ملفات وتقارير

هكذا تصطدم رؤية ابن سلمان الاقتصادية بطموحات السيسي

رؤية ابن سلمان تهدد بتقليص أعداد الوافدين المصريين في السعودية- الإخبارية
رؤية ابن سلمان تهدد بتقليص أعداد الوافدين المصريين في السعودية- الإخبارية

توقع خبراء اقتصاد ومحللون أن تصطدم أجندة السعودية الاقتصادية الجديدة، التي يتبناها الأمير محمد بن سلمان، بأجندة مصر الاقتصادية، وهو ما أكدته وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في عددها الصادر الثلاثاء، وحذرت من تداعياته على نمو الاقتصاد في مصر.

وأوضحت الوكالة الأمريكية في تقرير لها أن برنامج الإصلاحات الخاص بالسعودية يقضي بتقليص حجم النفقات والمنح والهبات، والمضي قدما في "السعودة" من خلال فرض قوانين صارمة في سوق العمالة لتعزيز فرص توظيف مواطنيها بدلا من العمالة الأجنبية، ما يعني إجبار الآلاف من العمالة المصرية على مغادرة المملكة.

ويمثل المصريون نسبة كبيرة من الوافدين في السعودية، ويوجد بها 2.9 مليون مصري، يقومون بتحويل مليارات الدولارات سنويا لمصر التي تعد مصدرا هاما للعملة الأجنبية واستقرار الاقتصاد المحلي، إذ إن أكثر من 70% من تحويلات المصريين قادمة من دول الخليج ونحو 40% منها قادمة من السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار تقريبا سنويا.

وألغت مصر ثلاثة مزادات أذون خزانة على التوالي، آخرها الاثنين، بعدما طلب المستثمرون عائدات وصفتها الحكومة المصرية بـأنها "غير واقعية".

تعويم الجنية مرة ثانية

وقال الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، لـ"عربي21": "إن قضية السعودة ستؤدي إلى عودة الكثير من المصريين إلى مصر؛ وهذا سيضغط بقوة على سوق العمل، وسيضخم من ظاهرة البطالة، خاصة أن الفئات التي ستعود هي من الفئات المهنية والحرفية المحترفة".

وفي ما بتعلق بخفض المنح والهبات، أكد أن "جزءا كبيرا من الدعم لمصر كان يأتي عبر هبات ومنح وودائع بدون فوائد من السعودية، وفترة سماح طويلة، ولكن هذا الأمر لن يستمر كثيرا، فسوف تفاجأ مصر بأنها مضطرة للجوء إلى الأسواق الخارجية بأسعار فائد كبيرة ما سيؤثر على المديونية الخارجية وزيادة تكلفة خدمة الدين في مصر".

ورأى أن مصر باتت أمام خيارين للتعامل مع إجراءت ابن سلمان الاقتصادية الأخيرة لأن خفض أسعار الفائدة دفع المستثمرين إلى الهروب إلى دول أخرى ارتفعت فيها الفائدة إلى أسعار أعلى؛ وبالتالي فقد أصبح من الصعب عودتهم مرة أخرى بدون إعادة رفع أسعار الفائدة مجددا، فليس أمام السيسي سوى خيارين إما الاستدانة من الخارج، أو إعادة تعويم الجنيه مرة أخرى؛ من خلال رفع أسعار الدولار في البنوك أمام الجنيه".

نتائج حتمية


المستشار السياسي والاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، أكد أن "منظومة الإصلاحات الاقتصاديه التي دخلت حيز التطبيق في السعودية كجزء من رؤية 2030 أصبحت واقعا لا يمكن تجنبه، خاصة بعد أن باتت المملكة الغنية تعاني من ضائقة اقتصادية واضحة، ما اضطرها للتوقيع على أول قرض في تاريخها الحديث بقيمة 11 مليار دولار"، مشيرا إلى أن "ذلك سينال من المنظومة الاقتصادية المتهالكة وغير المنتجة في مصر، و المعتمدة أساسا على القروض والإعانات والتحويلات".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: هل تتحول رؤية ابن سلمان لسراب؟

وقال لـ"عربي21": "التقارير تشير إلى أن معدل العمالة الأجنبية في السعودية قد نقص في الربع الأول من 2018 نتيجة لسياسات السعودة، وتحتل العمالة المصرية المركز الأول في عملية الإحلال، ولا شك في أن عودة العمالة المصرية في ظل نسبة البطالة سيكون له تأثير سيئ جدا على منظومة الاقتصاد المصري".

وبشأن البدائل المتاحة، قال إن "حكومة السيسي سوف تحاول إيجاد بدائل لغياب دعم السعودية بالبحث عن قروض جديدة بشروط أكثر إجحافا من قرض صندوق النقد، أو ستستمر في طرح أصول الشركات المصرية للبيع في البورصات العالمية وكلها سياسات تورط أجيالا قادمة من المصريين وتقف حائلا بينهم وبين الحق في حياة كريمة".

قصور نظام السيسي

وعلق الأكاديمي والمحلل السياسي، محمود الزواوي، بالقول: "المشكلة لا تكمن في الإجراءات الاقتصادية السعودية بقدر ما هي مشكلة مصرية في ما يتعلق بخلق الوظائف وجذب الاستثمارات الأجنبية؛ حيث إن نظام السيسي فشل في كل محاولاته السابقة في جذب الاستثمارات الخارجية بعدما أنفق على عدد من المؤتمرات التي كانت تهدف إلى ذلك".

وأضاف لـ"عربي21" أن "السبب يكمن في البيئة السياسية والقانونية الحالية والتي تجعل أي مستثمر لا يأمن على استثماراته في ظل وجود نظام يستخدم مؤسسات الدولة مثل القضاء كأداة للقمع السياسي. ومن ثم فإن عملية مصادرة أموال النشطاء في المعارضة المصرية على سبيل المثال، والأحكام الجماعية بالإعدام على أعضاء من الإخوان المسلمين، وترهيب رجال الأعمال غير الموالين للنظام، كله يعطي مؤشرات سلبية للمستثمر الأجنبي".

 

اقرأ أيضا: بزنس إنسايدر: بعد 9 أشهر.. أين وصلت مغامرة ابن سلمان؟

وتابع: "من الواضح أنه لا توجد خطة اقتصادية متكاملة للنظام الحالي الذي يتسم بالشمولية والفردية في عملية اتخاذ القرارات، بعد قمع كل أحزاب المعارضة وعدم وجود أدنى مساءلة برلمانية له، وبالتالي فإن الإجراءات السعودية، وهي كانت متوقعة منذ فترة بعد تقارير بنضوب النفط في غضون سنوات، تعد مشكلات إضافية للنظام، فيما تظل المعضلة الأكبر له اقتصاديا هي المناخ السياسي القمعي الطارد للاستثمار".

التعليقات (0)