صحافة دولية

ميدل إيست آي: هذا ما سينقذ النموذج الديمقراطي التونسي

ميدل إيست آي: بنك مركزي قوي سينقذ النموذج الديمقراطي التونسي- جيتي
ميدل إيست آي: بنك مركزي قوي سينقذ النموذج الديمقراطي التونسي- جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحافي والباحث المتخصص في شمال أفريقيا فرانسيس غايلس، يقول فيه إنه يتعين على السياسيين التونسيين إجراء إصلاحات اقتصادية وقضائية جريئة لتأمين مستقبل البلاد.

ويقول الباحث في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبقة السياسية الجديدة في الديمقراطية الشابة في تونس هم الأبطال الذين ذهبوا ضحية ما يقرب من 8 سنوات منذ أن أسقطت ثورة شعبية زين العابدين بن علي.

 

ويشير غايلس إلى أن الكثير من التونسيين وعددا كبير من الشباب، أولئك الذين واجهوا جيش ابن علي في 2010-2011، ينظرون بازدراء للطبقة السياسية، لافتا إلى أنه في آخر انتخابات تم إجراؤها لم يشارك سوى ثلث الناخبين، في الوقت الذي سجل فيه الشباب استياءهم بالامتناع جماعيا عن التصويت.

 

ويقول الكاتب إنه "في هذه الظروف ظهر على الساحة محافظ البنك المركزي التونسي الجديد والكفؤ مروان العباسي، وبناء على مقابلة أجريتها مع العباسي الشهر الماضي، يمكن أن أقول باطمئنان إنه لا يحمل أي طموحات سياسية، إنه يساعد حاليا على قيادة الدولة خلال المياه الاقتصادية المتقلبة والصعبة".

 

ويلفت غايلس إلى أن الاقتصادي هاشمي علايا، الذي يصدر كتابه "النموذج التونسي"، هذا الأسبوع يؤكد أن العباسي "جلب مستوى واقعيا لاستقلال البنك المركزي"، وقد رفع نسبة الفائدة من 5% إلى 6.7% منذ أن تم تعيينه، وجعل الاستدانة أصعب، بما في ذلك استدانة الحكومة، مخفضا بذلك الاستخدام الفاسد لتمويل العجز".

 

ويذكر الباحث أن العباسي يقوم بعمل جيد في تحسين التنسيق بين الوزارات، في الوقت الذي تحاول فيه أن تحقق الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي، الذي قدم 4.2 مليار دولار ديونا لتونس منذ 2011، مشيرا إلى أنه كونه مسؤولا سابقا في البنك الدولي، فإنه أظهر تفهما متبصرا للمؤسسات الدولية.

 

ويؤكد غايلس أنه "بعد تنسيق تقرير حول تداعيات الفوضى في ليبيا على تونس، فإن العباسي على اطلاع جيد على الآثار السلبية الكثيرة لهذه الأزمة المستمرة: غياب نمو الناتج المحلي، وازدياد التهريب عبر الحدود وغير ذلك من الأخطار الأمنية، وقال لي إنه لذلك يتفاوض مع ليبيا للتوصل إلى اتفاقية واقعية تسمح لتونس بالدفع بالدينار ثمنا للنفط، ما يوفر على تونس عملة أجنبية هي بحاجة لها".

 

وينوه الكاتب إلى أنه "كانت هناك اتفاقية ضمنية موجودة حتى سقوط ابن علي، وكانت تستحق أن يتم إحياؤها، بالإضافة إلى أن تدفق التجارة والأموال -بما في ذلك أجور العمال التونسيين في ليبيا، والاستثمارات والعلاقات الاقتصادية بين جنوب تونس الفقير وجارته الغنية بالنفط- يبقى مهما جدا، بالإضافة إلى الاعتبارات الأمنية الجديدة، حيث ليبيا هي بوابة تونس لتصدير الجهاديين للشرق الأوسط".

 

ويقول غايلس: "سيستمر التهريب عبر الحدود الليبية والجزائرية ما دامت الحكومات الثلاث تدعم بتفاوت عددا من السلع المختلفة، بما في ذلك النفط والمواد الغذائية، ومع ذلك فإن اتفاق إطار سيؤدي إلى دعم الأمن في تونس". 

 

ويفيد الباحث بأن المحافظ أكد أنه حريص على العمل مع نظرائه كلهم في المغرب، مشيرا إلى الدور المهم الذي يؤديه محافظ بنك المغرب المركزي، عبد اللطيف الجواهري، في تعزيز الدور الذي يقوم به البنك في المملكة.

 

ويعلق غايلس قائلا إن "العباسي متفائل بهذا، لكنه يقول إن العلاقة الاقتصادية مع الجزائر، حيث تعمل مئات الشركات التونسية، يجب تقويتها، وفي ظل غياب الحدود المفتوحة بين الجزائر والمغرب، فلا شيء يمنع من عمل دول المغرب الشرقية الثلاث معا عن كثب، حيث يمكن لذلك تعزيز الأمن وتخفيف اقتصاد السوق السوداء، الذي يصل إلى حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي، ويساعد في خلق وظائف مطلوبة، بحسب العباسي". 

 

ويشير الكاتب إلى أن بعض المسؤولين الحكوميين التونسيين يحلمون في إقناع دائني البلد الرئيسيين -صندوق النقد الدولي والبنوك العربية والأوروبية- في إعادة جدولة الديون الأجنبية، التي تزيد على 30 مليار دولار، والتي تزيد فوائدها على مليار دولار في العام، فرواتب الدولة والدعم وخدمة الديون تلتهم الدخل السنوي لتونس.

 

ويجد غايلس أنه "لذلك فإن الاستثمار هو عبارة عن محرك لا يمكنه أن يعمل، وهذا وضع سيئ لبلد لا تزال جذورها الديمقراطية لم تتعمق، بالإضافة إلى أن الصراع بين رئيس الدولة ورئيس وزرائه حول السياسة الى مسرحية، والحرب على الفساد -التي ظن العديد أنها ستكون السمة المميزة لرئيس الوزراء يوسف الشاهد بعد اعتقال شفيق جرايا العام الماضي- لم يعد فيها زخم".

 

ويبين الباحث أن "رئيس الوزراء فشل في أن يدعم وزير ماليته العام الماضي: حيث كان فضل عبد الكافي ضحية ما لا يمكن وصفه سوى بأنه عصابة قضائية، فلم يتم إصلاح الجهاز القضائي، وإذا أضيف إلى ذلك الفساد المستشري، فإن ذلك يخيم على مستقبل الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي، وقد يكون الإعلام حرا لكنه في أيدي ذوي المصالح الخاصة، وهو عادة ما يفضل التشويه أكثر من الإعلام".

 

ويفيد غايلس بأن "كثيرا من التونسيين في وضع أسوأ اليوم مما كانوا عليه عام 2010، وتبدو التصدعات الاقتصادية والاجتماعية، التي تقسم المناطق الساحلية الأكثر ثراء عن المناطق النائية الأكثر فقرا، لا تهم بعض السياسيين في البلد، الذين لا يعرفون الكثير على الداخل التونسي، وأقل من ذلك عن الاقتصاد".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "عشرات آلاف الرجال والنساء المحترفين يصوتون بأقدامهم كل عام، وقد يبدو وجود بنك مركزي قوي ومستقل في هذه الأوقات العصيبة أمرا ذا أهمية قليلة، لكنه ليس كذلك، حيث لو قام السياسيون التونسيون بتوضيح وتفعيل إصلاحات اقتصادية وقضائية، فإن البلد، التي تعد متعلمة وتتمتع بمستوى مساواة بين الجنسين أكثر من أي بلد في العالم العربي، قد تستمع باهتمام". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)