اقتصاد دولي

2018 واقتصاد العالم.. حروب وخسائر ومستقبل غامض

كان للفعل الأمريكي ورد الفعل الصيني، أصداء واسعة في أسواق العملات والمعادن والنفط والتجارة الدولية- ا ف ب
كان للفعل الأمريكي ورد الفعل الصيني، أصداء واسعة في أسواق العملات والمعادن والنفط والتجارة الدولية- ا ف ب

منذ بدايته، لم يخل عام 2018 من الزخم الاقتصادي وتأكيدات الخبراء والمؤسسات الدولية على أنه عام فاصل وبداية لمرحلة جديدة للاقتصاد العالمي، إلا أنه بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب التجارية بعد فرض رسوم جمركية على الصين، ورد بكين عليها برسوم مماثلة، دفع الأسواق إلى حالة من الضبابية وسط حذر وارتياب المستثمرين.

وكان للفعل الأمريكي ورد الفعل الصيني، أصداء واسعة في أسواق العملات والمعادن والنفط والتجارة الدولية، فالكل أصبح مترقبا مع تضارب التوقعات وعدم وضوح المسار الذي بات أبرز سمات العام وربما العام المقبل.

وعلى الرغم من أن الحرب التجارية لم تتفاقم مع عقد هدنة بين الاقتصادين الأكبر في العالم، إلا أنها دقت أجراسا لم يعتد العالم على سماعها، وجعلت المنظومة الاقتصادية العالمية تعيد حساباتها من جديد، لكن إلى أين؟ الجميع لا يعلم، فالأسواق مرتبكة والمؤشرات متضاربة وحالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية تسود.

 

اقرأ أيضا: خسائر سنوية عنيفة للنفط في 2018.. هل تستمر في 2019؟

وقال المحلل المالي في بورصة لندن، باركر جيم، إن "ما حدث خلال هذا الأسبوع يوضح أحد الملامح الرئيسة للاقتصاد العالمي هذا العام، فعدم الاستقرار وافتقاد الأسواق القدرة على قراءة المؤشرات المختلفة، يشير إلى حالة من عدم الثبات والحساسية الشديدة للمتغيرات الاقتصادية من قبل البورصات والمستثمرين".

وأوضح، وفقا لصحيفة "الاقتصادية"، أن انخفاض البورصات أو ارتفاعها بهذا التفاوت الضخم وخلال فترة زمنية قصيرة للغاية، يؤكد أن الاقتصاد الدولي في حالة من الارتباك الناجم عن عدم وضوح المسار، وتضارب التوقعات، خاصة في ظل الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

الحمائية التجارية
فيما يعزو ، أستاذ الاقتصاد الكلي السابق في جامعة ليدز، سيمون جيري، فقدان الاقتصاد العالمي للزخم الذي تجلى في بداية العام إلى قيام الاقتصادات الكبرى بتطبيق تعريفات جمركية مرتفعة، استتبعها إجراءات انتقامية.

وأشار إلى أن تنامي نبرة الحمائية التجارية، رفع من أسهم عدم اليقين بشأن السياسة التجارية الدولية، وأثر في التوسع الاستثماري.

وأضاف: "إذا أخذنا في الاعتبار أن الاقتصاد الصيني يمر بعملية إصلاح داخلي للتحول من اقتصاد معتمد على التصدير، إلى اقتصاد يعتمد على الاستهلاك الداخلي، مشابها بذلك الاقتصادات الرأسمالية عالية التطور، فإن الحرب التجارية التي شنتها واشنطن، أربكت الاقتصاد الصيني، ومعه عدد كبير من الاقتصادات الناشئة، التي تعتمد على الأسواق الصينية لرفع معدلات النمو بها".

لكن الحرب لم تقف عند حدود التشنجات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إذ كان لها أصداء واسعة في سوق العملات، وبدت الاقتصادات الكبرى في كثير من الأحيان، وكأن قادتها قد وضعوا أصابعهم على الزناد، استعدادا لإطلاق حرب عملات واسعة النطاق، إلا أن هذا لم يحدث بسبب تحذيرات المؤسسات المالية والدولية الكبرى كالبنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية، من أن حربا من هذا القبيل قد تجعل المنظومة الاقتصادية العالمية ككل عرضه للانهيار.

 

اقرأ أيضا: خسائر كارثية للعملات الرقمية.. فقدت 80 بالمئة في 2018

ولم تحل تلك المخاوف والحرب التجارية المستعرة بين الصين والولايات المتحدة، دون توسع الاقتصاد الأمريكي بوتيرة سريعة هذا العام، والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى الإصلاحات الضريبية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

حيث أسهمت التخفيضات الضريبية في رفع معدلات الإنفاق، ومن ثم تنشيط الطلب المحلي، ولعب هذا التحسن الدور الرئيس في خفض معدلات البطالة إلى مستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ نصف قرن، كما عززت من خطوات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع معدلات الفائدة.

قرارات الفيدرالي
وقد أحدثت قرارات الفيدرالي حالة من التوتر مع الرئيس ترامب، من منطلق قناعته بأن رفع الفائدة يعزز من قيمة الدولار، ومن ثم يضعف القدرة التصديرية للولايات المتحدة، إلا أن هذا لم يمنع كل من الرئيس والمسؤولين في الفيدرالي على التأكيد على استقلاليته.

ويرى الباحث الاقتصادي في جامعة "سانت أندروز"، أدرن إكاي، أن العوامل التي ساعدت على تحقيق الانتعاش في بعض فترات هذا العام، ومن أبرزها موجة الإنفاق الضخمة في الإدارة الأمريكية، والانتعاش المتأخر في منطقة اليورو، اقتربت من نهايتها مع قرب انتهاء العام الجاري.

وأضاف: "بشكل عام، الاقتصاد العالمي سيتجه إلى مرحلة من النمو البطيء، فلن يتجاوز النمو العالمي العام المقبل 3.5 في المئة، مقابل توقعات بأن يبلغ هذا العام 3.7 في المئة، والولايات المتحدة التي قادت الصعود سيتراجع معدل نموها من 2.9 في المئة إلى 2.7 في المئة".

رفع سعر الفائدة
وأوضح أن ارتفاع معدل النمو المتحقق في الولايات المتحدة وارتفاع أسعار الفائدة، أسهما في رفع سعر صرف الدولار أمام معظم العملات في هذا العام، ولذلك تأثير اقتصادي سلبي خاصة في الاقتصادات الناشئة.

وفي الواقع، فإن ارتفاع سعر صرف الدولار ترك بصمات سلبية على أداء مجموعة ملحوظة من الاقتصادات الناشئة، إذ رفع من تكلفة الإقراض بالنسبة لها، وأدى إلى تراجع ملحوظ في قيمة عملتها، وربما كانت تركيا والأرجنتين من أبرز الاقتصادات الناشئة التي تعرضت لتلك الضغوط.

ويعد عديد من الخبراء أن الاقتصادات الناشئة وقعت في عام 2018 بين تبادل إطلاق النار بين الولايات المتحدة والصين نتيجة الحرب التجارية من جانب، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية من جانب آخر، وأدى ذلك إلى تفاقم مشكلاتها متمثلة في ارتفاع أعباء الديون مقيمة بالدولار، وبروز صعوبات في السيولة المالية وتدفقات رؤوس الأموال، وتزايد العجز في الميزان التجاري.

اقرأ أيضا: "المركزي الأوروبي": موجة تباطؤ تضرب اقتصاد العالم في 2019

التعليقات (0)