ملفات وتقارير

هل يشهد مؤتمر وارسو أول تطبيع علني بين الخليج وإسرائيل؟

تزايدت حالات التطبيع العربي مع إسرائيل بشكل غير مسبوق- جيتي
تزايدت حالات التطبيع العربي مع إسرائيل بشكل غير مسبوق- جيتي

دعا وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، خلال جولته الشرق أوسطية الحالية، دول الخليج العربي ومصر والأردن إلى حضور مؤتمر دولي يعقد منتصف الشهر المقبل في العاصمة البولندية وارسو مخصصة لمواجهة إيران، يعقد برعاية الولايات المتحدة وبمشاركة إسرائيل.


وكان بومبيو أعلن، الجمعة الماضية، أن بولندا ستستضيف يومي 13 و14 فبراير/ شباط المقبل مؤتمراً دولياً يركز مناقشة ضمان استقرار وأمن الشرق الأوسط، والتصدي للممارسات المخربة للنظام الإيراني، على حد قوله، مشيرا إلى أن وزراء خارجية مصر والأردن والمغرب ودول خليجية مثل السعودية والبحرين والإمارات مدعوون إلى هذه القمة المخصصة لتشكيل تحالف ضد إيران.

 

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، تلقيه دعوة للمشاركة في قمة وارسو، ورجحت القناة الإسرائيلية العاشرة حضور نتنياهو بنفسه، حيث يتولى منصب وزير الخارجية، وقالت إن جلوس نتنياهو على طاولة مستديرة مع مسؤولين عرب كبار يعد دليلا واضحا على التقارب المتواصل بين تل أبيب ومحيطها العربي.

 

وتزامنت هذه الدعوة مع تزايد حالات التطبيع العربي مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، وتعالي بعض الأصوات في دول الخليج المطالبة بإنهاء المقاطعة العربية للدولة العبرية.


إيران غاضبة

 

وأثارت هذه القمة غضب إيران، حيث ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، الأحد الماضي، أن طهران استدعت القائم بالأعمال البولندي "ويتشخ أونلت"؛ للاحتجاج على استضافة بلاده للمؤتمر.

 

وقال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، إن دعوة الولايات المتحدة لهذا المؤتمر تدل علي العجز، مضيفا أن رعاية واشنطن لمؤتمر ضد إيران تعني فشل سياسة العقوبات الأقسى في التاريخ، وأن بلاده أصبحت أقوى مما سبق.

 

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وصف المؤتمر في تغريدة على تويتر بأنه تعبير عن اليأس السياسي، مضيفا أن "من شاركوا في آخر قمة استعراضية ضد إيران برعاية أمريكية إما ماتوا أو تم تهميشهم أو خجلوا من خطوتهم تلك".


صراع عبثي

 

وتعليقا على هذا القضية، قالت أستاذة العلوم السياسية المتخصصة في الشأن الخليجي، أمل إبراهيم، إن الإدارة الأمريكية تريد توريط الدول العربية في صراعها العبثي مع إيران، عبر تكوين تحالف عربي ضد إيران، ويريد أن تتكفل دول الخليج بدفع تكلفة هذه المواجهة.

 

وأشارت إبراهيم، في تصريحات لـ "عربي21"، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد مأزوم داخليا، ويزداد الضغط الداخلي عليه يوما بعد يوم؛ بسبب قضية التعاون مع روسيا، ويريد استغلال هذه القصة من تطبيع مع إسرائيل، وتكوين تحالف إقليمي ضد إيران؛ بهدف إرضاء اللوبي اليهودي في أمريكا، حتى يسانده في مواجهة خصومه السياسيين في الكونجرس.

 

وأكدت أن ترامب متهور وغير متزن، يقوم بإبعاد أي صوت معارض له من المناصب العليا في الولايات المتحدة، مكتفيا بإحاطة نفسه بمجموعة من السياسيين السذج، حسب قوله، مشيرا  إلى أن ترامب يريد أن يخرج بأكبر مكاسب اقتصادية من العالم العربي، حيث  يرى في دول الخليج بقرة تدر مليارات الدولارات على أمريكا، ويجب الاستمرار في حلبها، وهو ما أعلنه من قبل بكل وقاحة.

 

وتساءل أمل إبراهيم: لماذا ينجر العرب إلى عداء دولة كبرى وذات ثقل إقليمي كبير مثل إيران إذا كانت لم تحاربنا ولم تناصبنا العداء؟ بل إنها تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع دول الخليج وفي مقدمتها دولة الإمارات التي تحتل إيران ثلاثة من جزرها في الخليج العربي.

 

"عيال" الخليج

 

من جانبه، حذر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، محمود حسن، من أن التحالف العربي الإسرائيلي الذي يدعو له ترامب سيكون بمثابة مصيبة كبرى ستحتل على المنطقة بأكملها، موضحا، في تصريحات لـ "عربي21"، أن إسرائيل لا يمكن أن تكون في يوما ما حليفا للعرب، لأنها ستطعن العرب من الظهر، حيث تعتبرهم أعداء إلى يوم الدين.

 

وحول موجة التطبيع المتزايدة بين العرب وإسرائيل في الفترة الأخيرة، خاصة من جانب دول الخليج العربي، قال حسن إن هذه التصرفات تقف وراءها واشنطن التي تدفع العرب إلى التطبيع مع تل أبيب؛ تمهيدا لإنشاء علاقات كاملة وطبيعية بين الجانبين، ما يعني موت القضية الفلسطينية تماما، كما تريد إسرائيل.

 

وأضاف أن مجموعة الحكام "العيال" في المنطقة، وعلى رأسهم محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، ينفذون أوامر ترامب بكل دقة حتى يستمر في حمايتهم، لافتا إلى التصريحات السابقة التي أدلى بها ترامب قبل عدة أشهر عندما قال إن الولايات المتحدة إذا رفعت يدها عن بعض الحكومات في الخليج العربي فإنها ستسقط خلال أيام!.

 

وحول رد الفعل الإيراني المتوقع، قال حسن إن إيران ستغضب، لكنها تعرف كيف ومتى ترد على هذه التحركات، مشيرا إلى أن إيران دولة قوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ولا يمكن لأي تكتل عربي أن يصمد في وجه إيران إذا ما نشبت مواجهة حقيقية في المنطقة بينها وبين جيرانها.

 

وتوقع ألّا تسفر هذه التحركات الأمريكية عن شيء حقيقي على الأرض، مضيفا أن مصر ستشارك في مؤتمر "وارسو"، لكنها لن تغير من سياستها الخارجية في المنطقة، ولن تنجر إلى عداء حقيقي مع إيران، في حين ستجلس الدول الخليجية مع إسرائيل على طاولة واحدة؛ تنفيذا لرغبة ترامب، ما يعد نقلة نوعية وانتصارا سياسيا بالغ الأهمية لإسرائيل، ويمثل ضربة قاسية للقضية الفلسطينية.

التعليقات (0)