حقوق وحريات

كيف تصل الإضرابات بالسجون المصرية لمعركة الأمعاء الخاوية؟

سياسة الأمعاء الخاوية حققت نجاحا داخل السجون المصرية في بعض الحالات لكنها تحتاج لصبر- جيتي
سياسة الأمعاء الخاوية حققت نجاحا داخل السجون المصرية في بعض الحالات لكنها تحتاج لصبر- جيتي

تشهد عدد من السجون المصرية تزايدا في حالات الإضراب عن الطعام، ردا على الممارسات القمعية التي تقوم بها السلطات المصرية تجاه المعارضين السياسيين، والتي تتمثل في منع الزيارة عن مئات المعتقلين لمدد تجاوزت العامين والثلاثة، بالإضافة للظروف المعيشية الصعبة داخل السجون، وطول فترات الحبس وفبركة القضايا.


وحسب المختصين الذين تحدثوا لـ "عربي21" فإن سجون المحكوم والعقرب بمجمع سجون طرة (جنوب القاهرة)، وسجن وادي النطرون، وبرج العرب (غرب القاهرة)، وسجن النساء بالقناطر الخيرية (وسط الدلتا)، تشهد عشرات الإضرابات اليومية، كان آخرها إضراب المعتقلين على ذمة عدد من القضايا بسجن المحكوم.


وعلمت "عربي 21" أن 50 معتقلا سياسيا، مسجونين على ذمة القضايا 451 لسنة 2014 أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميا بكتائب حلوان، والقضية رقم 900 لسنة 2017، والقضية رقم 316 لسنة 2017، أعلنوا إضرابا تصاعديا عن الطعام في سجن المحكوم، بدءا من الثلاثاء 21 آيار/ مايو الجاري، بسبب منع الزيارة عنهم، لمدد تتراوح بين العامين والثلاثة.


ووفق المعلومات التي حصلت عليها "عربي21"، فإن معتقلين على ذمة 7 قضايا أخرى، سوف يلحقون بإضراب معتقلي القضايا الثلاثة، بالإضافة للمعتقلين على ذمة قضية محاولة اغتيال النائب العام المساعد وعددهم 300 معتقل، بسبب المنع الكامل من الزيارة منذ اعتقالهم في 2017.


وأكدت مصادر قانونية، متتابعة لهذه القضايا، أن المعتقلين الخمسين أخطروا إدارة السجن بأنهم ممتنعون عن استلام "تعيين السجن" كخطوة أولى، ثم يتبعها الامتناع الكامل عن الطعام والاكتفاء بالمياه، إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم التي يأتي في مقدمتها السماح لذويهم بزيارتهم، وفقا للوائح مصلحة السجون، والحقوق الأخرى للسجناء الموجودة في القوانين المصرية والمواثيق الدولية.

 

اقرأ أيضا: وفاة 762 معتقلا في سجون مصر منذ الانقلاب

السلاح الوحيد


وفي تعليقه على تزايد حالات الإضراب بالسجون المصرية يؤكد الحقوقي ورئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة مختار العشري لـ "عربي21"، أن الإضراب هو السلاح الوحيد الذي يملكه المعتقل، لمواجهة التعنت والإجرام الذي تمارسه سلطات الإنقلاب العسكري ضد المعتقلين السياسيين، وهو الإجرام الذي يصل لحد القتل البطيء المتعمد، كما هو الوضع مع قيادات الإخوان والجماعات الأخرى، بسجن العقرب منذ قرابة أربعة أعوام متصلة.


ويضيف العشري أن سياسة الأمعاء الخاوية حققت نجاحا داخل السجون المصرية في بعض الحالات، ولكنها تحتاج لصبر من المعتقلين، وتحتاح كذلك لدعم حقوقي وإعلامي، حتى يتحقق الهدف منها، وتقوم إدارات السجون بالاستجابة لمطالب المعتقلين.


ويشير الخبير الحقوقي إلى أن المعتقل السياسي له قواعد يجب أن يتم مراعاتها في احتجازه، لأنه في النهاية لم يرتكب جريمة في حق المجتمع، وإنما تم سجنه لوجود خلاف سياسي مع النظام الحاكم، ولكن الوضع في مصر مغاير، حيث يعتمد نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، على تصفية المعتقل وقتله معنويا وجسديا، بمختلف الأشكال.

 

اقرأ أيضا: هكذا تضامن مصريون مع المعتقلين في موجة الحر والصيام

نماذج سابقة


ويرصد الباحث القانوني عادل زكريا لـ"عربي21" أبرز الإضرابات التي شهدتها السجون المصرية خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن إضراب معتقلي سجن العقرب خلال الفترة من تموز/ يوليو 2015، وحتى آذار/ مارس 2016، كان الأبرز، رغم أنه لم يكن في البداية إضرابا تم الاتفاق عليه بين كل المعتقلين، إلا أن الضغوط التي عاشها المعتقلون دفعتهم للإضراب بشكل فردي، ليتحول الإضراب بعد ذلك لشكل جماعي.


ويوضح زكريا أن إدارة السجن استجابت لمطالب المعتقلين في النهاية، وقامت بفتح الزيارة وتحسين خدمات السجن، ولكن الأوضاع عادت مرة أخرى لطبيعتها، ليعود معه الإضراب ولكن بشكل أقل، نتيجة أن معظم معتقلي العقرب من كبار السن وأصحاب الأمراض الخطيرة، ولكن ذلك لم يمنع إضراب شخصيات مثل عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية السابق، الشيخ مصطفى حمزة من قيادات الجماعة الإسلامية، وعصام حشيش الأستاذ بهندسة القاهرة، وهم جميعا من الذين تخطوا الستين بسنوات.


وحسب الباحث القانوني فإن أشهر إضراب كان لمحمد صلاح سلطان، الذي أجبر السلطات المصرية في النهاية لتسليمه إلى الولايات المتحدة، بعد تنازله عن الجنسية المصرية، رغم العقوبة التي كانت مفروضة عليه وهي السجن 25 عاما، بالإضافة لإضراب الشيخ عبد الرحمن بن لطفي القيادي بحزب الاستقلال، والذي توفي متأثرا بالإضراب بعد رفض السلطات المصرية علاجه وإطلاق سراحه.


ويضيف زكريا، أن آخر إضراب حقق نجاحا كان للناشطة السياسية نرمين فتحي، التي بدأت إضرابها 14 آيار/مايو الجاري، وبعد الإضراب بخمسة أيام أصدرت النيابة العامة قرارا بإطلاق سراحها ضمن مجموعة السفير السابق معصوم مرزوق.


ويوضح زكريا أن السجون لا تنظمها قواعد قانونية أو لوائح يمكن من خلالها محاسبة المسؤول إذا تجاوز حدوده، فهي لوائح مطاطة وتحتمل الكثير من التأويلات، ما يجعل تنظيم معيشة المعتقلين في النهاية يخضع للأوضاع السياسية الخارجية، ولأمزجة الضباط المسؤولين بالسجون، وبالتالي فإن الإضراب بمختلف درجاته يمكن أن يكون في وقت من الأوقات حلا، لوقف هذه التجاوزات.

التعليقات (0)