا اللقاء أهمية سياسية؛ لأنه سيتناول مسائل دولية توجد على أجندة المشاركين".


ولفت أن واشنطن "ستعمل على تحقيق تسوية في سوريا على أساس مضمون المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة، خلافا للاتصالات التي تجري في أستانا، التي تشارك فيها روسيا وإيران وتركيا"، موضحا أن "روسيا ستطلب موافقة أمريكا على المكانة الرسمية لبشار الأسد، كي يستطيع التنافس في الانتخابات القادمة".


وعلى خلفية اشتداد الأزمة بين طهران وواشنطن، ذكر المركز أن "هناك توقعا أمريكيا لدعم روسي لسياستها في الشأن الإيراني، لإعادة إيران للمفاوضات، والتوصل لتقليص نفوذ إيران في سوريا والشرق الأوسط".


كما "يجب عدم استبعاد الانعطافة في السياسة الروسية في المنطقة، التي تظهر في التقارب مع إسرائيل والتعاون المتزايد معها بعد فترة من الجمود"، بحسب التقدير الذي أشار إلى أن "التوتر المتزايد، سواء مع إيران أو الأسد، ينبع بالأساس من جهود التقارب مع واشنطن، وهذا اللقاء هو تعبير آخر عن ذلك".


ورأى أن "التقارب بين واشنطن وموسكو تم التعبير عنه في الاتصالات المستمرة التي جرت مؤخرا بين شخصيات رفيعة المستوى من الطرفين"، منوها بأنه رغم اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، "ما زال من السابق لأوانه تقدير حجم نجاح هذه العملية، بسبب الضغط الداخلي الذي يستخدم على الرؤساء للامتناع عن تبني بادرات حسن نية لتحسين العلاقات".


ونبه إلى أن إدارة ترامب "معنية في الوقت الحالي بمحاولة زيادة استعداد روسيا لمناقشة إخراج القوات الإيرانية من سوريا عبر التعاون مع إسرائيل"، لافتا إلى أن "لروسيا مصلحة في تحسين العلاقة مع واشنطن، والتوصل إلى إنهاء الأزمة السورية، وكذلك هناك توق روسي لتحسين العلاقات مع أوروبا، على أمل رفع العقوبات التي فرضت عليها في أعقاب الأزمة في أوكرانيا".


ونبه "مركز بحوث الأمن القومي"، إلى أنه "ليس من الواضح هل الطموح الأمريكي لبلورة تفاهمات مع روسيا سيتم تجسيده حقا، مع العلم أن روسيا وايران هما شريكان في إدارة الحرب بسوريا مع الأسد"، لافتا إلى أن "الفجوة تتسع بالتدرج بين مواقف موسكو وطهران بشأن مستقبل سوريا".


وقدر أن "نية روسيا تغيير مضمون التعاون مع إيران، والتقرب من الغرب وإسرائيل، تمت بلورتها قبل نحو سنة، وهذا ما يمكن ملاحظته في الاقتراحات الروسية على أمريكا وإسرائيل لإزاحة ايران من سوريا التي طرحت في قمة هلسنكي 2018".


وعلى ما يبدو، بحسب المركز، فإن "خطة روسيا بالتقرب من أمريكا تواجهها معارضة جهات روسية ذات تأثير، ومع ذلك نجح بوتين مؤخرا في دفعها قدما رغم المعارضة، ولكن من المبكر التقدير مدى جدية القيادة في روسيا بشأن الخطة".


أما بالنسبة لعلاقة روسيا بـ"إسرائيل"، فقد "برز مؤخرا جهد من جانب القيادة الروسية لتحسين العلاقات مع تل أبيب، على خلفية ظهور معارضة بروسيا تطالب بتغيير سياسة روسيا في الشرق الأوسط"، مبينا أن "الأزمة اشتعلت عقب إسقاط طائرة التجسس الروسية في سوريا عام 2018، وانتهت في 2019، حيث اقترحت روسيا على إسرائيل إنشاء اطار جديد للتعاون في التسوية في سوريا وإخراج القوات الأجنبية".


وأفاد بأن "هذه الخطوة تهدف للمساعدة في دفع تفاهمات موسكو وواشنطن قدما، وكان لإسرائيل دور حقيقي في تعزيز الحوار مع واشنطن؛ لهذا حظيت إسرائيل باعتراف روسيا بالجميل"، مرجحا أن "تدفع روسيا قدما بخروج القوات الأمريكية من سوريا، وستطلب أن يتم تنسيق الخروج مع موسكو؛ لتمكينها من الاستعداد لملء الفراغ".


وخلص المركر إلى أن "إلقاء الثلاثي هو مرحلة أخرى في استئناف الحوار بين أمريكا وروسيا، والذي يهدف للدفع قدما بالمواضيع الحيوية للأطراف في النظام الدولي"، مؤكدة سعي اللقاء إلى "بلورة سياسة مشتركة حول سوريا ونفوذ إيران هناك".


وبشأن سوريا، "سيتركز النقاش حول استقرار الدولة والتسوية السياسية فيها، رغم أن هناك شكا إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للدفع مقابل التعاون من جهة روسيا بعملة الاعتراف بنظام الأسد أو المشاركة في تمويل إعادة إعمار سوريا".


وأشار إلى أن "روسيا ستحاول تحقيق شرعية لاستمرار حكم الأسد في سوريا، وأنه لا بديل له، لذلك توصى إسرائيل بأن تطلب مقابل الاعتراف بحكم الأسد تعزيز قناة اتصال عسكرية مع النظام السوري؛ لتنسيق التوقعات، ومنع حدوث سوء فهم، والتأكد من أن النظام يمنع انتشار عناصر إيرانية في الجولان، ومنع التصعيد بسبب تقييمات خاطئة بالنسبة لنوايا ونشاطات الطرف الثاني".

0
التعليقات (0)