ملفات وتقارير

قمة بيروت الاقتصادية تفشل قبل انعقادها.. لماذا؟

توالت اعتذارات زعماء العرب عن المشاركة بعد أن سبق لهم وأكدوا حضورهم لأعمال القمة- جيتي
توالت اعتذارات زعماء العرب عن المشاركة بعد أن سبق لهم وأكدوا حضورهم لأعمال القمة- جيتي

يغيب القادة العرب عن المشاركة في القمة العربية الاقتصادية المنوي عقدها في بيروت الأحد المقبل، في دلالة على الموقف الرافض لما اعتبرته -دول عربية- هيمنة إيران على القرار اللبناني عبر حزب الله، تزامنا مع قيام عناصر من حركة أمل التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام بحرق العلم الليبي، واستبداله في أماكن عدة بعلم الحركة، ما دفع ليبيا إلى إلغاء مشاركتها في القمة.


وتوالت اعتذارات زعماء العرب عن المشاركة بعد أن سبق لهم وأكدوا حضورهم لأعمال القمة مكتفين بانتداب ممثلين لهم، فيما يحضر الرئيس الموريتاني في قاعة ستبدو شبه خالية من الزعماء.


وعلى الرغم من أنّ التعويل على القمة كبير لبنانيا للمساهمة العربية بنهوض الاقتصاد المترنح، وسط غياب الحكومة التي طال عمر تأليفها، فإنّ الانقسام بدا جليا رغم محاولة "الترطيب" التي يقودها فريق رئيس الجمهورية ميشال عون؛ لاحتواء السجالات الداخلية آملا في إنقاذ ماء الوجه الرسمي خلال فترة تواجد ممثلي الدول العربية.


الوصاية الإيرانية


ورأى القيادي السابق في قوى 14 آذار فارس سعيد أنّ لبنان لا يقود نفسه حاليا بل بات في العهدة الإيرانية، وقال في تصريحات لـ"عربي21": "نجح الفريق الموالي لها في لبنان بمنع قوى عربية من التواجد في بيروت العاصمة العربية العريقة في ظل عجز رسمي وصمت شعبي واقتصادي".


وشدد على أنّ "كل اللبنانيين معنيون بعقد القمة التي تجمع عادة كتلا اقتصادية مهمة، ما سيعطي لبنان دفعا وسط غياب اقتصاده وركوده"، موضحا أن "الخليج العربي هو المشغل الأول للبنانيين، كما أن ليبيا تعمل سنويا على شراء التفاح اللبناني".

 

اقرأ أيضا: "قمة بيروت" تستعد للانطلاق بحضور 3 رؤساء عرب فقط


وأشار إلى أن "الدول العربية تمنح لبنان بعدا اقتصاديا مهما، بينما تبدو الطبقة السياسية عاجزة عن الوقوف في وجه هذا الاتجاه السياسي الذي يمارسه فريق إيران في لبنان"، بحسب تعبيره.


وتساءل سعيد: "أين هو المجتمع اللبناني بكل مكوناته وأين هو القطاع المصرفي، ولماذا لم يرتفع صوت غرف التجارة والهيئات الاقتصادية، لا بل أين المرجعيات الروحية مما يحصل باستثناء البطريرك الماروني الذي أصرّ على الشرعية العربية؟".


واستكمل تساؤلاته: "هل بات لبنان بعهدة أشباح رجال ولا رجال يدافعون عن مصالح البلد مع العالم العربي، في الوقت الذي تُرفع الشعارات بأنّ بوابة لبنان هي الشام في تكرار لتجربة مماثلة عندما نُودي بأنّ المدخل لعروبة لبنان هو فلسطين في استغلال واضح وبهدف تحقيق الأهداف الإيرانية في المنطقة".


وصعّد من موقفه، قائلا: "بوابة العروبة هي لبنان فهو المنطلق لتحقيق استقلال العالم العربي برمته".


وعن أسباب عدم تأجيل القمة الاقتصادية العربية في ظل مستوى التمثيل العربي الهزيل، رأى أنّ الأمر "منوط بالقيادة اللبنانية ممثلة برئيس الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال، وما أُعبر عنه هو مجرد توصيف للنتائج وليس من شأني أن أقدم لهذه القيادة السياسية الفاشلة أي نصيحة، فهم يتحملون مسؤولية الاحتلال الإيراني لبلادنا"، على حد وصفه.


وعن تداعيات القمة بحضورها الضعيف على الوضع الاقتصادي، قال: "من المبكر الوقوف على النتائج والانعكاسات الكاملة على فشل لبنان في التعامل مع القمة التي يستضيفها، لكنه ومن الواضح أن العرب لن يستثمروا في بلدنا في حال تأكدوا بأنّ بيروت باتت عاصمة جديدة لإيران".


وتوقع أن "ينغمس لبنان أكثر تحت العباءة الإيرانية في المرحلة المقبلة بعد أن تمكن حزب الله من فرض سيطرته والاتيان برئيس جمهورية يُدين بالولاء له، وهذا ما سيدفع إلى عزلة عربية ستواجهها البلد في الفترة المقبلة كما أنه سيرتبط اقتصاديا مباشرة بإيران مما سيؤثر على قطاعاته المختلفة"، بحسب تقديره.


صراع المحورين


لكن الكاتب والمحلل السياسي جورج علم اعتبر أن "القمة العربية بمضمونها الاقتصادي الاجتماعي والتنموي هي فرصة أمام الرؤساء والملوك العرب، لإعادة إثبات الهوية العربية إزاء المشهد الإقليمي الدولي الذي جعل الشرق الأوسط فريسة لمحورين، الأول الإيراني والآخر الأميركي- الإسرائيلي".


وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنّ "غياب الزعماء العرب عن القمة هو بمثابة رمي للبنان باتجاه فك المحور الإيراني- السوري"، مرجحا أن يكون "امتناع القادة لا سيما في دول الخليج عن الحضور الى بيروت ناتج عن وحي إسرائيلي أو لاعتبارات أخرى".


ورأى أن "العالم العربي خسر هذه الفرصة في إعطاء البعد العربي للبنان المتواجد على نافذة البحر المتوسط "، معتبرا أن "رئيس الجمهورية ميشال عون دعا ومنذ انتخابه إلى التلاقي العربي، ولاحت هذه القمة كفرصة لتجسيد هذه الرؤية في الوقت الذي كانت الآمال اللبنانية معقودة عليها في أن تكون رافعة للاقتصاد العربي واللبناني بالتوازي".

 

اقرأ أيضا: جنبلاط يوضح من أفشل القمة الاقتصادية ببيروت.. ويتراجع (شاهد)


وأضاف أن "لبنان أراد أن يحظى بتعاطف عربي في قضية اللاجئين السوريين المتواجدين على أرضه رغم وجود خلاف عربي على هذا البند".


وحول الاستقبال الفاتر لبعض السياسيين البارزين اللبنانيين للقمة ووضع اشتراطات حول تمثيل بعض الدول العربية، قال علم: "بلدنا منقسم عاموديا بين محورين: الإيراني والذي يتمثل بحزب الله والكتلة الشيعية مع بعض رموز 8 آذار، بمقابل المحور الأمريكي السعودي الذي يتزعمه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري".


وأردف قائلا: "ليس هذا جديدا لكن اللافت كان التخاذل العربي، الذي عكسه الحضور العربي الخجول بدلا من حضور فعّال يدعم الجهة والمحور العربي".

التعليقات (0)

خبر عاجل