كتب

الإسلام السياسي من الخلافة إلى الدولة.. قراءة تاريخية

وجهة نظر غربية في التاريخ السياسي للإسلام  (عربي21)
وجهة نظر غربية في التاريخ السياسي للإسلام (عربي21)

الكتاب: الصليبية والجهاد- حرب الألف سنة بين العالم الإسلامي وعالم الشمال
الكاتب: ويليام بولك، ترجمة د. عامر شيخوني، مراجعة د. عامر يحيى الفَرَجِي
الناشر: الدار العربية للعلوم- ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى، أيار/مايو 2019،
(582 صفحة من القطع الكبير).

لم يتردد رجال القبائل كثيراً بل اختاروا السلامة وأصبحوا مسلمين، إلا أنهم لم يصبحوا "مؤمنين"، ويبدو أنهم اعتبروا علاقتهم بالجماعة المسلمة علاقة شخصية وولاءً للنبي محمد "فارتدوا على أعقابهم" بعد وفاته. 

حروب الردة والفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين 

أصبحت الدولة المحمدية مهددة بالزوال كسراب في هجير الصحراء. فأدرك أقرب الأوفياء من الصحابة لسيدنا محمد "صلى الله وعليه وسلم" أن عليهم التصرف بسرعة فاجتمعوا في ما يبدو أنه كان اجتماعاً سريعاً وقرروا أن يجعلوا واحداً منهم "متابعاً" وهو المعنى الأساسي لكلمة "خليفة" أو "أميراً للمؤمنين" واختاروا الرجل الذي كان يؤم الناس في الصلاة أحياناً، الرجل الذي يقف أمام الناس في الصلاة (الإمام). كان الإمام الجديد أبو بكرالصديق وهو والد زوجة النبي محمد، ولم يتمتع بأية صلة خاصة بالله، بل كانت وظيفته تسيير أمور المجتمع، فأصبح ما يسميه رجال أعمال هذه الأيام الرئيس التنفيذي. كان عليه أن يتابع تنفيذ الأوامر والشرائع التي نقلها الرسول محمد عن الله، ولم يكن دوره أن يبتكر أو يصلح، بل أن يطبق ما كان قد تم تبليغه وإعلانه.

يقول الكاتب ويليام بولك في هذا الصدد: "كانت أولى مهام أبي بكر أن يستعيد رجال القبائل الذين ارتدوا، ولكي يحقق ذلك أطلق في شبه الجزيرة العربية حرباً لم تعرف مثل شدتها، وبحكمة بالغة تابع ما كان محمد قد أسسه من قبل، فقد وجه طاقات ورغبات رجال القبائل نحو أكثر ما يحبه البدو تقليدياً، الغزو، فاتجهوا نحو الشمال عبر صحراء النفود ضد ولاية سوريا التابعة للإمبراطورية البيزنطية، ونحو مناطق دجلة والفرات التابعة للإمبراطورية الساسانية الإيرانية". 

وأضاف: "كان من النتائج غير المقصودة لهذه السياسة في تغيير اتجاه اهتمام القبائل أنها أطلقت بوادر الفتوحات الكبيرة التي أوصلت المسلمين المحاربين إلى أطراف الصين وأواسط فرنسا، وما كان في بدايته حرباً قبلية استمر كمبدأ أساسي في السياسة الخارجية للدولة الإسلامية على مدى القرنين التاليين، وأنشأ إمبراطوريتها الواسعة التي امتدت في أفريقيا وآسيا، كتب المؤرخ الكبير ابن خلدون فيما بعد عن المسلمين الأوائل أنهم: استداروا بوجوههم نحو اتجاه واحد ما أوقف صراعاتهم وانقساماتهم مؤقتاً على الأقل"، (ص 43 من الكتاب).

 

 

كانت أولى مهام أبو بكر أن يستعيد رجال القبائل الذين ارتدوا، ولكي يحقق ذلك أطلق في شبه الجزيرة العربية حرباً لم تعرف مثل شدتها، وبحكمة بالغة تابع ما كان محمد قد أسسه من قبل


لم تستمر "إمامة" أبي بكر للدولة المسلمة الفتية أكثر من سنتين، إلا أنه أبدع خلالها تغييراً ثورياً على نطاق واسع، وقد كانت مهامه هائلة وصعبة في تنظيم وحكم الإمبراطورية الفتية وتوزيع غنائم الفتح والمحافظة على جيوش القبائل بحيث لا تتمزق الإمبراطورية ومتابعة نشر وتنفيذ أوامر الله كما أعلنها الرسول محمد في الوقت نفسه. وعندما توفي كان قد بدأ في تحقيق ذلك، إلا أن مبدأ "الخليفة" كان قد ثبت، وأصبح من السهل تعيين فرد آخر من الدائرة المقربة من الرسول محمد، وكان عمر هو الخليفة الثاني. 

كان عمر بمنزلة نائب الخليفة في عهد الخليفة أبيو بكر الصديق، وأحكم سيطرته على أرجاء المجتمع الفتي النامي وأعطى صورة موحدة متصالحة.

امتدت الدولة الإسلامية شرقاً عبر إيران إلى أفغانستان، وغرباً على طول البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي، وخلق امتدادها وتقدمها تحديات كبيرة وفرصاً عظيمة. فبالنسبة للمؤمنين كانت المحافظة على تماسك المجتمع باتباع الرسالة التي بلغها محمد تحدياً كبيراً، فقد كانوا نوعاً مهدداً بالانقراض والزوال. وبعد عقد واحد من وفاة محمد توفي كثيرون من عصبته" (ص 43).

 

 

مقتل عثمان وقصة علي ومعاوية

 

فتح مقتل عثمان نافذة جديدة في الدولة الإسلامية، فعلى الرغم من كونها قوية في الخارج، إلا أنها كانت ضعيفة في مركزها، ويبدو أن كل من استطاعوا الخروج قد فعلوا ذلك، ولم يكن هنالك أي حرس أو شرطة في المدينة. استطاعت العصبة الصغيرة التي قتلت عثمان البقاء في منزله عدة أيام قبل أن يتم طردهم، ولم يفعل أصحاب عثمان أي شيء لإنقاذه، ولا حتى منافسُهُ المفترض علي، الذي كان أكبر من بقي على قيد الحياة من أقارب الرسول محمد.

يقول الكاتب ويليام بولك، في معرض تحليله لبداية الصراع بين علي ومعاوية: "لام أقارب عثمان علياً بسبب مقتل قريبهم وطالبوا بالثأر، خاصة معاوية، الرجل الذ منحه عثمان الولاية القوية المهمة في منطقة شرق المتوسط. كان معاوية في موقف قوي ومعه جيش قبلي متمركز حول دمشق، بينما كان علي يعيش في المدينة التي كانت قد ضعفت كثيراً ولم يكن تحت تصرفه أي قوات قبلية، وزاد الأمر سوءاً اتهام بعض المؤمنين الأصليين علياً بالتواطؤ في الجريمة، إلا أن مؤهلاته للخلافة لم تكن موضع شك: فقد كان صهر محمد ووالد حفيدين من أحفاده، الحسن والحسين. 

 

 

اجتمع شمل المجتمع الإسلامي من جديد سنة 661 في الخلافة الأموية التي كانت في الحقيقة امبراطورية مدنية تحت حكم معاوية


تم إعلان علي خليفة على الرغم من الاعتراضات. وكان عليه أن يغادر المدينة هو أيضاً لكي يقوي موقفه، وبما أن معاوية كان مسيطراً على سوريا، فقد اتجه علي إلى العراق لكي يجمع جيشاً من رجال القبائل العربية الذين هاجروا إلى تلك المناطق قبل ذلك بعشرين سنة، كان هؤلاء الرجال قد تغيروا كثيراً في حياتهم الجديدة، ولم يكن لدى علي ما يقدمه لهم، فلم يتمكن من كسب ولائهم ولا من إخضاع معارضيه. بعد سنتين من خلافته المضطربة قتلته ضربة قاتل مثلما قتل عثمان" (ص 48).

وهكذا انتهت الفترة التي يعتبرها المسلمون عصر الخلفاء "الراشدين" الأربعة، تشكل هذه الفترة، بالإضافة إلى العقد الذي حكم فيه الرسول محمد في المدينة، فترة الأربعين سنة من الإسلام الشرعي التي يسعى الإسلاميون الأصوليون المعاصرون لاسترجاعها هذه الأيام.

فاجتمع شمل المجتمع الإسلامي من جديد سنة 661 في الخلافة الأموية التي كانت في الحقيقة امبراطورية مدنية تحت حكم معاوية المدافع عن ثأر عثمان، امتدت الخلافة إلى أعظم توسعها في ظل المؤيدين من حدود الصين إلى أواسط فرنسا، إلا أن ذلك النجاح نفسه أدى كذلك إلى الثورة التي ستُمزق الإسلام تمزيقاً لم يتوحد بعده أبداً.

المجتمع المدني في عهد الدولة الأموية

بدأ في العصر الأموي بالظهور ما يمكن تسميته بالمجتمع المدني، وذلك لتبلور دولة "الملك السياسي" بوجه خاص، التي أعاد معاوية تأسيسها تأسيساً جديداً بعد حروب الردة أولاً، ثم حروب الفتوحات الكبرى ثانياً، وتبلور ظاهرة التنوع والتعدد في المجتمع العربي الإسلامي مع ما رافقتها من بدء الخلافات الفقهية، وبدأ" التأويل" ثالثاً، ولتبلور الحقل السياسي، أو المجال السياسي بوجه عام. 

يقول الدكتور الجابري بهذا الصدد: "إذا نحن نظرنا إلى الدولة بوصفها ظاهرة سياسية أولاً وقبل كل شيء، فأننا سنجد أن ملك معاوية كان فعلاً دولة السياسة في الإسلام، الدولة التي ستكون النموذج الذي بقي سائداً إلى اليوم. ونحن عندما  نصف ملك معاوية بأنه دولة السياسة، فإننا لا نقصد بذلك تلك المظاهر التي عرف بها سلوك معاوية، من الدهاء والحلم والقدرة على المفاوضة، وما يعرف بـ "شعرة معاوية" فإنّ هذه المظاهر، على أهميتها وإيجابيتها من الناحية السياسية، تبقى مما ينتمي إلى السلوك الشخصي، وليس إلى بنية الدولة. إنّنا نقصد بذلك أن معاوية قد أوجد بالفعل من خلال سلوكه الشخصي كسياسي محنك، وبفعل التطورات الاجتماعية التي حصلت في عهده ما يعبر عنه علماء الاجتماع والسياسة اليوم بـِ "المجال السياسي". والحقل السياسي، أو المجال السياسي، يشمل الدولة باعتبارها تعبيراً  سياسياً وحقوقياً عن علاقات الانتاج، ويشمل السلطة والمعارضة في آن معاً، ويشمل كذلك سائر التيارات السياسية والاتجاهات الفكرية التي تغذيها.

 

 

 

يقول الجابري: إذا نحن نظرنا إلى الدولة بوصفها ظاهرة سياسية أولاً وقبل كل شيء، فأننا سنجد أن ملك معاوية كان فعلاً دولة السياسة في الإسل 

 

     
   
 
 
هذا التبلور مؤشر على تبلور حقول أو مجالات المجتمع المدني الأخرى القاعدية إذا صح التعبير، المجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي، أو لنقل المجال الاقتصادي ـ الاجتماعي، والمجال الثقافي، والمجال الأيديولوجي، وان كنا نسقط هذا المفهوم على الحياة الفكرية في ذلك الزمان، وأخيراً المجال السياسي.


إن طابع العلاقة بين هذه المجالات أو الحقول، هو الذي يحدد سمات المجتمع المدني. ويمكن القول أن المجال السياسي" (ونحن هنا نستعير هذ المفهوم من الفكر السياسي الغربي، حيث أن المجال السياسي ظهر مع نشوء النظام الراسمالي، وانجاز الثورة الديمقراطية البراجوازية، وانقسام المجتمع إلى بنيتين، بنية فوقية قوامها أجهزة الدولة،، ومؤسساتها والأيديولوجيات المرتبطة بها، وبنية تحتية تمثل القاعدة الاقتصادية التي تشكل الصناعة عمودها الفقري)، باعتباره النتاج الأعلى للحقول الأخرى، هو الذي يحدد طابع المجتمع، وهو الذي تتركز فيه سائر المجالات الأخرى، وهو يبدو للوهلة الأولى مجرداً من ملامحه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بمعنى آخر أن السياسي هو الاقتصادي وقد ضمر فيه طابعه  الطبقي المباشر، وأصبح أكثر تجريداً وغموضاً. 

ولما كان للحقل السياسي أو المجال السياسي هذه الأهمية، بات من الضروري أن نفرز هذا في هذا الحقل، مجال الدولة، ومجال السلطة، ومجال المعارضة. فالمجتمع المدني لايحقق توازنه واتساقه إلا بتوازن هذه المجالات واتساقها، كذلك من المهم أن نتساءل عن طبيعة الدولة الأموية بدلالة العلاقة بين السلطة والمعارضة.

صحيح أن دولة معاوية تمثل نقلة نوعية لجهة أنه انبثق فيها مجال خاص تمارس فيه السياسة كسياسة، ومشروعه السياسي كان يدفع بالمجتمع نحو التقدم، إلا أن بنى المجتمع وطابع الصراعات الاجتماعية والسياسية كانت تفرض عليه التوسل بالعلاقات القبلية، والنزاعات ما بين القبائل لتحقيق ضرب من التوازن السياسي يضمن توطيد حكمه. فقد استقوى مثلاً بقبائل الجنوب ليعوض أو يتلافى انفضاض بعض قبائل الشمال عن حكمه، واصطفافها خلف المعارضة السياسية. 

لقد تغير الوضع تماماً مع الدولة الأموية. وكان انتصار معاوية على علي يمثل، حسب تعبيره، انتصارا  لـ"أهل  الجزاء.. والغناء" في الأعمال والوظائف "على أهل الاجتهاد، والجهل بها". وباصطلاحنا الخاص لقد  انتصرت "القبيلة" على"العقيدة". في القمة انتصر مروان بن الحكم على عمار بن ياسر (بوصفهما رمزين) وفي القاعدة انتصرت "قريش" على"السبئية". وهكذا حكم معاوية باسم "القبيلة" وليس باسم "العقيدة" فانفصل في شخصه "الأمير عن العالم"، وامتد ذلك إلى أجهزة الدولة فصار "الامراء" فريقاً و"العلماء " فريقاً أخر. 

هذا في القمة، اما القاعدة التي كانت تؤطرها القبيلة "فقد انقسمت زمن الفتنة إلى معسكرين: معسكر قريش، ومعسكر "العرب" (من اليمن وربيعة) وعلى رأسه علي، وبينهما أفراد وجماعات قررت اعتزال الفتنة. وبانتصار معاوية صارت القبائل التي قاتلت معه وانضمت اليه هي وحدها "الجند" وقد بلغ تعدادها ستين الفا، أما المجموعات التي قاتلت ضده، فقد أصبحت هي والتي كانت متمردة أو معتزلة، أصبحت "رعية" وهكذا انقسمت القاعدة بدورها إلى جند ورعيو.

انهيار الدولة الأموية وانتصار الثورة العباسية 

بدأت الثورة في المشرق حوالي سنة 740م، وانطلقت من خراسان لتنتشر عبر العراق وسوريا، وانخرط فيها متعصبون من أمم كثيرة ساروا تحت راية سوداء، تم تجنيدهم وقيادتهم من طرف رجل غامض اسمه "أبو مسلم" الخراساني، لا يُعْرَفُ شيء موثوق عنه، لا عن أصله ولا لغته ولا اسمه الحقيقي، إلا أنه كان دون أي شك أحد أهم الثوريين الاستثنائيين في التاريخ، فقد انطلق للقضاء على الخلافة الأموية.

 

 

يبدو لي أن نمط المذهب الشيعي موروث من الزرادشتية، وأن "ترجمة" هذه الديانة إلى الإسلام قد احتاجت إلى مئات السنين



يرى الكاتب ويليام بولك، أن المذهب الآخر في الإسلام، وهو المذهب الشيعي، قد تأثر بالديانة التقليدية الإيرانية: زرادَشت: "ربما كانت معارفنا عن زَارَدَشت أقل من بقية شخصيات الأديان العالمية، فلا يعرف  أحدٌ كثيرًا عن شخصيته، إلا أن الدين الذي أعلنه منذ حوالي 1000 سنة قبل الميلاد أثَّر بعمق على اليهودية والمسيحية. فقد وعظ بوجود إله واحد خلق السماء والأرض، والخير والشر، والحقيقة والبهتان، وأن حياتنا الدنيا ستنتهي بيوم القيامة عندما سيظهر مسيحٌ لكي يبعث الموتى ويحكم بين الناس ويمنح الصالحين حياة خالدة. تنبأ زرادشت بظهور رجل يشبه درويش الصوفيين، وسيد للمعرفة، وعلماء ومشايخ... وأعلن أن الله قد وضع قانوناً لتنظيم المجتمع مثلما توجد "الشريعة" في الإسلام، كانت الزرادشتية شديدة العاطفية كما مارسها الإيرانيون إذ ينخرط العباد في أداء تمثيلية انفعالية يصورون فيها دراما الفشل الإنساني ويكفرون خلالها عن ذنوبهم. يظهر ذلك فيما بعد في طقوس المذهب الشيعي حيث يتم التركيز على سلالة الرجل الذي يُنسب إليه الإلهام بالمذهب الشيعي، وهو الخليفة عليّ"(ص 50 من الكتاب).

باختصار، يبدو لي أن نمط المذهب الشيعي موروث من الزرادشتية، وأن "ترجمة" هذه الديانة إلى الإسلام قد احتاجت إلى مئات السنين، إلا أن الطريق كان قد بدأت في 748 أو 749 ، بعد حوالي 116 أو 117 سنة من وفاة محمد عندما بدأ أبو مسلم مسيرته للقضاء على الخلافة الأموية.

ويضيف الكاتب قوله: "استمد المتمردون قوتهم ليس من سلاحهم أو من تنظيمهم، بل من حَمِيَّة ِإيمانهم ودعايتهم الأُخْرَوِيَة، وذلك بما يشبه جيش الدولة الإسلامية (داعش) هذه الأيام، استطاع أبو مسلم أن يقنع المتذمرين من سكان سوريا والعراق آنذاك أنه قد تَسَلَّطَ عليهم واستغلهم نظام لا يخاف الله، وأنّ الثورة ضرورة شرعية، لم تكن لديه وسائل اتصالات وإعلام جماهيرية، ولكن يبدو أنّه كان يُرْسِلُ من يَنْشُرُ الإشاعات قبل وصول رجاله. كان أبو مسلم ماهراً في تحركاته، وكان لا يختار القتال إلا في معارك صغيرة كان يعلم أنّه يستطيع الانتصار فيها، مثل بعض الثوار الذين أتوا بعده، واستطاع إقناع الناس بأنّ انتصاره على النظام الأموي القوي يدل على الموافقة الإلهية المقدسة. وقد طبق أبو بكر البغدادي في الدولة الإسلامية (داعش) مثل هذه الأساليب هذه الأيام. قاد كل انتصار إلى الذي بَعْدَه، فانضم أتباعٌ من كافة أرجاء العالم الإسلامي تحت لوائه الأسود. وخلال أقل من سنة واحدة استطاع جيشه غير المتناسق القليل العدة والعتاد أن يقضي على الخلافة الأموية"(ص 50).

انطلقت بعد ذلك حركات كان لها آثار عميقة ممتدة حتى أيامنا هذه، إلا أنه في تلك الفترة يبدو أن الحركة الثورية قد انْتَثَرَتْ وتم "اختطافها" من قبل فرع آخر من عائلة الرسول محمد، أعدموا زعيمها أبو مسلم فوراً، وتخلّوا عن رسالته الثورية. ظهر الأمر وكأن اتباع أبو مسلم قد هُزِمُوا، إلا أن ذلك لم يكن صحيحاً وتاماً، ولم يتم القضاء على رسالتهم الدينية، فالقضاء على الأفكار أصعب من القضاء على الأشخاص. فاتجهت الأنظار كلياً نحو المنتصرين الذين اعلنوا أنهم هم أنصار السنة الصحيحة، ونصبوا خليفة جديدًا باسمالعباس، وكان أجداد هم من قريش.

 

إقرأ أيضا: ظهور الإسلام وقيام الدولة المحمدية.. معطيات تاريخية

 

التعليقات (4)
Lalalala
الإثنين، 07-12-2020 03:23 م
شكرا كنت احتاج هذا لبحث
م عبدالله
السبت، 24-08-2019 05:08 م
اول تعبير في الكتاب ان القبائل اختارت السلامة فاسامت ولم تؤمن فيه قدح في اسلام أوائل المسلمين يدل ذلك علي عدم معرفة بطبيعة العرب حيث ان قريش قاومت الإسلام بشراسة أما من اسلم في تلك الأيام كان صادقا الا بعض عرب بالأطراف البعيد والتي ارتد عند موت النبى أوائل المسلمين كان إيمانهم صادقا قويا دفعهم في وقت وجيز إخضاع الروم والفرس لا يمكن تحقيق ذلك بجيش لا يمتلك إيمانا قويا هذه كتابات اهل الغرب هذه الأيام لتفسير تاريخنا بطريقتهم ليدخلوا الشك في نفوسنا لنتخلي عن ديننا رغم ما مر بتاريخ الدول الإسلامية من ما يعتبره البعض من أخطاء فقد سارت الأمور في الدولة بقوة إيمان الرعية ورغم عدم اقتناع الكثيرين لخلافة معاوية الا أن إيمان الرعية وطاعتهم لولي الأمر حقق نتائج مذهلة وانتصارات باهرة ورغم مخالفة البعض لمعاوية الا أن معاوية من الصحابة ومن كتاب الوحي ولذا كان النصر علي يديه عملا متوقعا لا يمكن إرجاع أصول المبدأ الشيعي اديانات أخري فهو مبدأ اسلامي صرف نشأ نتيجة محبة بعض المسلمين لال النبي ونظرتهم أنهم أحق بالخلافة مثل هذه الكتب تريد إشعال الفتن بين المسلمين والتي يعمل أهل الغرب لاشعالها يوميا حتي يجعلونا نحارب بعضنا كما فعلوا في السابق بين ايران والعراق علينا ان لا يخدعنا الغربيين مهما كتبوا فهم أغراضهم باتت مكشوفة والله غالب والأيام يتجلى لنا الامر
إعادة كتابة التاريخ الإسلامي
الإثنين، 24-06-2019 08:11 م
كل الوقائع المذكورة في هذا الكتاب صحيحة، تاريخنا الإسلامي مكتوب بعبارات وجمل مقدسة غير قابلة للدراسة والنقد البناء، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الوحيد نتعاطى معه كما أمرنا ربنا الله،الصلاة على رسول الله الحبيب المصطفى، أما ما بعده منذ الخلافة الراشدة إلى سقوط الخلافة الإسلامية فكتب التاريخ الإسلامي كما كتبت السيرة النبوية العطرة، وهذا قتل لتطبيق الدين والعقل البناء الصحيح.
ابو باسل
الإثنين، 24-06-2019 02:12 م
هذا الكتاب مليئ بالاغلاط والتزييف
الأكثر قراءة اليوم