صحافة دولية

رئيس وكالة الأمن القومي الأمريكي السابق: على ابن سلمان التنحي

مدير سي آي إيه السابق: يجب الحد من علاقتنا مع محمد بن سلمان- جيتي
مدير سي آي إيه السابق: يجب الحد من علاقتنا مع محمد بن سلمان- جيتي

قال مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" السابق مايكل هايدن، في مقال نشره موقع صحيفة "ذا هيل"، إن السعودية اعترفت بعد فترة طويلة من الإنكار بأن جمال خاشقجي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول.

 

ويتساءل هايدن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن كان مقتل خاشقجي خلق للولايات المتحدة مأزقا: "ماذا نفعل بمقتل معارض سعودي وكاتب عمود في صحيفة (واشنطن بوست)، وماذا يعني هذا للسياسة والسياسات الأمريكية وقيمها؟".

ويجيب المسؤول السابق قائلا: "ليس لدي جرعة سحرية لتبسيط المشكلة، لكن هناك بعض الأمور التي يجب أن تظل حاضرة في ذهننا، الأول أن هذا أمر مثير للغضب، حتى لو كان خاشقجي المسيح الدجال، ومحاولات تصوير جمال خاشقجي بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين ومرافق لاسامة بن لادن مخجلة، فمداعبته للإخوان المسلمين عندما كان شابا ليست شيئا غريبا في العالم العربي، خاصة للشباب الجادين الذين لم يولدوا في السلطة، واتصالاته مع أسامة بن لادن بصفته صحافيا لم تكن تختلف عن تلك التي قام بها صحافي (سي أن أن) بيتر بيرغين، ففي وقت مقتله كان جمال خاشقجي كاتبا جادا يحاول الدفع بإصلاح ذي معنى في بلده، وكان يمثل تأثيرا (ليبراليا) كما نسميه". 

 

ويشير هايدن إلى أن "الأمر الثاني يتعلق بكيفية مناسبة هذه الحادثة بالتصرفات العامة للسعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، التي تعرضت للضغوط بعد (اليقظة العربية)، وصعود إيران في العواصم العربية، من بغداد إلى دمشق وصنعاء وبيروت، وللرد على هذا قام ولي العهد الشاب باختطاف رئيس الوزراء اللبناني، وأثر على الوحدة الخليجية بحصار قطر، وشن الحرب في اليمن، واحتجز مئات المؤثرين والأمراء في فندق ريتز كارلتون، واحتجز الناشطات النسويات اللاتي طالبن بالإصلاحات ذاتها التي دعا إليها". 

ويلفت الكاتب إلى أنه "تم التسامح مع بعض هذه التصرفات، باعتبارها تعجل شاب، أو قيل إنها ضرورية لخروج البلاد من ماضيها المتحجر، إلا أن هذا تم دون رقابة مؤسساتية على العائلة المالكة، بالإضافة إلى أن صعوده السريع أدى إلى تمزيق إيمان العائلة بالتوافق".

ويقول هايدن إن "قتل المعارضين في الخارج هو فعل يمكن أن تقوم به القيادة الإيرانية أكثر مما تفعله العائلة السعودية، لكن ليس من الواضح كم هي سلطتها على ولي عهدها المتهور والقاسي".

ويجد المسؤول السابق أنه "من المستحيل خروج فريق قتل إلى اسطنبول دون موافقة محمد بن سلمان، بالإضافة إلى أن تفسير الحكومة أن العملية هي محاولة اختطاف لم يكن مقنعا، بل تعد هذه القصة، التي هدف منها التغطية على الجريمة، إحراجا للكثير من السعوديين، خاصة من سافروا أو عاشوا في الغرب، وشبه زائر للمملكة قبل فترة المزاج فيها بذلك الذي ساد الولايات المتحدة بعد انتهاكات سجن أبي غريب، وقد تمزقت هذه القصة الضعيفة بعدما كشف عن أدلة جديدة عن الجريمة". 

ويرى هايدن أن "تركيا لم تكن عرابا صادقا في هذه الدراما؛ لأنها سجنت صحافيين حاولوا قول الحقيقة مثل خاشقجي، بالإضافة إلى أن تركيا منافس إقليمي قوي للسعودية، ولهذا قصد من تسريب المعلومات هو التأثير أكثر من قول الحقيقة والكشف عما جرى لخاشقجي".  

ويتساءل الكاتب عن ملاءمة ما جرى للصحافي للموقف الأمريكي من المملكة وولي عهدها، ويقول إن "العلاقة مع السعودية تعود جذورها إلى ما بعد الحرب العالمية، حيث حصل فرانكلين روزفلت على وعد من الملك عبد العزيز بتوفير النفط مقابل الدفاع عن المملكة، ولأن الأمريكيين يقتربون من استقلالهم في مجال الطاقة، يشعر السعوديون بالقلق بشأن الوعد الأمريكي السابق".

 

ويعتقد هايدن أن "النفط السعودي لا يزال مهما للدول الأخرى، مع أن أهمية المملكة تعززت بالنسبة للولايات المتحدة من خلال مساهمتها في المواجهة ضد إيران، والعملية السلمية في الشرق الأوسط، إن هذه أسباب مهمة لتبرير العلاقة القوية مع المملكة، لكنها لا تبرر تسرع الإدارة في أسابيعها الأولى في تبني السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان". 

وينوه المسؤول السابق إلى أن الصحافي المخضرم بوب وودورد كشف في كتابه "غضب" كيف قام جارد كوشنر بدفع الأطراف المترددة في البنتاغون ومجلس الأمن القومي والخارجية للموافقة على زيارة ترامب الأولى للسعودية، مشيرا إلى أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي أتش آر ماكماستر، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، كانوا مع الحذر في بناء العلاقات.

ويفيد هايدن بأن "ما قام به ترامب في الرياض هو أنه رد على الاستقبال الباذخ بتبني محمد بن سلمان، ووقع على عقود ورقية لشراء السلاح، وشيطن إيران، وأقام كوشنر علاقة وطيدة مع محمد بن سلمان، لدرجة أن واشنطن لم تعين سفيرا لها في الرياض". 

ويبين الكاتب أن "مواقف إدارة ترامب من قتل خاشقجي حاولت في البداية الدفاع عن السعودية وصفقات السلاح قبل أن تبدأ بالتعبير عن القلق، ومن ثم إرسال مديرة (سي آي إيه) الحالية جينا هاسبل لأنقرة، في محاولة لإسكات تركيا ووقف التسريبات."

ويذهب هايدن إلى أن "الطريقة الوحيدة لإنقاذ العلاقات الأمريكية السعودية هي من خلال الحد من العلاقة مع ولي العهد السعودي، ومع أن أمريكا لا تختار ملك المستقبل، إلا أنها تستطيع تحديد كيفية التعامل معه، فلدى ولي العهد حزمة، فلو لم ينج من مؤامرات القصر، فإنه لن ينجو من ردة الفعل السلبية في واشنطن، خاصة مع رد الكونغرس، وربما المحاكم". 

 

ويشير المسؤول السابق إلى أن "السعودية كان لها ثلاثة أمراء في ولاية العهد في أقل من أربعة أعوام، فالملك سلمان أطاح بالأمير مقرن وعين مكانه الأمير محمد بن نايف، ليطيح به ويعين ابنه محمد مكانه". 

ويختم هايدن مقاله بالقول إن "ملوك السعودية السابقين كانوا إخوة من أبناء الملك عبد العزيز، وسيكون الملك المقبل من الجيل الثاني، ويجب ألا يكون محمد بن سلمان، وربما تقتضي عافية واستمرار العلاقات مع الولايات المتحدة ألا يكون".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)