مقابلات

إياد السامرائي يتناول خفايا وضع السُنة سياسيا بالعراق (ج1)

السامرائي قال إن ذهاب السنة للمقاومة وعزوفهم عن السياسة مكن الشيعة بالأجهزة الأمنية- أرشيفية
السامرائي قال إن ذهاب السنة للمقاومة وعزوفهم عن السياسة مكن الشيعة بالأجهزة الأمنية- أرشيفية

الكتل السياسية في العراق انقسمت رسميا إلى كتلتين وذلك أضعف الطائفية

 

لم يعد للسنة كتلة جامعة تجمعهم كما كان الأمر في الدورات الانتخابية السابقة

 

نخشى من استمرار تزوير الانتخابات فتتحول إلى مهزلة تنفر المواطنين

 

"المرجعية" لا تهيمن على القرار السياسي بالعراق وتأثيرها لا يتعدى الشيعة

 

لن يستمر وجود فصائل للحشد الشعبي على المدى البعيد وستنصهر بالدولة

 

ذهاب السنة للمقاومة وعزوفهم عن السياسة مكن الشيعة بالأجهزة الأمنية


قال الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي، إياد السامرائي، السبت، إن الكتل السياسية السنية ضاعت في الانتخابات الأخيرة، ولا يوجد من يمثلها حاليا، مؤكدا أن التزوير كان حقيقيا في الانتخابات.


وأضاف السامرائي في حوار مطول مع صحيفة "عربي21" أن "الإرادة السياسية قدمت استقرار العملية السياسية على سلامة الانتخابات رغم حقيقة التزوير".


ولفت إلى أن "الخشية الحقيقية أن هذه الممارسة ستستمر للانتخابات القادمة وبالتالي تتحول العملية السياسية في العراق إلى مهزلة ومزيد من نفور المواطنين تجاهها".


وبخصوص الصراع الإيراني الأمريكي في العراق قال السامرائي، إن "هناك صراعا أمريكيا إيرانيا، ورغم أن البعض ينظر له أنه قريب من هذا أو ذاك، إلا أن غالب القوى السياسية حريصة على أن لا يكون العراق ساحة لهذا الصراع وقد نقلت رسائل واضحة للطرفين".


وفي ما يأتي تفاصيل المقابلة في جزئها الأول:


كيف تقيمون الوضع السياسي الحالي، عقب إجراء الانتخابات البرلمانية في أيار/ مايو الماضي والتي شابها الكثير من الاتهامات بالتزوير والتلاعب، لكن النتائج بقيت على حالها بالرغم من استبدال مفوضية الانتخابات بقضاة منتدبين؟


على الرغم من أن الكتل السياسية استطاعت اختيار رئيس للجمهورية ومكلف برئاسة الوزراء ولكن تجد أن الوضع والمستقبل يشوبه الكثير من الاضطراب والغموض، ورسميا انقسمت الكتل السياسية إلى محورين: (البناء/الإصلاح).


وتوزع السنة بين هذين المحورين ولأول مرة لم يعد للسنة كتلة جامعة تجمعهم كما كان عليه الأمر في الدورات السابقة، رغم أن المسعى كان لبناء كتلة سنية قوية قبل عام ونصف على الانتخابات ولكن ذهب ذلك كله أدراج الرياح. 


الصورة الذهنية اليوم عند المواطن العراقي أن الكتلة السنية ضاعت وليس هناك من يمثلها حقيقة، وربما الإيجابية الوحيدة أن هذه الحالة أضعفت إلى حد بعيد الاستقطاب الطائفي، وإن كان الاستقطاب القومي بين العرب والقوميات الأخرى لا زال قائما ولكن القوميات وإن ظهرت بعض أحزابها قوية إلا أنها في موقف سياسي أضعف.


اتهامات التزوير في تقديري كانت حقيقية، ولكن الإرادة السياسية قدمت استقرار العملية السياسية على سلامتها، والخشية الحقيقية أن هذه الممارسة ستستمر للانتخابات القادمة وبالتالي تتحول العملية السياسية في العراق إلى مهزلة ومزيد من نفور المواطنين تجاهها.


إن وعي المواطن لم يرتق إلى القناعة بان الانصراف عن الانتخابات يعني ترسيخ الحالة السلبية، وإن معالجة التزوير لا يتحقق إلا عبر المشاركة الواسعة وبالتالي يضيع أثر التزوير، واليوم الكثير من الشخصيات الأكاديمية والكفوءة والتي لها وزنها في المجتمع تشعر بخيبة أمل من موقف الجمهور السلبي إذا ساواهم بالمرشحين الذين تثور حولهم الشبهات.


هل أنتم في الحزب الإسلامي راضون عن عدد المقاعد التي حصلتم عليها في البرلمان، وهل كانت ضمن توقعاتكم؟


عند مقارنة مجموع عدد الأصوات التي حصل عليها مرشحو الحزب وعدد المقاعد التي حصلنا عليها نجد أن الحزب أصابه حيف كبير، وكثير من المراكز التي مثلت ثقلا انتخابيا لنا تم تجاهلها ولم تنفع الشكاوى فيها، كما أن التنافس ضمن إطار التيار الإسلامي في ساحة انتخابية واحدة كان له تأثير سلبي آخر يضاف إلى كل هذا الثقل المادي الكبير الذي تمتعت به بعض الشخصيات وكثرة الكتل السنية وتشرذمها، وأستطيع القول أتت النتائج أقل بقليل من توقعاتنا.


محاولة الأطراف السياسية العراقية الاستجابة لتوجيهاتها المرجعية الدينية الشيعية في اختيار رؤساء السلطات الثلاثة العليا في البلد، هل يعني ذلك أن العراق مقبل على ترسيخ مفهوم الدولة الدينية بدلا من المدنية، ما تعليقكم على ذلك؟


أعتقد أن مفهوم الدولة الدينية بعيد جدا، وأن توجهات المرجعية الدينية لا ننسى أن التأثير للمرجعية لا يتعدى المكون الشيعي، ولكن كان للمرجعية أمام الكثير من الأوضاع السلبية مواقف إرشادية لأتباعها وهذا أمر تشكر عليه، ولا يمكن تفسير ذلك بمحاولة فرض هيمنة على القرار السياسي.


في ظل وجود أطراف سياسية شيعية تمتلك فصائل مسلحة تضاهي الأجهزة الأمنية الرسمية، تعدادا وتسليحا، هل بالإمكان الوصول لحالة من الديمقراطية الصحية والتداول السلمي للسلطة؟


الوجود المسلح في العراق ظهر بعد عام 2003، واختفت بعض فصائله وظهرت فصائل أخرى استنادا إلى التوجهات السياسية لتلك الفصائل، وغالب الوجود المسلح الشيعي اتخذ موقف المساندة للدولة في حربها على الإرهاب ونسبة تقارب 20 بالمائة‏ من الحشد الشعبي يمثل المكون السني وكله تحت قيادة الدولة على درجات من الالتزام بسلطة الدولة.

 

لا أعتقد أن هذا الوجود سوف يستمر على المدى البعيد لأنه سيتحول بشكل من الأشكال إلى جزء من أجهزة الدولة الأمنية، ولكن نعترف أن بعض هذه الفصائل تمارس دورا سياسيا خاصا بها وبعضها غير منضبط بشكل كامل وينعكس ذلك على علاقاتها بالمواطنين. 


نعم هذه مشكلة يعترف الجميع بوجودها وجدت في ظرف سيطرة "داعش" واستمرار وجودها لشعور البعض بالحاجة إليها، ولكن أعتقد أن الاستقرار سينعكس على مستقبل هذه الفصائل.


ما تعليقكم على التدخل الإيراني والأمريكي في صياغة المشهد السياسي والتواصل مع السياسيين بشكل مباشر لتشكيل الحكومة المقبلة، البعض يرجح تفوق اللاعب الإيراني على الأمريكي؟


 نعم هناك صراع أمريكي إيراني، ورغم أن البعض ينظر له أنه قريب من هذا أو ذاك إلا أن غالب القوى السياسية حريصة على أن لا يكون العراق ساحة لهذا الصراع وقد نقلت رسائل واضحة للطرفين وتلقت تأكيدات من الطرفين بتجنيب العراق ذلك، وغالب من تم اختيارهم يتمتعون بصداقة مع الطرفين وهذا هو الحل التوافقي الذي لا يستغني العراق عنه.


لو انتقلنا إلى الوضع السني في البلد، هل أنتم راضون عن التمثيل السني من ناحية عدد المقاعد التي حصل عليها المكون، وما أسباب العزوف الكبير الذي شهدته مناطق السنة، ولاسيما في بغداد التي تعتبر خلافا لغيرها أكثر أمنا واستقرارا؟


قطعا نحن غير راضين عن الوضع السني العام الذي يشهد حالة شرذمة فاقمتها التدخلات الخارجية فيه، والعزوف عن  المشاركة أسبابه كثيرة، وهو جزء من عزوف كثير من المواطنين عن الانتخابات، ولكن الظاهرة السنية أكبر، وأستطيع تلخيص ذلك بنقاط: 


•التوجه العام للمجتمع السني كان باتجاه المقاومة، ومناصرة للمقاومة ومساهمة في العملية السياسية محدودة.


•عزز هذا التوجه الدعايات البعثية وموقف هيئة علماء المسلمين، وترتب على هذا إعطاء الفرصة للمكون الشيعي أن يكون الأكثر عددا في الأجهزة الأمنية وتعرض المناطق السنية لحملات اعتقال واسعة.


•هنا طالب المكون السني من طبقته السياسية أن تحل له مشكلة ساهم هو فيها وهي العدد الضخم من المعتقلين.


•الإقصاء عن مواقع القرار الأمني والوظيفي، والنظر إليه متهما بالإرهاب.


•وقد استغلت هذه الحالة أطراف سياسة من مكونات أخرى لمزيد فرض نفوذ وسلطة على الأرض متهمة البيئة السنية على أنها حاضنة للإرهاب.


•لم تستطع القوى السنية معالجة هذه الإشكالات، حاولت جبهة التوافق أولا، ثم حاول تحالف القائمة العراقية ثانيا تغيير الوضع دون جدوى، ومارست الضغط السياسي مرة والاعتصامات ومقاطعة الحكومة مرات أخرى، وكل ذلك لم يجد لقد كان يحتاج إلى تغييرات نفسية وصبر سياسي طويل وكلاهما لم يتوفرا، فازداد الوضع سوءا.


•المكون السني يشعر أن الطبقة السياسية لم تستطع إنجاز ما كان ينبغي لها إنجازه والطبقة السياسية تشعر أن المجتمع لم يقف معها بالقوة الكافية فكيف تعالج المشاكل إذا لم يعطها المجتمع القوة الكافية لأداء دورها.


•خلال هذه الفترة ظهر مجموعة من النواب أسميهم نواب الخدمات والذين انصب اهتمامهم على تقديم الخدمات لشريحة مناطقية أو عشائرية كافية لتوصله إلى البرلمان، فأصبحت هذه الشريحة هي الأظهر على حساب أولئك الذين يمثلون توجهات فكرية وأصحاب رؤى وطنية. 

التعليقات (0)

خبر عاجل