سياسة عربية

باحث لبناني يسأل عن دور نصر الله ومن أي موقع يخاطبه كلبناني

صليبي: "نصر الله ليس مسؤولا هو عن تطبيق الدستور ولا عن الحفاظ على السيادة الوطنية"- جيتي
صليبي: "نصر الله ليس مسؤولا هو عن تطبيق الدستور ولا عن الحفاظ على السيادة الوطنية"- جيتي
نشر الباحث والناشط اللبناني غسان صليبي ما يشبه الرسالة إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله بعنوان "عندما أستمع كمواطن إلى السيد نصرالله". وجاءت الرسالة على هيئة مقال في صحيفة "النهار" البيروتية.

وقال صليبي: "لا يترك لك السيد حسن نصرالله الخيار، في ألا تخاطبه أو تحاوره. فعلى عكس المسؤولين؛ هو يخاطبك باستمرار، ليُعلمك بما حدث، أو ليشرح لك الموقف الذي اتخذه من دون مشورتك، أو ليحدد لك الوجهة التي يجب سلوكها في المستقبل".

ويضيف: "هو طبعا لا يخاطبك أنت وحدك، بل جمهوره أولا، السياسيين ثانيا، وأنت ومواطنيك الآخرين ثالثا".

ويرى صليبي أن "الجميع ينتظر ما سيقوله السيد نصرالله، لأن الاقتناع العام في البلد، والذي بلورته التجربة، هو أن الرجل وحزبه، باتا يتخذان القرارات الأساسية.. قد يكون هذا الاقتناع مبالغا فيه بعض الشيء، لكن الجميع يتصرف كأنه صحيح، وهذا هو الأهم في السياسة. ويشكل مسار تأليف الحكومة، بتعرجاته ونهايته، خير مثل جديد على ما أقول. قبله طبعا المخاض الطويل الذي أدى إلى انتخاب رئيس الجمهورية بقرار من حزب الله".

ويقول الباحث اللبناني: "الجميع ينتظر ما سيقوله السيد نصرالله لأن الآخرين صامتون. فقد سلّموا زمام الأمور المهمة إلى الرجل مقابل استمرارهم هُم في استباحة مقدرات الدولة وتوزيع الحصص والمغانم، فيما المواطن اللبناني يقبع في بيته مستسلما للأمر الواقع، ومنتظرا إشارة من السيد نصرالله، تعزز آماله أو تبددها".

المشكلة "الكبرى" برأي صليبي هي أن "شروط التواصل بينك وبين السيد نصرالله شبه معدومة، ليس لأن التواصل هو في اتجاه واحد. وليس أيضا لأن الرجل لا يتجول لاعتبارات أمنية، أو لأنه غير منخرط في العلاقات المهنية أو الاجتماعية في البلد، بل أيضا لأنك لا تعرف من أي موقع يخاطبك ولا بأي صفة يتوجه اليك".

ويتابع صليبي: "هل يخاطبك نصرالله بصفته أمينا عاما لحزب لبناني ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب؟ أم بصفته قائدا للمقاومة في بلدك، أم زعيما شيعيا لبنانيا، أم كما كان يقول هو: جنديا عند الولي الفقيه الإيراني؟ تختلط عليك الأمور، خصوصا أنه في خطبه، يتناول القضايا من مواقعه المختلفة".

ويقول صليبي: "أعرف أن المسألة بيننا ليست سوء تفاهم، بل وجود مرجعية مختلفة ينطلق منها كل منا.. السيد نصرالله ينطلق من ثلاثية "الشعب، الجيش والمقاومة".. ومشكلة هذه الثلاثية ليست فقط في أنها طرحت كمعادلة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، في حين أنه يجري تعميمها على قضايا أخرى.. مشكلتها أنها لا تصلح إلا إذا استندت أو طُبقت في إطار ثلاثية أخرى. أعني ثلاثية الوطن: أي الشعب، الدولة والحدود.. وفي غياب هذه الثلاثية الأم، تفقد الثلاثية الثانية معناها الأصلي، فمع ضعف الدولة وإلغاء الحدود مع سوريا، كما هو حاصل اليوم، يكاد يصبح الشعب بدون هوية، والجيش بدون مرجعية، والمقاومة بدون قضية".

لا تستطيع أي استراتيجية دفاعية وطنية إلا أن تسعى للتوفيق الصعب جدا بين الثلاثيتين. على أن تبقى ثلاثية الوطن الإطار العام الذي يحكم عمل الاستراتيجية. لكن هذه الأخيرة لا تستطيع بدورها تجاهل المعطى الأمني والسياسي والاجتماعي لـ"حزب الله"، لأن ذلك يكون من قبيل الوهم أو الهروب إلى الإمام.

ويقول صليبي: "الدستور هو الذي ينظم علاقتي بالمواطنين اللبنانيين الآخرين، ومن بينهم السيد نصرالله. فالدستور هو هويتنا المشتركة. وإذا كنت لم أختبر بعد علاقة المواطنية مع السيد نصرالله، إلا أني اختبرتها مباشرة مع إخوان له في "حزب الله"، ينشطون في المجال النقابي، وكنت ولا أزال مسرورا بنوعية العلاقة المبنية على الاحترام والتعاون. وأريد أن أستنبط من هذه التجربة الأمل بإمكان تطبيق المادة السابعة من الدستور مع حزب الله".

وتوقف صليبي عند ما قاله نصر الله في خطبته الأخيرة حين أعلن: "نحن سادة عند الولي الفقيه. ونحن حزب الله اللبناني لدينا قرارنا الحر". ويعلق قائلا: "قد يشكك البعض في كلام السيد نصرالله، واضعا إياه في ظروف الضغط على إيران. لكن الأكثر أهمية في كلامه هذا هو إصراره اليوم على إعلان استقلالية حزبه في حين كان يصر في السابق على اعتبار نفسه جنديا عند الولي الفقيه. وللأمر دلالاته".

وينتهي صليبي إلى القول: "لكن الأمين العام لـ"حزب الله" ليس مسؤولا هو عن تطبيق الدستور ولا عن الحفاظ على السيادة الوطنية. هذه المسؤولية تقع على المؤسسات الدستورية ورؤسائها الثلاثة الذين يُحجمون عن أي مبادرة جدية في هذا الاتجاه. رغم أن السيد نصر الله أكد حديثا استعداده لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، فلماذا لا يتجرأون؟".

 
التعليقات (0)