قضايا وآراء

السيسي تاجر سلاح!

محمد شريف كامل
1300x600
1300x600
لمعارض السلاح أهداف عديدة، وأهم هذه الأهداف هو ما تسعى له الدول المنتجة للسلاح من تسويق لإنتاجها لدى الدول المستخدمة.

وللتسويق طريقان، أولهما مندوبو الدول الذين يتابعون حركة السلاح في العالم ويطابقونها مع خطط واحتياجات الجيوش وقدرات الدولة الشرائية، والطريق الآخر، وهو الأكثر انتشارا في مجال تجارة السلاح، فهو الاعتماد على تجار السلاح، أو بشكل أدق سماسرة السلاح الذين منهم من يقوم بذلك الدور بشكل علني، وآخرون يعملون في السوق الموازية السرية.

وتلجأ العديد من الدول لهؤلاء السماسرة لضمان حصول من هم في السلطة على عمولات للشراء، ولنقل السلاح من مكان لآخر بشكل غير معلن، خاصة في عمليات الاتجار غير القانونية. ويكثر ذلك في عمليات بيع السلاح لدول تحت الحصار، أو لدول لا تتمتع بعلاقه طيبه مع الدول المنتجة، أو مع القوى العظمى.

فرغم كل أشكال الحصار التي تفرض على بعض الدول وبعض الفرق المتحاربة، خاصة خلال الحروب الأهلية، ظلت تلك البلاد والقوى المتحاربة تحصل على السلاح، رغم الحظر المفروض عليها. وقد كثر ذلك في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، وكذلك للدول المسماة "المارقة"، مثل كوريا الشمالية.

وسماسرة السلاح ليسوا بتجار، فهم لا يشترون ولا يبيعون، ولا مخازن لهم ولا وسائل نقل، هم فقط وسطاء لترتيب العلاقة التجارية كما في أي وساطة أخرى، ويتسلمون فقط عمولتهم، وكثيرا ما تخضع تلك العمولات لعملية تبيض أموال، كما في تجارة المخدرات، فعمولاتهم غير معلنة وفي أغلب الحالات غير قانونية.

وفي عالمنا اليوم، هناك أمثلة عديدة لتسليح دول وقوى رغم الحظر المفروض عليها. وقد كانت قوات حفتر في ليبيا وتنظيم داعش ودولة كوريا الشمالية هي أكثر ثلاثة أمثلة وضوحا، وإن كانت كوريا الشمالية منتجة للسلاح ومصدرة له، إلا أنها مستوردة له أيضا. وهذه الأمثلة الثلاثة تدخل في إطار العمليات التجارية المحظورة، ولقد اخترت تسليط الضوء عليها لأن الرابط فيها واحد، فالوسيط والمنسق لحركة السلاح هي مخابرات ثلاث دول، وهي كوريا الشمالية وسوريا ومصر، ومن المعروف أن الممول لها هي دولة الإمارات.

إن عملية تمويل داعش وتسليحه كانت وما زالت لغزا غريبا، فقد علا نجم التنظيم في وقت قصير جدا. ففي الوقت الذي كانت الثورة السورية تحقق انتصارات يومية على الأرض، ظهر داعش بقوة عسكرية مفاجئة، وليس له منافذ إلا عبر القوات المسيطرة على المنافذ العراقية، والنظام السوري المسيطر على المنافذ السورية المتاخمة لمنطقة نفوذ داعش في ذلك الوقت. ويدل ذلك على أن حركة السلاح تمت من خلال منافذ تحت أعين النظام السوري، فإن لم تكن هي من ينقله، فعلى الأقل كانت تشجعه وتتغاضى عنه.

أما فيما يخص مصر، فإن أغلب عقود شراء السلاح المتعاقد عليه باسم مصر تم شراؤه عبر اتفاقيات دخلت فيها الإمارات كطرف ثالث، أو كضامن للسداد أو مسدد الدفعة المقدمة للشراء. ومن المعروف أن النظام المصري والإمارات يؤيدون حفتر علنا، كذلك فإنه من المعروف أن أغلب السلاح الذي تعاقدت عليه مصر لم يصل مصر، أو على الأقل لم يستقر بها، وتم تحريكه لقوات حفتر ولليمن، حيث حصلت عليه أطراف الصراع.

ويأتي دور كوريا في عمليات نقل السلاح لمناطق استخدامه مثل مناطق الصراعات في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، وقد كانت هذه العمليات تتم في مصر منذ عبد الحليم أبو غزالة المعروف باسم "Mr. Ten Percent"، وجاء من بعده عمر سليمان وحسين سالم، ثم السيسي، ثم يأتي دور محمد دحلان، مهندس العمليات القذرة من تجسس وتصفيات وكذلك تجارة السلاح، والذي تردد مؤخرا أسمه في كثيرا من هذه المجالات، وليس بخفي علاقته بالإمارات والسعودية وسوريا ومصر.

ولعل ذلك يتفق مع تصنيف مصر في المركز الثالث في العالم في شراء السلاح، بينما جيشها لا يستطيع مواجهة جماعات مسلحة في سيناء، ولم تزد قدراته القتالية ولا عتاده، ويصفه السيسي - مستورد السلاح - بأنه مثل العجلات البدائية، فهي بذلك لا تحتاج ذلك السلاح ولم تستخدمه ولن تستخدمه.

وإن كانت الدول تقيم معارض السلاح لتسويق منتجاتها، فإن مصر تقيم معرض السلاح لأهداف أخرى، خاصة بعد أن تم تحويل ما كان يعرف بالمصانع الحربية وهيئة التصنيع فيما بعد، إلى ورش لتصنيع حلل الطعام ومعلبات المأكولات، فكان هدف مصر من معرض السلاح ليس إلا إظهاراً للسيطرة الكاملة على مقدرات الأمور، وجذب تجار السلاح، ولعب دور أساسي في ذلك المجال الذي تحترفه لأهداف ربحية لأشخاص معدودين، ولأهداف سياسية لتمكين معسكر الشر من الصهيونية وقوى الرجعية العربية، وإسقاط الثورة العربية.
التعليقات (0)