صحافة دولية

نيويورك تايمز: هل ساهم برنامج إسرائيلي بقتل خاشقجي؟

نيويورك تايمز: التعاون بين عبد العزيز وخاشقجي ساهم في قرار التخلص من خاشقجي- جيتي
نيويورك تايمز: التعاون بين عبد العزيز وخاشقجي ساهم في قرار التخلص من خاشقجي- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب ديفيد كيركباتريك، يتحدث فيه عن الدعوى التي رفعها معارض سعودي، وصديق للصحافي القتيل جمال خاشقجي، ضد شركة تكنولوجيا إسرائيلية.

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن هذه الدعوى تزيد من الضغوط على مجموعة "أن أس أو" والحكومة الإسرائيلية، التي تقدم رخص بيع التكنولوجيا إلى الحكومات الأجنبية، مشيرا إلى أن التكنولوجيا المعروفة باسم "بيغاسوس" تثير الانتباه أكثر للتحالف الواسع بين إسرائيل والسعودية وملكيات الخليج الأخرى. 

 

ويشير كيركباتريك إلى أن السعودية وحلفاءها، مثل الإمارات، لم تعترف أبدا بالدولة اليهودية، لكنها وجدت قضية مشتركة تجمعهما، وهي المعارضة لإيران، لافتا إلى أن الدول العربية وإسرائيل وجدت منذ ثورات الربيع العربي عام 2011 أرضية مشتركة، وهي الحفاظ على النظام العربي القائم. 

 

وتذكر الصحيفة أن الدعوى القضائية التي تقدم بها المعارض السعودي المقيم في مونتريال، عمر عبد العزيز، تأتي بعد دعاوى تقدم بها ناشطون وصحافيون وغيرهم اتهموا فيها مجموعة "أن أس أو" ببيع التكنولوجيا إلى حكومتي المكسيك والإمارات العربية المتحدة؛ للتجسس على الهواتف الذكية لأشخاص، حتى لو لم يكن لديهم سجل إجرامي، أو شكلوا تهديدا على بلادهم. 

 

ويلفت التقرير إلى أن منظمة "أمنستي إنترناشونال" اتهمت الشركة الإسرائيلية بمساعدة السعودية على التنصت على أحد افراد طاقمها السعودي الجنسية، وكتبت المنظمة الأسبوع الماضي إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية مطالبة بسحب رخصة الشركة التي تسمح لها بتصدير برنامج التجسس. 

 

وينقل الكاتب عن مديرة البرامج في منظمة "أمنستي" مولي ماليكر، قولها: "باستمرارها في المصادقة على عمل (أن أس أو غروب)، فإن وزارة الدفاع تعترف عمليا بالتعاون مع (أن أس أو غروب)، التي يستخدم برنامجها في انتهاكات لحقوق الإنسان". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الشركة قولها في بيان أصدرته يوم الأحد، إن برنامجها "حصل على رخصة تصدير للحكومات ووكالات فرض القانون وقتال الإرهاب بطريقة قانونية"، وأكد البيان أن عقود بيع البرنامج لا تتم إلا بعد موافقة وتدقيق من الحكومة الإسرائيلية، وأضافت: "لن نتسامح مع إساءة استخدام منتجاتنا، ونقوم بالتحقيق في حال أسيء استخدام البرنامج، ونتخذ الأفعال المناسبة بما في ذلك تعليق أو إلغاء العقود". 

 

ويكشف التقرير عن أن البرنامج يسمح لزبائنه بالتنصت على المكالمات، وتسجيل النقرات على الهاتف، وقراءة الرسائل، ومتابعة تاريخ استخدام الهاتف المستهدف، مشيرا إلى أن البرنامج يعمل على تحويل كاميرا الهاتف وميكرفونه إلى أداة رقابة. 

 

ويقول كيركباتريك إنه نظرا لهذه المميزات التي يتمتع بها البرنامج، فإن الحكومة الإسرائيلية تصادق على بيع البرنامج بصفته سلاحا، وعلى الشركة الحصول على رخصة من وزارة الدفاع لتبيعه إلى الدول الأجنبية، مشيرا إلى أنه بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن السعودية دفعت العام الماضي 55 مليون دولار لاستخدامه. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن عمر عبد العزيز، المقيم في مونتريال، بعد طلبه اللجوء في كندا بعد الربيع العربي، أصبح معروفا على وسائل التواصل الاجتماعي و"يوتيوب"، واعتبرت شركة العلاقات العامة "ماكينزي أند كومباني" في تقرير أعدته للحكومة السعودية، أنه من الرموز المؤثرة والدافعة للمعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنه أصبح معروفا خلال الشهرين الماضيين بسبب علاقاته الوثيقة مع الصحافي جمال خاشقجي، الذي اختار الإقامة في فيرجينيا قبل مقتله على يد فرقة موت في القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر.

 

ويفيد التقرير بأنه تم تقطيع جثة الصحافي التي لم يعثر بعد على بقاياها، فيما توصلت المخابرات الأمريكية والغربية إلى أن الجريمة لم تكن لتتم دون علم أو مصادقة من الحاكم الفعلي للبلاد، وهو محمد بن سلمان، الذي نفى أي دور له، فيما قال مسؤولون سعوديون إن الفريق الذي أرسل لإحضاره إلى السعودية تجاوز التعليمات وقتله.

 

ويبين الكاتب أنه بحسب الدعوى التي تقدم بها عبد العزيز، فإن الديوان الملكي كان على علم قبل أشهر من مقتل الصحافي بمشاريع للمعارضة في الخارج بسبب القرصنة على هاتف عمر. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المعارض السعودي، قوله إنه تعرض للملاحقة من عملاء السعودية الذين لاحقوا خاشقجي؛ في محاولة منهم لإغرائه بالعودة إلى السعودية وترك كندا، فبعد مضايقات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولمدة شهرين، حضر عميلان إلى كندا ومعهما شقيقه؛ لإقناعه بالتخلي عن المعارضة والتعاون مع الحكومة.

 

وبحسب التقرير، فإن عبد العزيز سجل ما جرى بينه وبين العميلين على هاتفه أثناء المحاولة في أيار/ مايو هذا العام، وقال له أحدهما: "هناك سيناريوهان.. عمر مستفيد أو منتصر لأنه سيعود إلى الوطن"، ولو اختار هذا "فإن الدولة منتصرة وسعيدة أيضا"، فيما اقترح واحد من العميلين إمكانية تقديم الدولة مبلغا ضخما من المال لعبد العزيز لو وافق على العودة، وفي السيناريو الثاني ولو رفض العرض "عمر خاسر وسيعتقل"، وربما اعتقل حال وصوله المطار، وكذب المبعوث السعودي قائلا إن خاشقجي يفكر في العودة. 

 

ويستدرك كيركباتريك بأنه رغم قول العميلين إنهما جاءا بناء على أمر من مساعد ولي العهد سعود القحطاني، الذي شملته قائمة العقوبات والمشرف على عملية قتل خاشقجي، إلا أنهما أكدا أن الأمر لهما بالحضور إلى كندا جاء من ولي العهد، ووعدا بمقابلة عمر لمحمد بن سلمان في حال عودته، وتعهدا له بأن يكون حرا في سؤال الأمير ما يريد، وقالا إنهما حجزا له غرفة في فندق في جدة، إلا أن عبد العزيز رفض هذا العرض، كما رفض طلبا لتجديد جواز سفره، ومرافقتهما إلى السفارة السعودية في أوتاوا. 

 

وتجد الصحيفة أن هذا العرض بدا نذير شؤوم في ضوء ما حدث لخاشقجي لاحقا، وتلقى عبد العزيز بعد شهر رسالة بدت كأنها تخبره عن شيء اشتراه، بدا لاحقا أنه رابط لبرنامج "بيغاسوس"، واكتشف معهد "ستيزن لاب" في آب/ أغسطس، أن هاتف عبد العزيز اخترق من برنامج "أن أس أو غروب"، وتوصل معهد "ستيزن لاب"، وهو وحدة بحث في الخصوصية تابعة لجامعة مونتريال، أن السعودية تقف وراء اختراق هاتفه. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت ذاته الذي وصلت فيه الرسالة المزيفة، فإن وحدات شرطة مع كلاب بوليسية قامت بمداهمة بيت عائلته في جدة منتصف الليل، واعتقلت شقيقيه، اللذين لا يزالان في السجن دون توجيه اتهامات لهما، وجاء في أوراق الدعوى القضائية أن عبد العزيز "علم أن الأمن في المعتقل يستخدم التعذيب ضدهما، وأنهما يتعرضان لمعاملة غير إنسانية؛ من أجل الضغط عليه للتوقف عن نشاطاته المعارضة". 

 

ويبين الكاتب أن عبد العزيز تعاون في هذه الفترة مع خاشقجي، في مشاريع على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه تلقى 5 آلاف دولار من خاشقجي لدعم هذه الجهود. 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن كلا من المحامي علاء محاجنة والمحاضر في سيتي يونيفرستي في لندن مازن المصري، قدما الدعوى نيابة عن عبد العزيز، حيث يناقش المحاميان أن التعاون بين عبد العزيز وخاشقجي "ساهم في قرار التخلص من خاشقجي".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)