ملفات وتقارير

كيف يكون ترودو صارما إزاء الرياض ويحافظ على وظائف الكنديين؟

توعد ترودو بأن تكون هناك "عواقب" لمقتل خاشقجي- جيتي
توعد ترودو بأن تكون هناك "عواقب" لمقتل خاشقجي- جيتي

يواجه رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، معضلة مع اقتراب الانتخابات، تتمثل في كيف يتخذ إجراءات صارمة ضد الرياض بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان ويحافظ في الوقت ذاته على صفقة سلاح قيمتها 13 مليار دولار مع السعودية.


ويتعرض ترودو، الذي توعد بأن تكون هناك "عواقب" لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لضغوط من أجل تجميد عقد لا يحظى بالفعل بتأييد شعبي قيمته 13 مليار دولار لتوريد مركبات مدرعة تصنعها في كندا شركة جنرال داينامكس ومقرها الولايات المتحدة.

 

والمشكلة أن الصفقة تدعم 3000 وظيفة في مدينة لندن الصغيرة في أونتاريو، وهي مركز صناعي يرجح أن يكون إحدى ساحات معركة الانتخابات الاتحادية التي ستجرى العام المقبل.

 

ويثير النقاش بشأن الصفقة قلق أعضاء الحزب الليبرالي الحاكم في كندا الذي يتزعمه ترودو، وبينهم بيتر فراجيسكاتوس النائب عن دائرة لندن نورث سنتر في البرلمان.

 

وقال فراجيسكاتوس في مقابلة: "الكثير من الوظائف يعتمد على هذا العقد" مشيرا إلى أن ترودو زار المدينة عدة مرات، وأن رئيس الوزراء "يفهم جيدا التحديات التي تواجهها لندن. أنا أدافع بشدة عن منطقتي".

 

وقال مصدر مطلع: "لا نريد أن نخسر تلك الوظائف"، لكنه أضاف أن من المهم أيضا لكندا أن تتخذ موقفا ضد انتهاكات حقوق الإنسان.

 

وقال ترودو الأسبوع الماضي: "كندا ملتزمة بالتمسك بحقوق الإنسان وحرية التعبير وحماية الصحفيين حول العالم". وقال كذلك إن أوتاوا تراجع تصاريح التصدير الكندية للسعودية ردا على مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، الذي أثار غضبا دوليا.

 

وفيما يتعلق بفرض عقوبات أخرى، قال مسؤول بالحكومة، الاثنين، إن كندا تجري "مراجعة شاملة لعلاقاتنا مع السعودية"، بينما نحاول "الوصول إلى رواية ذات مصداقية" للحادث وتنسيق رد مع حلفاء كندا.

 

وفي السنوات الماضية، صور ترودو نفسه وحكومته على أنهما حاملا مشعل القيم التقدمية، في وقت تنسحب فيه الولايات المتحدة من الساحة العالمية في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب.

 

ومقتل خاشقجي حساس بشكل خاص بالنسبة لكندا، بعد أن قطعت السعودية علاقاتها معها دون سابق إنذار بعد قول وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند على "تويتر"، في أغسطس/ آب، إنها تطالب بإطلاق سراح ناشطات محتجزات بالمملكة.

 

وأيد ترودو موقف فريلاند، واتخذ الاثنان موقفا موحدا من مقتل خاشقجي. لكن فريلاند قالت الأسبوع الماضي ردا على سؤال عن السبب في أن أوتاوا ستمضي قدما في صفقة السلاح، إنه "سؤال جيد للغاية"، لكنها رفضت أن تكون إجابتها أكثر تحديدا.

 

وقال ترودو إن إلغاء الصفقة سيكلف كندا "المليارات" في صورة شروط جزائية.

 

ويقول منتقدون من المعارضة وجماعات حقوق الإنسان إن على ترودو إلغاء الصفقة إذا كان جادا في الدفاع عن حقوق الإنسان.

 

وتقع دول أخرى في الحيرة ذاتها بين أن تبعث برسالة قوية إلى السعودية بشأن احترام حقوق الإنسان وبين الحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك.

 

وأوقفت ألمانيا مبيعات السلاح الجديدة للرياض، وتضغط المستشارة أنجيلا ميركل من أجل أن يتخذ باقي دول الاتحاد الأوروبي الموقف نفسه. وتراجع برلين أيضا مبيعات سبق إقرارها، من بينها عقود زوارق دوريات قيد التصنيع.

 

أما في بريطانيا، ثاني أكبر مصدر أسلحة للسعودية بعد الولايات المتحدة، فكررت حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي رفضها لدعوات من جيريمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض لإنهاء مبيعات السلاح للرياض.

 

وقال وزير الخارجية جيريمي هانت للصحفيين، الأربعاء: "هناك وظائف في المملكة المتحدة... معرضة للخطر، لذلك عندما يتعلق الأمر بقضية مبيعات الأسلحة فإن لدينا إجراءاتنا".

 

وذكر مسؤول حكومي كندي أنه في حين أعلن ترودو عن مراجعة لتصاريح التصدير، فإن تلك التي صدرت بالفعل ستمضي قدما. وسيجنب ذلك جنرال داينامكس أي تأثير فوري.

 

وتظهر وثيقة تعود لعام 2016 من وزارة الخارجية، نشرت على الإنترنت، أن جنرال داينامكس حصلت بالفعل على موافقة بخصوص صادرات قيمتها 11 مليار دولار كندي في إطار الاتفاق. وتظهر إحصاءات تجارية أن كندا شحنت مركبات مدرعة وقطع غيار قيمتها 166.9 مليون دولار كندي إلى السعودية في يوليو/ تموز.

 

وقالت فيبي نوفاكوفيتش، الرئيسة التنفيذية لجنرال ديناميكس، الأسبوع الماضي: "نواصل إنتاج هذه المركبة حسب المقرر، ولا نرى أي إشارة إلى أن العقد قد تغير".

التعليقات (0)