اقتصاد عربي

ما هي خيارات السيسي لمواجهة ضغط صندوق النقد لإلغاء الدعم؟

أجل صندوق النقد مراجعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كانت مزمعة هذا الشهر
أجل صندوق النقد مراجعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كانت مزمعة هذا الشهر

أكد خبراء واقتصاديون أن الاجتماع الذي عقده رئيس نظام الانقلاب العسكري بمصر عبد الفتاح السيسي صباح الأحد مع رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر، كان متعلقا بمناقشة خطط الحكومة في  التعامل مع قرار صندوق النقد الدولي بوقف صرف الشريحة الخامسة من القرض الممنوح لمصر، التي كان مقررا لها كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

وأجل صندوق النقد مراجعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كانت مزمعة في بادئ الأمر هذا الشهر، مما أثار تكهنات بأن شريحة القرض الخامسة وقيمتها مليارا دولار قد تأجلت.

وكان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بسام راضي أكد في بيان رسمي بعد الاجتماع، أن السيسي وجه الحكومة والبنك المركزي لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل وتقييم الإجراءات المتخذة في هذا الإطار بشكل دوري لضمان تحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية المنشودة، وبما يحافظ على زيادة ثقة المجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد المصري على النمو.

من جانبها كشفت وكالة بلومبرغ الأمريكية المتخصصة في الاقتصاد، أن صندوق النقد منح السلطات المصرية مهلة شهر لتنفيذ توصياته المتعلقة بصرف الشريحة الخامسة، وأنه ربط صرف الدفعة بإعلان الحكومة عن موعد محدد لتحرير أسعار المحروقات، وربطها بالسعر العالمي، بما يعني إلغاء الدعم عليها بشكل كامل.

كما توقع بنك الاستثمار "بلتون" تنفيذ الجولة الرابعة لخفض دعم الوقود فى الربع الأول من عام 2019، ولكن بنسبة أقل من الجولة السابقة (بمتوسط 20.6%) مع احتمالية فرض الآلية الجديدة لربط أسعار المنتجات البترولية بالأسعار العالمية على نوع واحد من المنتجات كمرحلة مبدئية.

وقال البنك فى تقريره السنوي عن الاقتصاد المصري، إن هذا القرار سيؤدي لارتفاع يتراوح بين 2.5% و3.5% في التضخم العام، لذلك لا يتوقع أي خفض لأسعار الفائدة قبل الربع الرابع لعام 2019، وقدر التقرير الخفض المتوقع للفائدة بنحو 1%.

وفي تقييمه لتأجيل الدفعة الخامسة من القرض الدولي، يؤكد الخبير الاقتصادي أيمن النجار أن الحكومة المصرية أصبحت في مأزق لا تحسد عليه، حيث تتعرض لضغوط من الصندوق الدولي لتنفيذ الحزمة الجديدة من الإجراءات المتعلقة برفع الدعم، وفي الوقت نفسه يخشى النظام المصري من تأثير ذلك على انفلات الأوضاع في مصر، وانتقال عدوى الاحتجاجات السودانية وقبلها الفرنسية لشوارع القاهرة، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للنظام العسكري الحاكم.

ويشير النجار لـ"عربي21" أن مصر تحاول إقناع الصندوق بتأجيل موعد إعلان رفع الدعم عن المحروقات لشهر أيلول/ سبتمبر المقبل كمقترح أول أو حزيران/ يونيو كمقترح ثاني، خاصة فيما يتعلق ببنزين 92، على أن يتم تحريك سعر البنزين 95 كخطوة أولى في آذار/ مارس المقبل، وهو ما يرفضه الصندوق، وقابله برفع ملف مصر من اجتماعات مكتبه التنفيذي الأخير، وتأجيل التصويت على صرف الشريحة الخامسة لأجل غير مسمى.

وحسب الخبير الاقتصادي، فإن المعلومات المتداولة في الدوائر الاقتصادية والسياسية أن الأجهزة الأمنية حذرت السيسي من رفع أسعار المحروقات في الوقت الراهن، حتى لا تنفلت زمام الأمور، إلا أن التصريحات التي خرجت عن اجتماع السيسي مع رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي تشير لخلاف ذلك، وأن تحريك أسعار المحروقات والكهرباء بات قريبا.

وحسب النجار، فإن الموضوع لا يقتصر على تحرير أسعار المحروقات، وإنما يشمل الكهرباء ومياه الشرب والغاز، وتصفية القطاع العام بطرح الشركات المتعثرة في البورصة، وتخفيض موظفي القطاع الإداري لأكثر من النصف، وتقليل عجز الموازنة بتخفيض البند الأول في الموازنة العامة المتعلق برواتب الموظفين، بالإضافة لمجموعة من التشريعات الاقتصادية التي تساعد الدولة في تحصيل المزيد من الضرائب، وتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين.

ويتفق الباحث في الاقتصاد الدولي وليد مسعود مع الرأي السابق، مؤكدا أن الصندوق الدولي ربط صرف الشريحة الخامسة بعدة إجراءات، أبرزها تحرير أسعار المحروقات والخدمات الأخرى، موضحا أن هناك قطاعات مصرية بدأت خطوات فعلية في هذا الاتجاه، مثل وزارة الكهرباء التي أعلنت بشكل رسمي إلغاء شرائح الاستهلاك، بدءا من كانون الثاني/ يناير المقبل في إشارة لإلغاء الدعم وتحرير أسعار الكهرباء.

ويضيف مسعود لـ "عربي21" أن توسع الحكومة المصرية في الاقتراض لبناء احتياطي وهمي، جعلها تقع تحت رحمة الصندوق الدولي، الذي يمكن أن يرفع يده عن الدعم الذي يقدمه لمصر من أجل الحصول على المزيد من القروض من البنوك والمؤسسات الدولية، ومن ثم، فإن احتمالات وجود موجة جديدة من ارتفاع الأسعار قوية جدا، ولكن من غير المعروف إن كانت هذه الموجة شاملة أم متدرجة.

وعن سبب هذا التوقع، يؤكد الباحث الاقتصادي أنه مع بداية 2019 فإن الحكومة المصرية ملزمة بسداد ما لا يقل عن 10 مليارات دولار أقساط وفوائد ديون مستحقة على مصر، وهو ما يبرر حرص الحكومة المصرية على استلام الشريحة الخامسة قبل نهاية 2018.

 

اقرأ أيضارغم موجة الغلاء.. مصر تحرر جميع أنواع البنزين في 2019

التعليقات (0)