صحافة دولية

FP: لهذا على ترامب ألا يدع خطة كوشنير للسلام ترى النور

فورين بوليسي: خطة جاريد كوشنير للسلام يجب ألا ترى النور- جيتي
فورين بوليسي: خطة جاريد كوشنير للسلام يجب ألا ترى النور- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للمدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، روبرت ساتلوف، يقول فيه إن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألا يدع خطة جاريد كوشنير ترى النور.

ويقول ساتلوف في قاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الفرز النهائي لأصوات الغائبين لم يتم بعد في الانتخابات الإسرائيلية، لكن النتائج إلى الآن تظهر أن بنيامين نتنياهو في طريقه إلى تجميع أكثرية قدرها 61 مقعدا، التي يحتاجها لتشكيل حكومة ائتلاف، وإن حصل هذا فإنها ستكون الدورة الرئاسية الخامسة لرئيس الوزراء. 

 

ويبين الكاتب أنه "إذا قام نتنياهو بتشكيل الحكومة، فإن الانتباه سيتحول إلى خطة إدارة ترامب للسلام في الشرق الأوسط التي طال انتظارها، ولأن الخطة الأمريكية تمت بناء على استشارات مع نتنياهو فمن المفترض أن العثرة الوحيدة أمام هذه الخطة كانت هزيمة نتنياهو وفوز شخص آخر يحمل أفكارا أخرى حول العلاقة مع الفلسطينيين، وما يبدو من فوز لنتنياهو يعي أن عرض البيت الأبيض للخطة قد يكون قريبا، وهذا سيكون كارثة".

 

ويقول ساتلوف: "سيكون خطأ فادحا إن قام الرئيس دونالد ترامب بأخذ المقترحات، التي لا تزال سرية، والتي أنتجها زوج ابنته جاريد كوشنير وزملاؤه، وأن يصدرها باسم أمريكا".

 

ويرى الكاتب أن "المشكلة هي ليست ببساطة أن الظروف جاهزة للفشل بسبب الهوة العميقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بالإضافة إلى عدم إمكانية إدارة ترامب أن تكون صديقة لإسرائيل وتؤدي دور الوسيط الأمين للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فهناك احتمال كبير بأن تتسبب خطة كوشنير بالتأثير سلبا على المصالح الأمريكية في ثلاث نواح مهمة: قد تؤدي إلى ضم الضفة الغربية، وقد تعطي الحكومة السعودية قوة ضغط على أمريكا لا تملكها الآن، بالإضافة إلى أنها ستتسبب بالانشغال عن إنجاز ترامب الذي يفتخر به بخصوص العقوبات على إيران".

 

ويجد ساتلوف أن "الإعلان عن خطة كوشنير قد يؤدي إلى سلسلة من الأحداث تؤدي إلى قرار من نتنياهو أن يضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي خطوة أحجمت عنها أكثر الحكومات الإسرائيلية محافظة وأكثرها قومية على مدى الخمسين عاما الماضية، والضم أو ما يسميه الإسرائيليون (توسيع القانون المدني الإسرائيلي إلى الأراضي الواقعة تحت الحكم العسكري)، موجود على أجندة أحزاب داخلة في ائتلاف نتنياهو، بالإضافة إلى أن غالبية حزب الليكود الذي يقوده تؤيد فكرة الضم".

 

ويشير الكاتب إلى أنه "في الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية، قام نتنياهو بالمصادقة على فكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية؛ لضمان عدم خسارة أصوات الليكود لأحزاب أكثر يمينية، ومع أن ذلك كان تحركا مثيرا للجدل في آخر لحظة، إلا أن فوز الليكود يثبت أنه كان تحركا ذكيا، لكن نتنياهو بذكائه سيفضل إبقاء الوضع القائم على سوئه في الضفة الغربية، حيث تقوم إسرائيل بالسيطرة على الأمن في كامل الضفة الغربية، ودعم المستوطنات، مع الإبقاء على الاحتمال البسيط في التوصل إلى حل دبلوماسي مع السلطة الفلسطينية في رام الله".

 

ويقول ساتلوف: "هذا هو الوضع الصعب، حيث العلاقة السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية متوترة، لكن التعاون الأمني الفعال أثبت أن الوضع مرن، ومع أن لم يؤد إلى صفقة سلام، إلا أنه أبقى على السلطة الفلسطينية بصفتها كيانا حاكما يعمل بشكل جيد بالمقاييس الإقليمية، وحمى الضفة الغربية من أن تصبح منصة لإطلاق الصواريخ والهجمات الإرهابية ضد إسرائيل".

 

ويؤكد الكاتب أن "حقيقة أن الوضع الإسرائيلي الفلسطيني الراهن استطاع أن يستمر، بالرغم من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإغلاق القنصلية الأمريكية المنفصلة التي كانت تخدم الفلسطينيين بشكل رئيسي، وتخفيض المساعدات الأمريكية للضفة الغربية، وإغلاق مكاتب المنظمة -وجميعها تبدو عقوبات للفلسطينيين- إنما هي دليل على متانته".

 

ويستدرك ساتلوف بأن "هذا البيت الكرتوني، الذي يبدو أن بقاءه ممكنا، قد يتحطم إن رفض عباس خطة كوشنير وهو ما أشار إليه مرارا، وبدورهم سيستغل اليمينيون الإسرائيليون رفض عباس للقول بأنه ليس لدى إسرائيل شريك سلام، فيقضون على أي منطق لإبقاء الوضع الراهن".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "السياسيين اليمينيين سيحتجون أنه في ظل غياب الشريك فإنه يجب على إسرائيل أن تمد سيادتها إلى المناطق الرئيسية في الضفة الغربية (أي تضمها)، كما فعلت قبل 38 عاما مع مرتفعات الجولان، وسيشيرون إلى أن قرار ترامب الأخير للاعتراف بقانونية ضم الجولان على أنه إشارة قوية من البيت الأبيض بأنه يعطي الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية".

 

وينوه ساتلوف إلى أنه "لجذب هذه الأحزاب إلى ائتلافه، فإن نتنياهو قد يجد نفسه مضطرا للاستسلام لمطالبهم، خاصة إن جاءت مع محفزات على شكل دعم منهم لقانون يحمي رئيس الوزراء الجالس من المقاضاة الجنائية، وهو ما سيسمح له بالبقاء في منصبه بالرغم من مواجه تهم جنائية بالفساد".

 

ويرى الكاتب أنه "في اليوم الذي يلي إعلانه عن خطته لسلام الشرق الأوسط، فإن ترامب سيواجه مستنقعا من المشكلات التي لا يواجهها حاليا".

 

ويجد ساتلوف أن "ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية خارج اتفاق مع الفلسطينيين سيثير تهما من الدول العربية والأوروبية بأن إسرائيل انتهكت التزاماتها القانونية تحت قرارات الأمم المتحدة والاتفاقية الإسرائيلية الفلسطينية الموجودة، وقد تعاقب إسرائيل دوليا".

 

ويذهب الكاتب إلى أن "الضم سيكون بمثابة دق لناقوس وفاة التعاون الأمني الإسرائيلي الفلسطيني، وربما السلطة الفلسطينية ذاتها، ما يقدم لأعداء السلام كنزا دعائيا، وليس كنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، الذي كان قد وافق عليه الكونغرس لأكثر من عقدين، فإن ضم الضفة سيقسم الرأي الأمريكي عندما يتعلق الأمر بدعم إسرائيل، مؤثرا على شريحة من الطيف السياسي أكبر من الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي".

 

ويقول ساتلوف إنه "حتى لو قام كوشنير بحساب التداعيات السلبية لإقناع ترامب بإعلان خطة السلام، فقد يكسب باستخدام المنطق القائل بأن الحاجة إلى تغير دراماتيكي في الوضع الحالي ضرورية ليقنع الطرفين بإعادة مواقفهما التقليدية وفتح آفاق جديدة، وغالبا ما أنه يفترض بأن دولا عربية رئيسية -تقودها السعودية- مستعدة لمباركة خطته، وإعطائها دعما مهما لاضطرار عباس لعدم رفضها تماما".  

 

ويستدرك الكاتب بأن "هناك مشكلتين في هذا الافتراض؛ الأولى هي أن السعوديين لا يتوقعون المصادقة على الخطة دون موافقة شركاء إسرائيل في السلام، متمثلين في مصر والأردن، ففي الأسبوع الماضي فقط رفض الأردن عرضا أمريكيا للوساطة في قضية أصغر تتعلق بالمسجد الأقصى؛ لأنه يتهم واشنطن بالانحياز في المسائل المتعلقة بالقدس، بالإضافة إلى أن مصر تعد جزءا من الإجماع العربي الذي أعلن رفضه لقرار إدارة ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وهي خطوة ضيقت من مساحة المناورة لدى العرب لخطة سلام مستقبلية".

 

ويجد ساتلوف أنه "بالرغم من علاقة الصداقة بين ترامب وآل سعود، فإن كلا من الأردن ومصر أظهرتا قوة على مقاومة الضغوط السعودية للقيام بخطوات تعد مؤثرة على مصالحهما القومية، والمصادقة على خطة مرفوضة لدى الفلسطينيين ستعد تجاوزا كبيرا".

 

ويشير الكاتب إلى أن "المشكلة الثانية في سيناريو أن السعودية ستدعم الخطة، هي أن القيادة السعودية ليست غبية، فإن كان مستقبل خطة كوشنير في يد الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن ذلك سيعطيهما قوة ضغط على أمريكا، في وقت تواجه فيه العلاقات الأمريكية السعودية أسوأ توتر منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر".

 

ويبين ساتلوف أنه "من وجهة نظر الرياض، فإن الانتقاد القادم من الحزبين في أمريكا للسعودية -متجسدا في المحاولات المتتالية في الكونغرس للتصويت لشجب حرب الرياض في اليمن، واعتقال وقمع ناشطي حقوق الإنسان، واغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي- حتما يثير الحنق، ومع أن الرأي السائد في دوائر السياسة الأمريكية هو أن على ولي العهد أن يتحمل شيئا من المسؤولية للأفعال الشنيعة التي قام بها أناس يعملون تحت إمرته، فإن ورقة النفوذ الذي توفره خطة كوشنير ستجعل الرياض تقلب الطاولة على البيت الأبيض". 

 

ويقول الكاتب إنه "لن يكون مدهشا أن يطالب السعوديون ترامب بإصلاح مشكلتهم مع الكونغرس، وذلك ثمنا لدعم السعودية لخطة كوشنير".

 

ويعتقد ساتلوف أنه "بالإضافة إلى تحفيز تراجع في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والإسرائيلية الفلسطينية والأمريكية السعودية، فإن المضي قدما في خطة كوشنير سيشغل عن إنجاز الرئيس الخاص به في الشرق الأوسط: الأثر الفعال غير المتوقع لما يسمى حملة الضغط القصوى على إيران".

 

ويفيد الكاتب بأنه عندما انسحب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران، وفرض العقوبات ثانية عليها العام الماضي، فإنه كان هناك سبب جيد للتشكك، لكن الإدارة قطعت مشوارا جيدا في جهودها لفرض تكلفة على إيران لتصرفاتها المرفوضة، وإلى الآن اضطرت الحملة حوالي 20 مستوردا للنفط الإيراني للتوقف عن استيراده، مراكمة المشكلات الاقتصادية لإيران، وعندما ترى زعيم حزب الله، حسن نصر الله، يستجدي التبرعات من أتباعه، فإن ذلك مؤشر واضح على أن طهران بدأت تتأثر ماليا".

 

ويقول ساتلوف: "يجب على إدارة ترامب ألا تعطي إيران وحلفاءها المحليين انتصارا سياسيا من خلال إطلاق خطة سلام للشرق الأوسط غالبا ما تكون مرفوضة من الفلسطينيين، وستكون منتقدة حتى من حلفاء أمريكا لوقت طويل، إنه من غير المعقول أن تمنح الأب الروحي لإيران وشركاءه الإقليميين فرصة انقلاب دعائي، في وقت تنجح فيه حملة الضغط الأمريكية على إيران، وقد تجد طهران في ذلك فرصة لتجميع ما تستطيع من مال -بالتعاون مع المتعاطفين الإسلاميين في قطر وتركيا- لمساعدة حركتي حماس والجهاد الإسلامي؛ لاستغلال ضعف عباس ومحاولة السيطرة في الضفة الغربية".

 

ويرى الكاتب أن "نشر خطة السلام للشرق الأوسط في الظروف الحالية اقتراح سيئ جدا، فليس من السهل اقتراح سياسة أمريكية يمكنها أن تدق إسفينا في قلب العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، وتدمر السلطة الفلسطينية، ويمكنها أن تزيد العلاقات الأمريكية السعودية توترا، وتوفر دفعة قوية لملالي إيران، لكن هناك فرصة أمام خطة كوشنير للسلام أن تفعل هذا كله".

 

ويختم ساتلوف مقاله بالقول: إلى الآن فإن الخطة هي خطة كوشنير وليست خطة ترامب، ولأجل المصالح الأمريكية المهمة في الشرق الأوسط، فإنه يجب على الرئيس أن يضمن بقاءها هكذا". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)