ملفات وتقارير

كيف تحولت مبادرات 2018 لحل الأزمة بمصر للعنة تطارد أصحابها؟

المبادرات كانت سببا في ملاحقة البعض قضائيا بينما ذهب آخرون خلف القضبان- عربي21
المبادرات كانت سببا في ملاحقة البعض قضائيا بينما ذهب آخرون خلف القضبان- عربي21

لم يكن عام 2018 عاديا بالنسبة لمبادرات حل الأزمة السياسية التي تعيشها مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، حيث شهد العام الذي يلملم أوراقه العديد من المبادرات التي لقيت زخما واسعا، ولكنها في الوقت نفسه مثلت لعنة على أصاحبها، حيث كانت سببا في ملاحقة بعضهم قضائيا، بينما ذهب آخرون خلف القضبان.


ويشير المتابعون إلي أن المبادرات التي أطلقها سياسيون وأكاديميون مصريون، لم تبحث عن مخرج للأزمة بقدر ما أنها ألقت حجرا في المياه الراكدة، تاركة الحبل في يد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، والذي بدلا من أن يمنحها قبلة الحياة، كتب لها شهادة الوفاة.


ووفقا للخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن معظم المبادرات ولدت ميتة، وبالتالي كان غيابها السريع وعدم التفاعل معها نتيجة حتمية لمصيرها، متوقعين أن يشهد العام المقبل نوعا جديدا من هذه المبادرات سواء من حيث الموضوع، أو من حيث من يطرحونها، في ظل الحديث المتزايد عن تعديلات دستورية متوقعة في عام 2019.


وفي رصده لأبرز المبادرات السياسية لعام 2018 يؤكد الباحث السياسي عصام سعدون لـ"عربي21" أن مبادرتي كمال الهلباوي، ومعصوم مرزوق، هما الأشهر بين المبادرات التي تم إطلاقها، يليهما المبادرة التي أطلقها حسن نافعة، ثم التصور الذي طرحه السفير عبد الله الأشعل، بينما يأتي بذيل القائمة ما طرحه سعد الدين إبراهيم.


ويشير سعدون إلى أن ما يلفت الأنظار أن جميع مبادرات 2018 تم طرحها بعد فوز السيسي بالولاية الثانية، وهو ما أضعف المبادرات، لأنها جاءت بعد استقرار حققه السيسي حتى لو كان شكليا أو مغموسا بالدماء، موضحا أن أول مبادرة كانت التي أطلقها عضو المجلس القومي لحقوق الانسان والمنشق عن جماعة الإخوان كمال الهلباوي، في 25 من نيسان/ أبريل 2018، أي بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية بأكثر من شهرين.


ويضيف الباحث السياسي، أن شخصيات الذين أطلقوا المبادرات كانت سببا في شهرة مبادرة عن أخرى، فمثلا التي أطلقها الهلباوي، أخذت زخما سياسيا وإعلاميا لأنها الأولي التي تخرج من أحد المنشقين عن جماعة الإخوان، ويعد من أنصار السيسي وأحد الذين شاركوا في صياغة التعديلات الدستورية ضمن فريق لجنة الخمسين.


ووفقا لرصد سعدون فإن المبادرة لتي أطلقها السفير معصوم مرزوق، في آب/ أغسطس 2018، أخذت نفس الزخم، ولكنها مثلت تهديدا للسيسي لأنها وجهت الدعوة بالنزول لميدان التحرير، ورغم أنها دعوة مشروطة بموافقة الأمن المسبقة، وأن يقتصر الحضور فيها على مؤيدي المبادرة، إلا أن السيسي اعتبر دعوة النزول لميدان التحرير بالقرب من ذكرى فض اعتصام رابعة، خطرا يجب مواجهته، وبالتالي فقد اعتقل صاحب المبادرة.

 

اقرأ أيضا: الهلباوي: مبادرتي قائمة ومقربون من النظام تواصلوا معي

وحسب تقييم سعدون فإن مبادرات 2018 لها إيجابيات وعليها سلبيات، فمن إيجابياتها أنها عكست الأزمة التي تعيشها مصر، وأن الحكم الحالي تحول من حلم الخلاص إلى كابوس الديكتاتورية، وبالتالي فإن وجود مبادرات يعني أن هناك أزمات.


وعلى صعيد السلبيات يؤكد سعودن أن المبادرات جميعها كانت ضد جماعة الإخوان المسلمين، وتحاول القفز على وجود الجماعة واعتبارها في حكم الميت، وهو ما لا يستقيم على أرض الواقع، لأن الجماعة، كما أنها كانت جزءا من الأزمة، فهي أيضا جزء من الحل، واستبعادها يشكك في نوايا طارحي المبادرات من الأساس.


شرعنة الانقلاب


وفي تقييمه لمبادرات 2018 يؤكد عضو البرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت لـ "عربي21" أنه بعيدا عن التفتيش في نوايا الذين أطلقوا هذه المبادرات وسبب وتوقيت إطلاقها، إلا أنها جميعا لم تقدم الحل للموضوع الأساسي المتعلق بإنهاء الانقلاب العسكري والآثار المترتبة عليه، وإنما قدمت ما يمكن أن نسميه شرعنة الانقلاب.


ويشير حشمت إلى أن المبادرات التي تم إطلاقها تم بناؤها على ما بعد 3 تموز/ يوليو 2013 واعتباره أمرا واقعا، وهو أمر لا يقضي فقط على فكرة الشرعية التي منحها الشعب وانقلب عليها وزير الدفاع السيسي، وإنما تقضي هذه المبادرات على ثورة 25 يناير برمتها، لأنها تقر شرعية عسكرية بديلا عن الشرعية الشعبية، وبالتالي فإنها حصرت الحل في النهاية بمجموعة من الخيارات وضعتها جميعها في يد الخصم الأول لثورة يناير وهو النظام العسكري الذي يقوده السيسي.

 

اقرأ أيضا: نافعة يتحدث لـ"عربي21"عن فشل المبادرات السياسية وثورة يناير
 

وفي ما يتعلق برأي البعض بأن عودة الرئيس محمد مرسي للحكم مرة أخرى أمر مستحيل، وأن وضعه في الصورة أقرب بوضع العربة أمام الحصان وإجبارها على السير، يوضح حشمت أن كل المبادرات التي تم إطلاقها أغفلت حق الرئيس مرسي ليس في كونه رئيسا مدنيا منتخبا تم الانقلاب عليه واعتقاله تحت تهديد السلاح، وإنما حتى في حقه أن يكون جزءا من الحل، أو أن يتركوا له حق اختيار مصيره، وهو ما جعل الفشل محتوما لهذه المبادرات لأنها دعمت طرف الانقلاب الذي يمثله السيسي على طرف الشرعية الذي يمثله الرئيس مرسي.

التعليقات (0)