صحافة دولية

صحيفة فرنسية: هكذا تلعب باريس دور "الحارس الغربي لحفتر"

كانت خطة الإليزيه تتمثل في فرش السجاد الأحمر من جديد لحفتر وتأنيبه قليلا في الوقت نفسه- جيتي
كانت خطة الإليزيه تتمثل في فرش السجاد الأحمر من جديد لحفتر وتأنيبه قليلا في الوقت نفسه- جيتي

نشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية حوارا مع الباحث في معهد كلينجندل والمختص في الشأن المغاربي، جليل الهرشاوي، الذي تحدث عن الوضع الليبي والدور الفرنسي المزدوج.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في الرابع من شهر نيسان/ أبريل، شن المشير خليفة حفتر هجوما مفاجئا على العاصمة الليبية طرابلس، وقد أسفر القتال في ضواحيها عن مقتل أكثر من 500 شخص.

 

وتابعت: "في الأثناء، دُعي رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية فايز السراج، المحاصر من قبل قوات حفتر، إلى باريس من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الثامن من أيار/ مايو".

وأردفت: "في نهاية اجتماع يوم الأربعاء، لاحظ الإليزيه المأزق بين رغبة المجتمع الدولي في وقف الأعمال القتالية ورؤية المارشال حفتر".

 

وحسب الباحث في المعهد الهولندي كلينجندل، جليل الهرشاوي، فإنه "لن يتم الوفاء بشروط وقف إطلاق النار"، ناهيك عن غياب الأطراف التي "يمكن التفاوض معها"، نظرا لأن الحكومة الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة "تغزوها الميليشيات".

 

اقرأ أيضا: سياسي ليبي: هذه أسباب فشل هجوم طرابلس (شاهد)

وفي إجابته عن سؤال الصحيفة عما إذا كان حفتر يستطيع الفوز في معركة طرابلس، أكد المحلل أنه "كان لدى المشير خطة أ، التي تتمثل أساسا في تركيز وجوده في العاصمة في غضون 24 أو 48 ساعة. كما أن تعيين التابعين له في مناصب في وسط المدينة كان من شأنه أن يعطيه هالة حول السفارات ويمكّنه من السيطرة على المؤسسات، بما في ذلك البنك المركزي والشركة الوطنية للبترول... وهذا من شأنه أن يسمح له بعكس الوضع من خلال التظاهر كسلطة شرعية بأنه يتم الاعتداء عليه من الخارج".

ونقلت الصحيفة عن الهرشاوي أن حفتر كان يتفاوض مع مدن أو مجتمعات جنوب طرابلس لتمهيد الطريق للوصول إلى مركز العاصمة. لكن صبره قد نفذ في النهاية، وفضل الخيار العسكري. في المقابل، تمكن المشير من زعزعة تماسك خصومه. كما كانت قوات طرابلس حذرة من بعضها البعض أو يبدو أنها كانت تكن العداوة لبعضها البعض، قبل الهجوم.

وأضاف جليل الهرشاوي أن حفتر كان لديه أيضا خطة ب، فهو يعلم أنه حتى في حال خيبة الأمل العسكرية، فإن العديد من مؤيديه الأجانب في مصر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وروسيا وفرنسا لن يتخلوا عنه أبدا من خلال الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي الذي يقدمونه. ويسعى حفتر إلى تثبيت روتين حرب يمكن أن يستمر لسنوات، والذي يبدو أنه لا مفر منه. وبفضل رعاته الأجانب، سيتمكن حفتر من تمويل جهده الحربي.

وأكد الهرشاوي أن حفتر لا يمكن أن يختفي تماما من شمال غرب ليبيا، لأن جزءا من جيشه ينحدر من صبراتة ورشفانة وترهونة وغريان وهي في الأساس المدن التي كانت تدين بالولاء للقذافي وانضمت جزئيا إلى معسكره. ومع ذلك، لا يزال هناك تهديدان خطيران يؤثران على الجزء الأكبر من قواته الأخرى. ويتمثل التهديد الأول في أن قطع خطوط الإمدادات قد يؤدي إلى انهيار كتائبه من الشرق. وإذا عانى جيش حفتر مرة أخرى من انتكاسات مماثلة، أو حتى إهانة عسكرية، فإنه يمكن للقبائل الشرقية أن تنأى بنفسها عن معسكره.

أما الخطر الثاني فيكمن في شن الهجوم المضاد من قبل خصومه بعيدا عن طرابلس، في منطقة الهلال النفطي أو في الجنوب. وسيؤدي فقدان المواقع الاستراتيجية إلى الإضرار بمكانته. ومن جهة أخرى، يسيطر حفتر على الأراضي من خلال الاعتماد على المجتمعات المحلية، التي بدورها يمكن أن تنقلب عليه مرة أخرى لأن التحالفات في ليبيا متقلبة.

 

وفي سؤال الصحيفة عن سبب استقبال ماكرون لخليفة حفتر، رد الهرشاوي أن الرئيس الفرنسي أراد ضرب عصفورين بحجر واحد. فقد كانت خطة الإليزيه تتمثل في فرش السجاد الأحمر من جديد لحفتر، وتأنيبه قليلا في الوقت نفسه طالبين منه وقف إطلاق النار. وهكذا برزت باريس كحكَم وصانعة سلام.

 

اقرأ أيضا: مواجهات بمحيط طرابلس والوفاق تعيد التعاون الأمني مع باريس

وأشار الهرشاوي إلى أن حفتر كان سيحصل على هدية لطيفة من خلال إمكانية وقف إطلاق النار للحفاظ على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بالقوة في جميع أنحاء طرابلس. في المقابل، لم يقبل المارشال بالعرض في اليوم ذاته، لكنه غير رأيه لأن جيشه لم يحرز أي تقدم يذكر منذ فترة. وبناء على هذه الأسس الموضوعية، لا يوجد تغيير في العقيدة والموقف الفرنسي في ليبيا. كما لم يتم التشكيك في أسس السياسة الموالية لحفتر.

وأوردت الصحيفة، نقلا عن الهرشاوي، أنه كان هناك في وقت ما دعم لوجستي واستراتيجي وإعلامي في إطار مكافحة الإرهاب، الذي أشرف عليه جان إيف لو دريان وهو مستمر منذ سنة 2015. وأضاف الباحث أن الدعم الفرنسي كان عسكريا دون أن يكون هناك أي قوات قتالية فرنسية في ليبيا. لكن المساعدات الأكثر أهمية كانت ذات طبيعة دبلوماسية.

وفي اجتماع لاسيل سان كلو في تموز/ يوليو 2017، انتقل حفتر من أمير حرب إلى شريك سلام، على حد تعبير جليل الهرشاوي. وفي شهر نيسان/ أبريل الماضي، كانت باريس هي التي حالت دون إدانة الاتحاد الأوروبي للهجوم الذي شنه حفتر. ويعني ذلك أن فرنسا باتت تلعب دور الملاك الحارس الغربي للمشير.

ونقلت الصحيفة عن الباحث جليل الهرشاوي أن هذا التوافق الدبلوماسي المؤيد لحفتر هو نتاج سنوات من الجهود التي تبذلها الإمارات والسعودية ومصر. كما قدم ترامب تشجيعه لليبيا بشكل مفاجئ، حتى لو كان البنتاغون ووزارة الخارجية متشككين إلى حد ما في هذه البادرة.

 

ومن جهتها، لم تنكر موسكو أبدا دعمها للمشير. وفي الوقت الذي تنشغل فيه الجزائر بثورتها، والمملكة المتحدة بخروجها من الاتحاد الأوروبي، وتتأرجح إيطاليا تحت تأثير سالفيني، حافظت قطر وتركيا لوحدهما على معارضتهما الشرسة لما يحدث في ليبيا.

التعليقات (0)