صحافة دولية

أتلانتك: هيجيز لم يكن أول متهم بالتجسس ولن يكون الأخير

أتلانتك: الدول العربية هي حقل ألغام للباحثين والأكاديميين- تويتر
أتلانتك: الدول العربية هي حقل ألغام للباحثين والأكاديميين- تويتر

نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للباحث حسن حسن، يقول فيه إن ما كشفه طالب الدراسات العليا البريطاني ماثيو هيجيز عن معاناة في السجن الإماراتي ليس جديدا، فقد اعتقل في أيار/ مايو، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة؛ بتهمة "التجسس لصالح دولة أجنبية"، و"تعريضه الجيش والاقتصاد والسياسة والأمن الإماراتي للخطر". 

ويشير الباحث في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه أفرج عن هيجيز في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعدما صدر عفو رئاسي عنه، وقال هيجيز في مقابلته إنه أجبر على الاعتراف بعدما هدده المحققون بنقله إلى قاعدة عسكرية في الخارج وتعذيبه هناك.

ويقول حسن إنه عاش في الإمارات سبعة أعوام، والتقى هيجيز عدة مرات في عامل 2014، ومن هنا فإن فهم السياق الذي حصل لهيجيز قد يساعد الآخرين على تجنب ما حدث له، مشيرا إلى أن الطالب البريطاني لم يكن جاسوسا، كما قالت الحكومة البريطانية، وأكد ذلك أصدقاؤه الأكاديميون عندما ظهرت قصته. 

ويستدرك الكاتب بأن "مشكلة هيجيز مرتبطة ودون شك بانفتاحه حول موضوعه الذي كان يعمل عليه، وهو طريقة عمل الجهاز الأمني في الإمارات".

 

ويؤكد حسن أن "قوات الأمن الإماراتية زاد دورها بشكل كبير، خاصة بعد انتفاضات الربيع العربي، ويتجنب الإماراتيون الحديث عنها، وأدت المخابرات دورا مهما في حملات التطهير ضد الإسلاميين والناشطين السياسيين وترحيل الأكاديميين والمهنيين من الإمارات". 

ويقول الباحث إن إماراتيين تحدثوا معه اثناء إقامته في الإمارات عن اليد القوية لأجهزة الأمن، حيث لم يكن باستطاعتهم الحصول على وظائف في الحكومة؛ لأن أقاربهم لهم صلات مع الإسلاميين، وكانوا دائما يناقشون مشكلاتهم من خلال لغة عامة وإيماءات أحيانا بدلا من الكلام، وفي أماكن آمنة مع أصدقائهم الذين يثقون بهم، مشيرا إلى أن الإماراتيين يخشون من الأمن الذي لا يمكن الاستئناف على قراراته حتى من حكام البلد، و"ليس من الغريب أن يثير طالب الدكتوراة استغرابا عند سؤاله عن البنية الأمنية للبلد". 

ويعلق حسن على قول هيجيز إنه صدم عندما اكتشف أن صديقا إماراتيا قام بالشهادة ضده، قائلا إنه يجب ألا يندهش، مشيرا إلى أنه حدثت للباحثين والأكاديميين مواجهات حادة مع مسؤولي الأمن، ويعلق الكاتب بأن التحقيقات متواصلة والهدف منها التوصل لاعتراف، الذي يكون بديلا، خاصة بعد عدة ساعات، عن التعذيب أو الترحيل. 

ويلفت الكاتب إلى أن هيجيز قال في مقابلته مع "سي أن أن"، إن التحقيقات الأولية شملت على عدة اتهامات: "بدأوا بسؤالي إن كنت عاملا في المخابرات البريطانية، ثم سألوني إن كنت عضوا في (أم اي6)؟ وواصلوا هذا الخط عندما سألوا عن رتبتي إن كنت ملازم أول، أو ثان، أو رائدا، أو كابتن". 

 

وينوه حسن إلى أن ما حصل لهيجيز حصل له عام 2010، عندما كان يعمل في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية، وبعد اندلاع بركان في أيسلندا أدى إلى تغليفها وأوروبا بالغبار، وتعطلت حركة الطيران، الأمر الذي يعد الأسوأ منذ هجمات 11/ 9، وطلب منه أن يغطي تعطل حركة الطيران، وذهب إلى مطار أبو ظبي ليغطي الحدث، وعندما بدأ بسؤال القادمين تقدم منه رجل بلباس أمني وسأله عن سبب حديثه مع القادمين، ثم جاء ثان وثالث، وطلب منه أحدهم ألا "يعقد" الوضع، وأكد طوال الوقت أنه صحافي، وعندما أشار إلى أن معاملة الصحافيين بطريقة سيئة ستؤثر على سمعة الإمارات، وبخه أحد رجال الأمن قائلا: "لا تذكر سمعة الإمارات"، وبعد مناقشات وفحص المعلومات أخلوا سبيله. 

ويقول الكاتب:"لم يكن هيجيز محظوظا لأن شخصا محليا اعترف عليه واتهمه بالتجسس، ولهذا حاول الأمن استخدام هذه المعلومة والحصول منه على اعتراف، وعادة ما يؤدي الشك إلى البحث أكثر، فقد اعتقلت بريطانية، زميلة لي، عام 2014 عندما أبلغ حارس عنها أنها التقطت صورة للسفارة السورية، ويحظر التقاط صور السفارات في الإمارات حتى لو ظهرت دون قصد في الصورة وعن بعد، ورغم عدم وجود صورة للسفارة بحوزتها، إلا أن الأمن اعتقلها وحقق معها لمدة أسبوع". 

ويرى حسن أن "الأكاديميين والصحافيين عادة ما يسيرون فوق حقل ألغام عندما يقومون بأبحاث ميدانية في العالم العربي، ولتجنب المشكلات فإنه يجب معرفة أن هذه الدول ليست متسامحة كما تبدو للعيان، فالإمارات ترحب بالأجانب والاستثمار الأجنبي لكن ذلك لا يعني أنها مفتوحة، فهناك خطوط حمراء غير مكتوبة لا يمكن تجاوزها، فقوات الأمن والبدون هي خطوط حمراء، ولا يتم التسامح مع نقد السعودية ومصر وحتى نقد دونالد ترامب". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الأكاديميين والباحثين الراغبين في دراسة العالم العربي يجب أن يتعرفوا على الجو والثقافة، وعليهم أن يحاولوا الدخول عبر القنوات الرسمية للحصول على الرواية الرسمية التي يمكن استخدامها، ولو أرادوا (القصة الحقيقية) فيجب عليهم تكريس سنوات من حياتهم، وبناء علاقات شخصية، وتوقع حدوث مخاطر، فهيجيز ليس الأول الذي اتهم ولن يكون الأخير".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)

خبر عاجل